Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 1-2)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { بَرَاءَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُّمْ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } ، التقدير : هذه الآيةُ براءَةٌ ، ويصحُّ أن يرتفع « براءَةٌ » ؛ بالابتداء ، والخَبَرُ في قوله : { إِلَى ٱلَّذِينَ } . و { بَرَاءَةٌ } معناه : تَخَلَّصٌ وتَبَرٍّ من العهود التي بَيْنَكم ، وبَيْنَ الكفَّار البادئين بالنَّقْض . قال ابن العَرَبِّي في « أحكامه » : تقول : بَرَأْتُ مِنَ الشَّيْءِ أَبْرَأُ بَرَاءَةً ، فأنا مِنْه بَرِيءٌ ؛ إِذا أنزلْتَهُ عن نَفْسكَ ، وقطَعْتَ سبَبَ ما بينك وبَيْنه . انتهى . ومعنى السياحة في الأرض : الذَّهَاب فيها مسرحين آمنين ؛ كالسَّيْح من الماء ، وهو الجاري المنبسطُ ؛ قال الضَّحَّاك ، وغيره من العلماء : كان من العرب مَنْ لا عَهْدَ بينه وبَيْن النبيِّ صلى الله عليه وسلم جملةً ، وكان منهم مَنْ بينه وبينهم عهدٌ ، وتحُسسَ منهم نَقْضٌ ، وكان منهم مَنْ بينه وبينهم عهدٌ ولم ينقضوا ، فقوله : { فَسِيحُواْ فِي ٱلأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ } هو أَجَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهِ لِمَنْ كان بينه وبينهم عهد ، وتحسَّس منهم نقْضَهُ ، وأول هذا الأجَلِ يومُ الأذان ، وَآخره ٱنقضاءُ العَشْر الأُوَل مِنْ رَبيعٍ الآخِرِ ، وقوله سبحانه : { فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلأَشْهُرُ ٱلْحُرُمُ فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ } [ التوبة : 5 ] حُكْمٌ مباينٌ للأوَّل ، حَكَمَ به في المشركين الذي لا عَهْدَ لهم ألبتة ، فجاء أَجَلُ تأمينهم خمسين يوماً ، أوَّلها يومُ الأذانِ ، وآخرها ٱنقضاء المُحَرَّم . وقوله : { إِلَى ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُّم } ، يريد به الذين لَهُمْ عهدٌ ، ولم ينقضوا ، ولا تُحُسِّسِ منهم نَقْضٌ ، وهم فيما روي بَنُو ضَمْرَةَ من كِنَانَة ، كان بَقِيَ مِنْ عهدهم يومَ الأذان تِسْعَةُ أشهرٍ . وقوله عز وجل : { وَٱعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي ٱللَّهِ } ، أي : لا تفلتون اللَّه ، ولا تعجزونه هَرَباً .