Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 78, Ayat: 8-23)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَخَلَقْنَـٰكُمْ أَزْوٰجاً } أي : أنواعاً ، والسُّبَاتُ : السُّكُونُ ، وسَبَتَ الرجلُ : معناه استراحَ ، ورُوِّينَا في « سنن أبي داودَ » عن معاذِ بن جبلٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَبِيتُ عَلَى ذِكْرِ [ اللَّهِ ] طَاهِراً فَيَتَعَارُّ مِنَ الليلِ ، فَيَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى خَيْراً مِنْ أمُورِ الدنيا والآخِرَةِ إلاَّ أعطَاهُ اللَّه إياه " ؛ ورَوَى أبو داودَ عن بعضِ آلِ أم سلمةَ قال : كان فراشُ النبي صلى الله عليه وسلم نحواً مِمَّا يوضَعُ الإنْسَانُ في قبره ، وكانَ المسجدُ عِنْدَ رأْسِهِ ، انتهى ، و { لِبَاساً } مصدرٌ ، وكأنَّ الليلَ كذلكَ مِنْ حيثُ يَغْشَى الأشْخَاصَ ، فهي تَلْبِسُه وَتتدَرَعُه ، و { ٱلنَّهَارَ مَعَاشاً } على حذفِ مضافٍ ، أو على النَّسَبِ ، والسبعُ الشدادُ : السمواتُ ، والسراجُ : الشمسُ ، والوهَّاج : الحارُّ المضْطَرِمُ الاتِّقادِ المُتَعَالِي اللهبِ ، قالَ ابن عباس وغيره : { ٱلْمُعْصِرَاتِ } السحائب القاطِرة ، وهو مَأْخوذٌ مِن العَصْرِ ؛ لأن السَحابَ يَنْعَصِرُ فيخرج منه الماءُ ، وهذا قول الجمهور ، والثَّجَاج : السريعُ الاندفاعِ ، كما يَنْدَفِع الدمُ مِنْ عروقِ الذبيحةِ ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم " وَقَدْ قِيلَ له ما أفْضَلُ الحَجِّ ؟ فقال : « العَجُّ والثَجُّ » " أرادَ التَّضَرّعُ إلى اللَّهِ تعالى بالدعاءِ الجَهيرِ ، وذَبْحِ الهَدْيِ ، و { أَلْفَافاً } أي : مُلْتَفَّةَ الأغْصَانِ والأوراقِ ، و { يَوْمَ ٱلْفَصْلِ } هُو يوم القيامةِ ، والأفواجُ : الجماعاتُ ، يتلو بعضُها بعضاً ، « وفُتِحَتِ السماء » بتشديد التَّاء قراءةُ نافعٍ وأبي عمرٍو وابن كثير وابن عامر ، والباقون دون تشديد . وقوله تعالى : { فَكَانَتْ أَبْوٰباً } قيل معناه : تَتَشَقَّقُ حتَى يكونَ فيها فُتُوحٌ كالأَبوابِ في الجدرات ، وقيل : إنها تتقطعُ السماء قِطَعاً صغاراً حتى تكونَ كألواح الأَبواب ، والقولُ الأول أحسَنُ ، وقد قال بعض أهل العلم : تَنْفَتِح في السماء أبواب للملائِكَةِ من حيثُ ينزلونَ ويصعَدون . وقوله تعالى : { فَكَانَتْ سَرَاباً } عبارةٌ عَنْ تَلاشِيها بعد كونها هباءً مُنْبَثًّا ، و { مِرْصَاداً } : مَوْضع الرصدِ ، وقيل : { مِرْصَاداً } بمعنى رَاصِدٍ ، والأحقاب : جمع حُقُبٍ وهي المدةُ الطويلةُ من الدهر غيرَ محدودة ، وقال ابن عباس وابن عمر الحُقْبُ : ثمانونَ سنةٍ . وقال أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ثلاثون ألفَ سَنَة ، وقد أكثر الناسُ في هذا ، واللازمُ أنّ اللَّه تعالى أخبرَ عن الكفارِ أنهم يلبثُونَ أحْقَاباً ، كلما مَرَّ حُقْبٌ جَاءَ غيره إلى غير نهاية ، نجانا اللَّه من سَخَطِه ، قال الحسنُ : ليسَ للأحْقَابِ عِدَّةٌ إلا الخلودُ في النار .