Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 28-29)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله عز وجل : { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ } ، قال ابن عباس وغيره : معنى الشِّرْكَ هو الذي نَجَّسهم ؛ كنجاسة الخَمْر ، ونصَّ اللَّه سبحانه في هذه الآية على المُشْرِكِينَ ، وعلى المَسْجِد الحرام ، فقاسَ مالكٌ رحمه اللَّه وغيره جَميعَ الكُفَّار من أهْلِ الكتاب وغيرهم ؛ على المشركين ، وقَاسَ سائرَ المساجِدِ على المَسْجِدِ الحرامِ ، وَمَنَعَ مِنْ دخولِ الجميعِ في جميعِ المساجدِ ، وقوَّةُ قوله سبحانه : { فَلاَ يَقْرَبُواْ } يقتضي أمْرَ المسلمين بمَنْعهم . وقوله : { بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا } ، يريد : بعد عامِ تِسْعٍ من الهجرة ، وهو عَامُ حَجَّ أبو بَكْرٍ بالنَّاس . وقوله سبحانه : { وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً } ، أي : فقْراً ، { فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } ، وكان المسلمون ، لَمَّا مُنِعَ المشركون من المَوْسِم ، وهم كانوا يجلبون الأطعمةَ والتجاراتِ ، قَذَفَ الشيطان في نفوسهم الخَوْفَ من الفَقْر ، وقالوا : مِنْ أيْنَ نعيش ؟ فوعَدَهم اللَّه سبحانه بأنْ يغنيهم مِنْ فَضْله ، فكان الأمر كما وعد اللَّه سبحانه ، فأسلَمَتِ العربُ ، فتمادَى حجُّهم وتَجْرُهم ، وأغنى اللَّه من فضله بالجهادِ والظهورِ على الأُمَمِ . وقوله سبحانه : { قَـٰتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلأَخِرِ … } الآية : هذه الآيةُ تضمَّنت قتالَ أهْلَ الكتاب ، قال مجاهد : وعند نزول هذه الآية أخَذَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في غَزْوَ الرُّومِ ، ومشَى نحو تَبُوكَ ، ونفَى سبحانه عن أَهل الكتاب الإِيمان باللَّه واليوم الآخر ؛ حيث تركوا شَرْعَ الإِسلام ؛ وأَيضاً فكانَتِ ٱعتقاداتهم غيْرَ مستقيمةٍ ، لأنهم تشعّبوا ، وقالوا عُزَيْرٌ ٱبْنُ اللَّهِ ، واللَّهُ ثالِثُ ثلاثةٍ ، وغَيْرَ ذلك ؛ ولهم أيضاً في البعث آراءٌ فاسدةٌ ؛ كشراءِ منازِلِ الجنَّة من الرُّهْبَانِ ؛ إِلى غير ذلك من الهَذَيان ، { وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ ٱلْحَقِّ } ، أي : لا يطيعون ، ولا يمتثلون ؛ ومنْه قولُ عائشة : « مَا عَقَلْتُ أَبَوَيَّ إِلاَّ وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ » ، والدِّينُ هنا : الشريعةُ ، قال ابن القاسِمِ وأشْهَبُ وسَحْنُون : وتؤخذ الجزيةُ منْ مجوس العربِ والأمم كلِّها ، وأما عَبَدة الأَوثان والنِّيران وغيرِ ذلك ، فجمهور العلماء على قبولِ الجزيةِ منهم ، وهو قولُ مالكٍ في « المدوَّنة » . وقال الشافعيُّ وأبو ثور : لا تؤخذ الجزيةُ إِلا مِنَ اليهودِ والنصارَى والمجوسِ فقطْ ، وأما قَدْرها في مذْهَب مالك وغيره ، فأربعةُ دنَانِير عَلَى أهْلِ الذَّهَبِ ، وأربعون درْهماً عَلَى أَهْل الفضَّة ، وهذا في العَنْوة ، وأما الصُّلْح ، فهو ما صالحوا عَلَيْه ، قليلٌ أو كثيرٌ . وقوله : { عَن يَدٍ } يحتمل وجوهاً : منها : أنْ يريد عن قُوَّة منكم عليهم ، وقَهْرٍ ، واليدُ في كلام العرب : القُوَّة . ومنها : أَنْ يريد سَوْقَ الذِّميِّ لها بِيَدِهِ ، لا أنْ يبعثها معَ رَسُولٍ ؛ ليكون في ذلك إِذلالٌ لهم . ومنها : أنْ يريد نَقْدَهَا ناجزاً ، تقول : بِعْتُهُ يَداً بِيَدٍ ، أي : لا يؤخِّروا بها . ومنها : أنْ يريد عن ٱستسلامٍ ، يقال : أَلْقَى فلانٌ بيده ، إِذَا عَجَز واستسلم .