Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 3-4)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله : { وَأَذَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ … } الآية : أي : إِعلامٌ ، و { يَوْمَ ٱلْحَجِّ ٱلأَكْبَرِ } قال عمر وغيره : هو يَوْمُ عَرَفَة ، وقال أبو هريرة وجماعة : هو يوم النَّحْر ، وتظاهرتِ الرواياتُ ؛ أن عليًّا أَذَّنَ بهذه الآياتِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِثْرَ خُطْبة أبي بَكْر ، ثم رأَى أَنه لم يعمَّ الناس بٱلاستماعِ ، فتتبَّعهم بالأذانِ بها يوم النَّحْر ، وفي ذلك اليَوْمِ بَعثَ أبو بَكْرٍ مَنْ يعينه في الأذَانِ بها ؛ كَأَبِي هُرَيْرَة وغيره ، وتتَّبعوا بها أيضاً أسْوَاقَ العَرَب ، كَذِي المَجَازِ وغيره ؛ وهذا هو سبب الخلاف ، فقالتْ طائفةٌ : يَوْمُ الحَجِّ الأَكْبَر : عرفَةُ ؛ حيث وقع أَوَّلُ الأذان . وقالتْ أُخْرَى : هو يومُ النَّحْرِ ؛ حيث وقع إِكمال الأذَان . وقال سفيان بن عُيَيْنَة : المراد باليَوْمِ أيامُ الحجِّ كلُّها ؛ كما تقول : يَوْمُ صفِّينَ ، وَيَوْمُ الجَمَلِ ؛ ويتجه أن يوصَفُ بـــ « الأَكبر » ؛ علَى جهة المدحِ ، لا بالإِضافة إِلَى أصْغِرَ معيَّنٍ ، بل يكون المعنى : الأكبر مِنْ سائر الأيام ، فتأمَّله . واختصار ما تحتاجُ إِلَيْهِ هذه الآيةُ ؛ على ما ذكَرَ مجاهد وغيره مِنْ صورة تلك الحال : أنَّ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ٱفتَتَحَ مكَّة سنةَ ثمانٍ ، فٱستعْمَلَ عليها عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ ، وقضَىٰ أَمْرَ حُنَيْنٍ والطائِفِ ، وٱنصرف إِلى المدينة ، فأقام بها حتَّى خرج إِلى تَبُوكَ ، ثم انصرفَ مِنْ تَبُوكَ في رَمَضَانَ سَنَةَ تسْعٍ ، فأَراد الحَجَّ ، ثم نظر في أَنَّ المشرِكِينِ يَحُجُّون في تلْكَ السَّنَة ، ويَطُوفون عُرَاةً ، فقال : لا أريدُ أنْ أَرَى ذلك ، فأمر أبا بَكْرٍ على الحَجِّ بالناس ، وأنفَذَهُ ، ثم أَتْبَعَهُ عليَّ بن أبي طالب رضي اللَّه عنه علَى ناقتِهِ العَضْبَاءِ ، وأمره أنْ يؤذِّن في النَّاس بأربعين آيةً : صَدْرُ سورةِ « بَرَاءَة » ، وقيل : ثَلاَثِينَ ، وقيل : عشرين ، وفي بعض الروايات : عَشْر آيات ، وفي بعضها : تسع آيات ، وأمره أن يُؤْذِنَ الناسَ بأربعةِ أشياء ، وهي : أَلاَّ يحجَّ بعد العام مُشْرِكٌ ، ولا يدخُلَ الجَنَّة إِلا نَفْسٌ مؤمنةٌ ، وفي بعض الروايات : ولا يَدْخُلَ الجَنَّةَ كَافرٌ ، ولا يَطُوفَ بالبَيْتِ عُرْيَانٌ ، ومَنْ كان له عنْدَ رَسُولِ اللَّهِ عهْدٌ ، فهو إِلى مدَّته ، وفي بعض الروايات : ومَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّه عَهْدٌ ، فأجله أربعةُ أَشهُرٍ يسيحُ فيها ، فإِذا ٱنْقَضَتْ ، فإِن اللَّه بَرِيءٌ مِنَ المُشْرِكِينَ وَرَسُولَهِ . قال * ع * : وأقول : إنهم كانوا ينادُونَ بهذا كلِّه ، فأربعةُ أشهر ؛ للذين لهم عَهْدٌ وتُحُسِّسَ منهم نقضُهُ ، والإِبقاء إِلى المدَّة لمن لم يخبر منه نقضٌ ، وذكر الطبريُّ أن العرب قالت يومئذٍ : نَحْنُ نَبرأُ مِنْ عهدك ، ثم لام بعضُهُمْ بعضاً ، وقالوا : ما تَصْنَعُونَ ، وقد أسلَمَتْ قريشٌ ؟ فأسلموا كلُّهم ، ولم يَسِحْ أحد . قال * ع * : وحينئذٍ دخل الناس في دين اللَّه أفواجاً . وقوله سبحانه : { أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ } أي : ورسولُهُ بريءٌ منهم . وقوله : { فَإِن تُبْتُمْ } ، أي : عن الكُفْر . وقوله سبحانه : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ عَـٰهَدتُّم مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَـٰهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَىٰ مُدَّتِهِمْ } ، هذا هو الاستثناءُ الذي تقدَّم ذكْره ، وقرأ عكرمة وغيره : « ينْقُضُوكُمْ » - بالضاد المعجمة - ، و { يُظَـٰهِرُواْ } : معناه : يعاونوا ، والظَّهيرُ : المُعِينُ . وقوله : { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَّقِينَ } : تنبيهٌ على أنَّ الوفاء بالعَهْد من التقوَى .