Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 93, Ayat: 7-11)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَىٰ } اخْتَلَفَ الناسُ في تأويلِهِ ، والضلالُ يَخْتَلِفُ ، فمنه البعيدُ ومنه القريبُ ؛ فالبعيدُ ضلالُ الكفَّارِ ، وهذا قَدْ عَصَمَ اللَّهُ منه نَبِيَّه فَلَمْ يَعْبُد صلى الله عليه وسلم صَنَماً قط ، ولا تَابعَ الكفارَ على شيءٍ مما هم عليه من الباطلِ ، وإنما ضلالُه صلى الله عليه وسلم هو كَوْنُهُ واقفاً لا يَميزُ المَهْيَعَ ، بل يُدْبِرُ وَيَنْظُر ، وقال الترمذي وعبد العزيز بن يحيى : { ضَالاًّ } معناه : خاملُ الذِّكْرِ لا يعرفُك الناسُ ؛ فهداهُم إليكَ ربُّك ، والصوابُ أنه ضلالُ مَنْ توَقَّفَ لا يَدْرِي ، كما قال عز وجل : { مَا كُنتَ تَدْرِى مَا ٱلْكِتَـٰبُ وَلاَ ٱلإِيمَـٰنُ } [ الشورى : 52 ] وقال الثعلبي : قال بعض المتكلمين : إذا وجَدَتِ العربُ شَجَرَةً مفردة في فلاةٍ سَمَوْها ضالةً فَيُهْتَدَى بها إلى الطريقِ ، أي : فَوَجَدْتُكَ وَحيداً ليس معَك نبيٌّ غيرَك فهديتُ بك الخلقَ إليَّ ، انتهى ، قال عياض : وقال الجنيد : المَعْنَى : وَوَجَدَكَ متحيِّراً في بيانِ ما أُنْزِلَ إليكَ فهَدَاكَ لبيانِه ، لقوله : { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلذِّكْرَ } [ النحل : 44 ] الآية ، قال عياض : ولا أعلمُ أحداً من المفسرينَ قَال فيها ضالاًّ عَنْ الإيمانِ ، وكذلك في قصةِ موسى ـــ عليه السلام ـــ قوله : { فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَاْ مِنَ ٱلضَّالِّينَ } [ الشعراء : 20 ] أي المخطئينَ ، وقال ابن عطاء : { وَوَجَدَكَ ضَالاًّ } أي : مُحِبًّا لمعرفتِي ، والضَّالُّ : المحِبُّ ، كما قال تعالى : { إِنَّكَ لَفِى ضَلَـٰلِكَ ٱلْقَدِيمِ } [ يوسف : 95 ] أي : محبَّتِكَ القديمةِ ، انتهى ، والعَائِلُ : الفقيرُ { فَأَغْنَىٰ } أي : بالقناعَةِ والصَّبْرِ ، ثم وصَّاه تَعالى بثلاثِ وصَايَا ؛ بإزاءِ هذه النّعم الثلاثِ ، و { ٱلسَّائِلَ } هنا قَال أبو الدرداء : هو السائلُ عن العِلْمِ ، وقيل : هو سائلُ المالِ ، وقال إبراهيم بن أدهم : نعم القومُ السؤال يحملنا زادنا إلى الآخرة . وقوله تعالى : { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ } قال مجاهد وغيره : معناه بُثَّ القرآن وبلِّغْ ما أُرسلْتَ بهِ ، قال عياض : وهذا الأمرُ يَعُمَّ الأمة ، انتهى ، وقال آخرونَ : بل هُوَ عُمُوم في جميعِ النِّعم ، وفي « سُنَن أبي داودَ » عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أَعْطُوا الأَجِيرَ حَقَّهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ ، وَأَعْطُوا السَّائِلَ ، وَإنْ جَاءَ عَلَىٰ فَرَسٍ " قال البغويُّ في « المصابيحِ » : هذا حديثٌ مُرْسَلٌ انتهى .