Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 30-33)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ } : الذي كثر في كُتُب أهْل العلم ؛ أنَّ فرقةً من اليهود قالَتْ هذه المقالة وروي أنه قالها نَفَرٌ يسير منهم فِنحْاص وغيره ، قال النَّقَّاش : ولم يبق الآن يهودي يقولها ، بل انقرضوا . قال * ع * : فإِذا قالها ولو واحدٌ من رُؤسَائهم ، توجَّهت شنعة المقالة علَى جماعتهم ، وحكَى الطبريُّ وغيره ؛ أن بني إِسرائيل أصابتهم فتن وجلاء ، وقيل : مَرَض ، وأذهب اللَّه عنهم التَّوْراة في ذلك ، ونَسُوها ، وكان علماؤهم قد دَفَنُوها أول ما أحسُّوا بذلك البلاء ، فلما طالَتْ المدة ، فُقِدَت التوراة جملةً ، فحفَّظها اللَّهُ عُزَيْراً ؛ كرامةً منه له ، فقال لبني إِسرائيل : إِن اللَّهَ قد حفَّظني التوراةَ ، فجعلوا يَدْرُسُونها من عنْده ، ثم إِن التوراة المدْفُونَة وِجِدَتْ ، فإِذا هي مساويةٌ لما كان عَزَيْرٌ يدرِّس ، فضَلُّوا عند ذلك ، وقالوا : إِن هذا لم يتهيَّأْ لعُزَيْرٍ إِلاَ وهو ابن اللَّه ، نعوذُ باللَّه من الضَّلال . وقوله : { بِأَفْوَٰهِهِمْ } ، أي : بمجرَّد الدعوَى من غير حُجَّة ولا برهان ، و { يُضَـٰهِئُونَ } ، قراءةُ الجماعة ، ومعناه : يحاكُون ويماثلون ، والإشارة بقوله : { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ } : إِما لمشركي العرب ؛ إِذ قالوا : الملائكة بناتُ اللَّهِ ؛ قاله الضَّحَّاك ، وإِما لأممٍ سالفةٍ قبلها ، وإِما للصَّدْر الأول من كَفَرة اليهودِ والنَصَارَى ، ويكون { يُضَـٰهِئُونَ } لمعاصرِي النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وإِن كان الضمير في { يُضَـٰهِئُونَ } للنصارَى فقطْ ، كانت الإِشارة بـــ { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ } إلى اليهود ؛ وعلى هذا فسَّر الطبريُّ ، وحكاه غيره عن قتادة . وقوله : { قَـٰتَلَهُمُ ٱللَّهُ } : دعاءٌ عليهم عامٌّ لأنواع الشَّر ، وعن ابن عباس ؛ أن المعنَى : لعنهم اللَّه . قال الداووديُّ : وعن ابن عباس قاتلهم اللَّه : لعنهم اللَّه ، وكلُّ شيء في القُرآن : قَتَلَ ، فهو لَعْن . انتهى . و { أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } ، أَي : يُصْرَفُون عن الخَيْر . وقوله سبحانه : { ٱتَّخَذُواْ أَحْبَـارَهُمْ وَرُهْبَـٰنَهُمْ … } الآية : هذه الآية يفسِّرها ما حكاه الطَّبريُّ ؛ أن عدي بن حاتم قال : " جئْتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وفي عُنُقي صَلِيبُ ذَهَب ، فَقَالَ : يَا عَدِيُّ ٱطْرَحْ هَذَا الصَّلِيبَ مِنْ عُنُقِكَ ، فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ : { ٱتَّخَذُواْ أَحْبَـارَهُمْ وَرُهْبَـٰنَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ } ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وكَيْفَ ذَلِكَ ، وَنَحْنُ لَمْ نَعْبُدْهُمْ ؟ فَقَالَ : أَلَيْسَ تَسْتَحِلُّونَ مَا أَحَلُّوا وَتُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمُوا ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَذَلِكَ " . ومعنى : { سُبْحَـٰنَهُ } تنزيهاً له ، و { نُورَ اللَّهِ } ؛ في هذه الآية : هُدَاه الصادرُ عن القرآن والشَّرْع . وقوله : { بِأَفْوَٰهِهِمْ } ؛ عبارةٌ عن قلَّةِ حيلتهم وضَعْفها . وقوله : { بِٱلْهُدَىٰ } : يعم القرآن وجميعَ الشَّرْع . وقوله : { لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ } ، وقد فعل ذلك سبحانه ، فالضمير في { لِيُظْهِرَهُ } : عائدٌ على الدِّين ، وقيل : على الرسول ، وهذا وإِنْ كان صحيحاً ، فالتأويل الأول أبْرَعُ منه ، وأَلْيَقُ بنظامِ الآية .