Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 61-62)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقول سبحانه : { وَمِنْهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلنَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ } : أي : ومن المنافقين ، و { يُؤْذُونَ } : لفظٌ يعمُّ أنواع إذَاءتهم له صلى الله عليه وسلم ، وخص بعد ذلك مِنْ قولهم : { هُوَ أُذُنٌ } ، وروي أن قائل هذه المقالة نَبْتَلُ بْنُ الحارثِ ، وكان من مَرَدَةِ المنافقين ، وفيه قال صلى الله عليه وسلم : " « مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الشَّيْطَانِ ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى نَبْتَلِ بْنِ الحَارِثِ » ، وكان ثائر الرأس ، منتفشَ الشَّعْر ، أحمر العينَيْن ، أسْفَع الخدَّيْن ، مشوَّهاً " قال الحسن البصريُّ ومجاهد : قولهم : { هُوَ أُذُنٌ } : أي : يسمع معاذيرنا ويقبلها ، أي : فنحن لا نُبَالِي من الوقوع فيه ، وهذا تنقُّص بقلَّة الحزم ، وقال ابن عبَّاس وغيره : إِنهم أرادوا بقولهم : { هُوَ أُذُنٌ } : أي : يسمع كلَّ ما ينقَلُ إِليهِ عنا ، ويصغَي إِليه ويقبله ، فهذا تَشَكٍّ منه عليه السلام ، ومعنى { أُذُنُ } : سماع ، وهذا من باب تسمية الشيْء بالشيء ، إِذا كان منْهُ بسبب ؛ كما يقال للرؤية : عيْن ؛ وكما يقال للمسنَّة من الإِبل التي قد بَزَلَ نابها : نَاب . وقيل : معنى الكلامِ : ذو أُذُنٍ ، أَي : ذو سماع ، وقيل : إِنه مشتقٌّ من قولهم : أَذِنَ إِلَى شَيْءٍ ؛ إِذا ٱسْتَمَعَ ؛ ومنه قول الشاعر : [ البسيط ] @ صُمٌّ إِذَا سَمِعُوا خَيْراً ذُكِرْتُ بِه وَإِنْ ذُكِرْتُ بِسُوءٍ عِنْدَهُمْ أَذِنُوا @@ وقرأ نافع : « أذن » - بسكون الذال فيهما - ، وقرأ الباقون بضمِّها فيهما ، وكلُّهم قرأ بالإِضافة إِلى « خير » إِلا ما رُوِيَ عن عاصمٍ ، وقرأ الحسن وغيره : « قُلْ أُذُنٌ خَيْرٌ » - بتنوين « أُذن » ، ورفع « خير » - ، وهذا جار على تأويله المتقدِّم ، والمعنى : من يقبل معاذيركم خيرٌ لكم ، ورُوِيَتْ هذه القراءة عن عاصمٍ ، ومعنى « أذن خيرٍ » على الإِضافة : أي سَمَاعُ خيرٍ وحقٍّ ، و { يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ } : معناه : يصدِّق باللَّه ، { وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ } : قيل : معناه : ويصدِّق المؤمنين ، واللام زائدة ، وقيل : يقال : آمَنْتُ لك ، بمعنى : صدَّقتك ؛ ومنه : { وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا } [ يوسف : 17 ] . قال * ع * : وعندي أن هذه التي معها اللامُ في ضِمْنها بَاءٌ ، فالمعنَى : ويصدِّق للمؤمنين بما يخبرونه به ، وكذلك قوله : { وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا } بِمَا نَقُوله . * ت * : ولما كانَتْ أخبار المنافقين تصلُ إِلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم تارةً بإِخبار اللَّه له ، وتارةً بإِخبار المؤمنين ، وهم عدولٌ ، ناسب ٱتِّصَالُ قوله سبحانه : { يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ } ؛ بما قبله ، ويكون التصديقُ هنا خاصًّا بهذه القضيَّة ، وإِن كان ظاهر اللفْظِ عامًّا ؛ إِذ من المعلوم أنه صلى الله عليه وسلم لم يَزَلْ مصدِّقاً باللَّه ، وقرأ جميع السبعة إِلاَّ حمزة و « رَحْمَةٌ » - بالرفع - ؛ عطفاً على « أُذُن » ، وقرأ حمزة وحْده : و « رَحْمَةٍ » - بالخفض - ؛ عطفاً على « خَيْرٍ » ، وخصَّص الرحمة للذين آمنوا ؛ إِذ هم الذين فازوا ونَجْوا بالرسول عليه السلام ، { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ } : يعني : المنافقين . وقوله : { وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ } : التقدير عند سيبَوَيْهِ : واللَّه أحقُّ أَن يرضوه ، ورسوله أحَقُّ أن يرضُوه ، فحذف الخَبَر من الجملة الأولَى ، لدلالة الثانية عليه . وقيل : الضمير في « يرضوه » عائدٌ على المذكور ؛ كما قال رُؤْبَةُ : [ الرجز ] @ فِيهَا خُطُوطٌ مِنْ سَوَادٍ وَبَلَقْ كَأَنَّهُ فِي الجِلْدِ تَوْلِيعُ الْبَهَقْ @@ أي : كَأَنَّ المذكور .