Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 90, Ayat: 3-10)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ } قال مجاهد : هو آدم وجميع ولدهِ ، وقال ابن عباس : ما معناه أنّ الوالدَ والولدَ هنا على العمُومِ فهي أسماء جِنْسٍ يَدْخل فيها جميعُ الحيوانِ ، والقَسَمُ واقع على قوله : { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَـٰنَ فِى كَبَدٍ } قال الجمهور : الإنْسَانُ اسم جنسٍ والكَبَدُ المشقةُ والمكَابَدَةُ ، أي : يُكَابِد أمرَ الدنيا والآخرة ، ورُوِيَ : أَن سببَ نزولِ هذه الآية رَجُلٌ من قريشٍ يقال له أبو الأَشَدِّ ، وقيل نزلتْ في عمرو بن عبد ود ، وقال : مقاتل : نَزَلَتْ في الحارثِ بن عامر بن نوفل ؛ أذنبَ فاستفتى النبي صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُ بِالكَفَّارَةِ ، فَقَالَ : لَقَدْ أَهْلَكْتُ مَالاً في الكفارات وَالنفَقَاتِ ، مُذْ تَبِعْتُ مُحَمَّداً ، وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ٱدَّعَىٰ أَنَّهُ أَنْفَقَ مَالاً كَثِيراً عَلَىٰ إفْسَادِ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ في الكَفَّارَاتِ عَلَىٰ مَا تَقَدَّمَ . وقوله : { أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً } أي : أنفقْتُ مالاً كثيراً ، ومن قال : أَن المرادَ اسمُ الجِنْسِ غيرُ معينٍ ، جَعَلَ قولَه : { أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ } بمعنى : أيظُنُّ الإنسانُ أن لَيس عليه حفظةٌ يرون أعمالَه ويُحْصونَها ؛ إلى يوم الجزاء ، قال السهيلي : وهذه الآيةُ وإن نزلتْ في أبي الأشد فإن الألفَ واللامَ في الإنسان للجنسِ ، فيشتركُ مَعَهُ في الخِطابِ كلّ من ظن ظنه وفعل مثلَ فِعْلِه وعلى هذا أكثرُ القُرْآنَ ، يَنْزِل في السَّبَبِ الخاصِّ بلفظِ عامٍ يتناولُ المَعْنَى العام انتهى ، وخرَّج مسلم عن أبي برزة قَال : قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم : " لاَ تَزُولُ قَدَمَا العَبْدِ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّىٰ يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ : عَنْ عُمْرِه فِيمَا أَفْنَاهُ ، وَعَنْ جَسَدِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ به ، وَعَنْ مَالِهِ ، مِنْ أَيْنَ ٱكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ " ، وخرَّجه أيضاً الترمذيُّ وقال فيه : حديثٌ حسنٌ صحيحٌ ، انتهى ، وقرأ الجمهور : { لُّبَداً } أي : كثيراً متلبِّداً بعضُه فوقَ بعضٍ ، ثم عدَّدَ تعالى علَى الإنسانِ نَعَمَه في جوارِحه ، و { ٱلنَّجْدَينِ } : قال ابن عباس والناسُ : هما طريقَا الخَيْرِ والشرِّ ، أي : عَرَضْنَا عليه طريقَهما ، وليستِ الهداية هنا بمعنى الإرْشَادِ ، وقال الضحاكُ : النَّجْدَانِ ثَدْيَا الأُمِّ ، وهذا مثالٌ ، والنجْدُ : الطريقُ المرتفعُ .