Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 12-13)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَـٰنَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ … } الآية ، ويليق هنا ذكْرُ شيء مِنْ حُكْمٍ طعن الذميِّ في الدِّين ، والمشهورُ من مذْهَب مالِكٍ : أنه إِذا فعل شيئاً من ذلك ؛ مِثْلُ تكذيبِ الشريعة ، وسبِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قُتِلَ . وقوله سبحانه : { فَقَـٰتِلُواْ أَئِمَّةَ ٱلْكُفْرِ } ، أي : رؤوسهم وأعيانهم الذين يقودُونَ الناس إِليه ، وأصوبُ ما يقال في هذه الآية : أنه لا يُعْنَى بها معيَّنٌ وإِنما وَقَعَ الأمر بقتال أئمة الناكثين للعهود من الكَفَرةِ إِلَى يوم القيامة ، وٱقتَضَتْ حالُ كفَّار العرب ومحارِبي النبيِّ صلى الله عليه وسلم ؛ أَن تكون الإِشارة إِليهم أَولاً ، ثم كُلُّ مَنْ دَفَعَ في صدر الشريعة إِلى يوم القيامة فهو بمنزلتهم . وقرأ الجمهور : « لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ » ( جَمْع يمين ) ، أي : لا أيمان لهم يُوفَى بها وتُبَرُّ ، وهذا المعنَى يشبه الآيةَ ، وقرأ ابن عامر وحده من السبعة : « لا إِيمَانَ لَهُمْ » ، وهذا يحتملُ وجهين : أحدهما : لا تصديقَ لهم ، قال أبو عَليٍّ : وهذا غَيْرُ قويٍّ ؛ لأنه تكريرٌ ، وذلك أنه وَصَفَ أَئمَّة الكُفْرِ بأنهم لا إِيمان لهم ، والوجْه في كَسْر الألفِ أَنَّه مصْدَرٌ من آمَنْتُهُ إِيماناً ؛ ومنه قوله تعالى : { وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ } [ قريش : 4 ] فالمعنى : أنهم لاَ يُؤَمَّنُونَ كما يُؤَمَّنُ أَهْلُ الذمَّة الكتابيُّون ؛ إِذ المشركون ليس لهم إِلا الإِسلام أو السَّيْفَ ، قال أبو حاتمْ : فَسَّر الحَسَنُ قراءته : لا إِسلام لهم . قال * ع * : والتكريرُ الذي فَرَّ أبو عَلِيٍّ منه متَّجِهٌ ، لأنه بيانُ المهمِّ الذي يوجبُ قَتْلهم . وقوله عز وجل : { أَلاَ تُقَـٰتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُواْ أَيْمَـٰنَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ ٱلرَّسُولِ … } الآية : « ألا » : عَرْضٌ وتحضيضٌ ، قال الحسن : والمراد بـــ { إِخْرَاجٍ ٱلرَّسُولِ } : إخراجُه من المدينة ، وهذا مستقيمٌ ؛ كغزوة أُحُدٍ والأحزاب . وقال السديُّ : المرادُ مِنْ مَكَّة . وقوله سبحانه : { وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } ، قيل : يراد أفعالهم بمكَّة بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وبالمؤمنين . وقال مجاهدٌ : يراد به ما بَدَأَتْ به قريشٌ مِنْ معونة بني بَكْر حلفائِهِمْ ، على خُزَاعَةَ حلفاءِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فكان هذا بَدْءَ النقْض . وقال الطبريُّ : يعني فعْلَهم يَوْمَ بدر . قال الفَخْر : قال ابن إِسحاق والسُّدِّيُّ والكَلَبِيُّ : نزلَتْ هذه الآية في كفَّار مَكَّة ؛ نكثوا أيمانهم بعد عَهْدِ الحديبية ، وأعانوا بني بَكْر عَلَى خُزَاعة . انتهى . وقوله سبحانه : { أَتَخْشَوْنَهُمْ } : ٱستفهامٌ على معنى التقرير والتوبيخ ، { فَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ } ، أي : كَامِلِي الإِيمان .