Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 77, Ayat: 16-37)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله عز وجل : { أَلَمْ نُهْلِكِ ٱلأَوَّلِينَ * ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ ٱلأَخِرِينَ … } الآية ، قرأ الجمهور : « نُتْبِعُهُمُ » ـــ بضم العين ـــ على استئناف الخبر ، ورُوِيَ عن أبي عمرو : « نُتْبِعْهُمُ » بجزم العين ؛ عطفاً على « نهلك » وهي قراءة الأعرج ، فَمَنْ قرأ الأولى جعل الأولين الأُمَمَ التي تقدمت قريشاً بأجمعها ، ثم أخبر أَنَّهُ يتبع الآخرين من قريش وغيرهم سنن أولٰئك إذا كفروا وسلكوا سبيلهم ، ومَنْ قرأ الثانية جعل الأَوَّلِينَ قومَ نوحٍ وإبراهيمَ ومَنْ كان معهم ، والآخرين قوم فرعونَ وكُلَّ مَنْ تأخَّرَ وقَرُبَ من مُدَّةِ النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال : { كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ } أي : في المستقبل ، فيدخل هنا قريش وغيرها ، وأَمَّا تكرار قوله تعالى : { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } في هذه السورة فقيل : ذلك لمعنى التأكيد فقط ، وقيل : بل في كل آية منها ما يقتضي التصديقَ ، فجاء الوعيد على التكذيب بذلك الذي في الآية ، والماء المهين : معناه الضعيف ، والقرار المكين : الرَّحِمُ وبَطْنُ المرأة ، والقدر المعلوم : هو وقت الولادة [ ومعناه ] معلوم عند اللَّه ، وقرأ نافع والكسائيُّ : « فَقَدَّرْنَا » ـــ بتشديد الدال ـــ ، والباقون بتخفيفها ، وهما بمعنى من القدرة والقدر ومن التقدير والتوقيت . * ت * : وفي كلام * ع * : تلفيف ، وقال غيره : فَقَدَّرْنَا بالتشديد من التقدير وبالتخفيف من القدرة ، وهو حسن . وقوله : { ٱلْقَـٰدِرُونَ } يُرَجِّحُ قراءة الجماعة إلاَّ أَنَّ ابن مسعود رَوَى عنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ فَسَّرَ « القادرون » بالمقدرين ، والكِفَاتُ : الستر والوعاء الجامع للشيء بإجماع ؛ تقول : كفت الرجلُ شعره إذا جمعه بخرقة ، والأرضُ تكفت الأحياءَ على ظهرها ، وتكفِتُ الأموات في بطنها ، وخَرَجَ الشَّعْبِيُّ إلى جنازة فنظر إلى الجبَّانة فقال : هذه كفات الموتى ، ثم نظر إلى البيوت فقال : وهذه كفات الأحياء . قال * ع * : ولما كان القبر كفاتاً كالبيت ، قُطِعَ من سَرَقَ منه ، والرواسي : الجبال ، والشوامخ : المرتفعة ، والفرات : الصافي العَذْبُ ، والضمير في قوله : { ٱنطَلِقُواْ } هو للمُكَذِّبِينَ الذين لهم الويل ، ثم بَيَّنَ المُنْطَلَقَ إليه ؛ قال عطاء : الظل الذي له ثلاث شعب هو دُخَانُ جهنم ، وقال ابن عباس : هذه المخاطبة تقال يومئذ لِعَبَدَةِ الصليب إذا اتَّبَعَ كُلُّ أحد ما كان يعبد ، فيكون المؤمنون في ظل اللَّه ولا ظل إلاَّ ظله ، ويقال لعَبَدَةِ الصليب : انطلقوا إلى ظِلِّ معبودكم ، وهو الصليب له ثلاث شعب ، ثم نفى تعالى عنه محاسن الظل ، والضميرُ في { إِنَّهَا } لجهنم { تَرْمِى بِشَرَرٍ كَٱلْقَصْرِ } أي : مثل القصور من البنيان ؛ قاله ابن عباس وجماعة من المفسرين ، وقال ابن عباس أيضاً : القصر خشب كُنَّا في الجاهلية نَدَّخِرُه للشتاء ، وقرأ ابن عباس : « كالْقَصَر » ـــ بفتح الصاد ـــ جمع قَصَرَةِ وهي أعناق النخل والإبل ، وقال ابن عباس : جذور النخل ، واخْتُلِفَ في الجَمَالاَتِ : فقال جمهور من المفسرين : هي جمع جِمَالٍ ؛ كرجال ورِجالات ، وقال آخرون : أراد بالصُّفْرِ السود ، وقال جمهور الناس : بل الصفر : الفاقعة ؛ لأَنَّها أشبه بلون الشَّرَرِ ، وقال ابن عباس : الجمالات : حبال السفن ، وهي الحبال العظام إذا جُمِعَتْ مستديرةً بعضها إلى بعض ، وقرأ ابن عباس : « جُمَالَةً » ـــ بضم الجيم ـــ من الجملة لا من الجمل ، ثم خاطب تعالى نبيه ـــ عليه السلام ـــ بقوله : { هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ … } الآية ، وهذا في موطنٍ خاص إذ يومُ القيامَة هو مواطِنُ .