Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 69-72)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { كَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } : أي : أنتم ، أيها المنافقُونَ ، كالذين مِنْ قبلكم كانوا أشدَّ منكم قوةً ، فَعَصَوْا ؛ فأهلكوا ؛ فأنتم أولَى بالإِهلاك لمعصيتكم وضَعْفِكم ، والخَلاَقُ : الحَظُّ من القَدْرِ والدينِ وجميعِ حال المَرْءِ ، فخلاقُ المَرْء : الشيء الذي هُوَ به خليقٌ ، والمعنى : عَجَّلوا حَظَّهم في دنياهم ، وتركُوا الآخِرَة ، فٱتبعتموهم أنتُمْ ، { أُوْلَٰـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَـٰلُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلأَخِرَةِ } : المعنى : وأنتم أيضاً كذلك ، ويحتمل أنْ يريد بـــ { أُوْلَـٰئِكَ } : المنافقين . وقوله سبحانه : { أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ … } الآية : المعنى ألم يأتِ هؤلاءِ المنافقين خَبَرُ الأُمم السالفة التي عَصَتِ اللَّه ؛ بتكْذيب رسله ، فأهلكها ، و { قَوْمِ إِبْرَاهِيمَ } : نُمْرُود وأصحابه وأَتْبَاعَ دَوْلَته ، { وِأَصْحَـٰبِ مَدْيَنَ } قومُ شُعَيْب ، { وَٱلْمُؤْتَفِكَـٰتِ } : أهلُ القرى الأربعةِ أو السَّبْعة التي بعث إِليهم لوطٌ عليه السلام ، ومعنى { وَٱلْمُؤْتَفِكَـٰتِ } : المنصرفَاتُ والمنْقَلِبَاتُ أُفِكَتْ فَأْتَفَكَتْ لأنها جعل عاليها سافلها ، ولفظ البخاريِّ : { وَٱلْمُؤْتَفِكَـٰتِ } : ائتفكت : ٱنقلَبَتْ بهم الأرضُ . انتهى . والضمير في { أَتَتْهُمْ رُسُلُهُم } : عائدٌ على هذه الأمم المذكورة ، ثم عقَّب سبحانه بذكْر المؤمنين ، وما مَنَّ به علَيْهِمْ مِنْ حُسْن الأعمال ؛ ترغيباً وتنشيطاً ؛ لمبادرة ما به أَمَرَ ؛ لطفاً منه بعباده سبحانه ، لا ربَّ غيْرُهُ ، ولا خَيْر إِلا خيره . وقوله سبحانه : { وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلوٰةَ } : قال ابن عباس : هي الصلوات الخمس . قال * ع * : وبحسب هذا تكون الزَّكَاةُ هي المفروضةُ ، والمَدْحُ عندي بالنوافلُ أبلغُ ؛ إِذ من يقيم النوافِلَ أحْرَى بإِقامة الفَرْض ، والسين في قوله : { سَيَرْحَمُهُمُ } : مُدْخِلَةٌ في الوَعْدِ مُهْلَةً ؛ لتكون النفوسُ تنعم برجائه سبحانه ، وفَضْلُه سبحانه زعيمٌ بالإِنجاز ، وذكَر الطبريُّ في قوله تعالى : { وَمَسَـٰكِنَ طَيِّبَةً } ، عن الحسن أنَّه سأل عنها عِمْرَانَ بنَ حُصَيْن وأبا هريرة ، فقالا : على الخَبِيرِ سَقَطَت ! سَأَلْنَا عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : « قَصْرٌ فِي الجَنَّةِ مِنَ اللُّؤْلُؤِ ، فِيهِ سَبْعُونَ دَاراً مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاء ، في كُلِّ دَارٍ سَبْعُونَ بَيْتاً مِنْ زُمُرُّذةٍ خَضْرَاءَ ، فِي كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ سَرِيراً » ونحو هذا مما يشبه هذه الألفاظ ، ويقرب منها ، فٱختصرتها طَلَبَ الإِيجاز . * ت * : وتمام الحديث من « الإِحياءِ » ، وكتاب الآجُرِّيِّ المعروف بـ « كتاب النصيحة » ، عن الحسن عن عمرانَ بن حُصَيْن وأبي هريرة ، قالا : « على كُلِّ سَرِيرٍ سَبْعُونَ فِرَاشاً مِنْ كُلِّ لَوْنٍ ، عَلَى كُلِّ فِرَاشٍ زَوْجَةٌ مِنَ الحُورِ العِينِ ، وفِي كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ مَائِدةٍ ، عَلَى كُلِّ مَائِدَةٍ سَبْعُونَ لَوْناً مِنَ الطَّعَامِ ، فِي كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ وَصِيفَةً ، وَيُعْطَى المُؤْمِنُ فِي كُلِّ غَدَاةٍ مِنَ القُوَّةِ مَا يَأَتِي عَلَى ذَلِكَ أَجْمَعَ » ، وأما قوله سبحانه : { وَرِضْوَٰنٌ مِّنَ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } ، ففي الحديث الصحيح ؛ " أَنَّ اللَّه عزَّ وجلَّ يَقُولُ لِعِبَادِهِ إِذَا ٱسْتَقَرُّوا فِي الجَنَّةِ : هَلْ رَضِيتُمْ ؟ ! فَيَقُولُونَ : وَكَيْفَ لاَ نَرْضَى ، يَا رَبَّنَا ؟ فَيَقُولُ : إِنِّي سَأُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ ، رِضْوَانِي ، أَرْضَى عَنْكُمْ ؛ فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ أَبَدا … " الحديث ، وقوله : { أَكْبَرُ } : يريد : أَكْبَرُ من جميعِ ما تقدَّم ، ومعنى الآيةِ والحديث مُتَّفِقٌ ، وقال الحسن بن أبي الحسن : وصل إِلى قلوبهم برضْوَانِ اللَّهِ مِن اللَّذَّة والسُّرور ما هو أَلَذُّ عندهم وأقرُّ لأَعينهم من كل شيء أصابُوه من لَذَّة الجَنَّة ، قال الإِمام الفَخْر : وإِنما كان الرضوان أَكْبَرَ ؛ لأَنه عند العارفين نَعِيمٌ رُوحَانِيٌّ ، وهو أشرفُ من النعيم الجِسْمَانيِّ . انتهى . ٱنْظُرْهُ في أوائل « آل عمران » . قال * ع * : ويظهر أن يكون قوله تعالى : { وَرِضْوَٰنٌ مِّنَ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } إِشارةً إِلى منازل المقرَّبين الشاربين مِنْ تسنيمٍ ، والذين يَرَوْنَ كما يُرَى النَّجْمُ الغَابِرُ في الأُفُق ، وجميعُ من في الجنة رَاضٍ ، والمنازل مختلفةٌ ، وفضْلُ اللَّه مُتَّسِع ، و { ٱلْفَوْزُ } : النجاةُ والخَلاَصُ ، ومن أُدْخِلَ الجنة فقد فاز ، والمقرَّبونَ هم في الفوز العظيم ، والعبارةُ عندي بـــ « سرور وكمالٍ » أجوَدُ من العبارة عنها بـــ « لذة » ، واللَّذَّة أيضاً مستعملة في هذا .