Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 28-30)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - تعالى - : { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً } الآية . " يَوْمَ " منصوب بفعلٍ مقدَّر ، أي : خوَّفهم ، أو ذكرهم يوم ، والضميرُ عائد على الفريقين أي : الذين أحسنوا ، والذين كسبوا . و " جَمِيعاً " : حال ، ويجُوزُ أن يكون تأكيداً ، عند من عدَّها من ألفاظ التَّأكيد . قوله : " مَكَانكُمْ " اسمٌ فعلٍ ، ففسَّره النحويُّون بـ " اثبُتُوا " فيحمل ضميراً ، ولذلك أكَّد بقوله : " أنْتُم " ، وعطف عليه " شُرَكاؤكُم " ؛ ومنه قول الشاعر : [ الوافر ] @ 2896 - وقَولِي كُلَّمَا جَشَأتْ وجاشَتْ مكانكِ تُحْمَدِي أوْ تَسْتَرِيحي @@ أي : اثبتي ، ويدلُّ على ذلك جزمُ جوابه ، وهو " تُحْمَدي " ، وفسَّره الزمخشري : بـ " الزمُوا " قال : مكانكُم ، أي : الزموا مكانكُم ، لا تبرَحُوا حتى تنظروا ما يفعل بكم " . قال أبو حيَّان : وتقديره له بـ " الزمُوا " ليس بجيِّد ، إذ لو كان كذلك ؛ لتعدَّى كما يتعدَّى ما ناب هذا عنهُ ، فإنَّ اسمَ الفعل يُعَامل معاملة مُسمَّاة ، ولذلك لمَّا قدَّرُوا " عليك " ، بمعنى : " الزم " عدَّوْه تعديته نحو : عليْكَ زيداً . قال شهابُ الدِّين " فالزمخشري قد سبق بهذا التَّفسير ، والعُذرُ لمن فسَّرهُ بذلك ، أنه قصد تفسير المعنى " ، قال الحوفي : " مكانكُم نُصب بإضمار فعل ، أي : الزمُوا مكانَكُم أو اثبُتوا " . وكذلك فسرهُ أبو البقاء ، فقال : " مَكَانَكُمْ " ظرفٌ مبنيٌّ ؛ لوقوعه موقع الأمر ، أي : " الزمُوا " . وهذا الذي ذكره من كونه مبنيّاً ، فيه خلاف للنحويين : منهم من ذهب إلى ما ذكر ، ومنهم من ذهب إلى أنَّها حركةُ إعراب ، وهذان الوجهان مبنيان على خلاف في أسماء الأفعال هل لها محلٌّ من الإعراب أو لا ؟ فإن قلنا لها محلٌّ ، كانت حركاتُ الظرفِ حركاتِ إعراب ، وإن قلنا لا موضع لها ، كانت حركاتِ بناءٍ ، وأمَّا تقديره : بـ " الزَمُوا " ، فقد تقدَّم جوابه . قوله : " أنْتُم " فيه وجهان : أحدهما : أنَّه تأكيدٌ للضمير المستتر في الظرف ، لقيامه مقام الفاعل ، كما تقدَّم التنبيه عليه . والثاني : أجازهُ ابن عطيَّة ، وهو أن يكون مبتدأ ، و " شُرَكاؤُكُم " معطوفٌ عليه ، وخبرُهُ محذوفٌ ، قال : " تقديره : أنتم وشركاؤكم مهانون ، أو معذبون " ، وعلى هذا فيوقفُ على قوله : " مَكَانَكُم " ثم يبتدأ بقوله : " أنتُم " ، وهذا لا ينبغي أن يقال ، لأنَّ فيه تفكيكاً لأفصحِ كلام ، وتبتيراً لنظمه ، من غير داعيةٍ إلى ذلك ؛ ولأنَّ قراءة من قرأ " وشُرَكاءكُمْ " نصباً ، تدل على ضعفه ، إذ لا تكونُ إلاَّ من الوجه الأوَّل ؛ ولقوله : " فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ " ، فهذا يدلُّ على أنَّهم أمروا هُم وشُركاؤهم بالثّبات في مكانٍ واحدٍ ، حتى يحصل التَّنزيل بينهم . وقال ابن عطية أيضاً : " ويجوزُ أن يكون " أنتُمْ " تأكيداً للضمير الذي في الفعل المقدَّر الذي هو " قفوا " ونحوه " . قال أبُو حيَّان : وهذا ليس بجيّدٍ ، إذ لو كان تأكيداً لذلك الضمير المتصل بالفعل ، لجاز تقديمُه على الظَّرفِ ، إذ الظرفُ لم يتحمَّل ضميراً على هذا القول ، فيلزمُ تأخيره عنهُ ، وهو غير جائزٍ ، لا تقول : " أنت مكانك " ولا يحفظ من كلامهم . والأصحُّ : أنَّه لا يجوز حذفُ المؤكَّد في التَّأكيد المعنويِّ ، فكذا هذا ؛ لأنَّ التأكيد ينافي الحذف ، وليس من كلامهم : " أنت زيداً " لمن رأيته قد شهر سيفاً ، وأنت تُريد " اضرب أنت زيداً " ، إنَّما كلامُ العرب : " زيداً " تُريدُ : اضرب زيداً . قال شهاب الدِّين : " لَمْ يَعْنِ ابنُ عطيَّة ، أنَّ " أنْتَ " تأكيد لذلك الضمير في " قِفُوا " من حيث إنَّ الفعل مرادٌ غير منُوبٍ عنهُ ؛ بل لأنَّه ناب عنه هذا الظرفُ ، فهو تأكيدٌ له في الأصل ؛ قبل النِّيابة عنه بالظرف ، وإنَّما قال : الذي هو " قفوا " تفسيراً للمعنى المقدر " . وقرأ فرقة " وشُرَكاءكُمْ " نصباً على المعيَّة ، والنَّاصب له اسم الفعل . قوله : " فَزَيَّلْنَا " ، أي : فرَّقنا وميَّزنا ؛ كقوله - تعالى - : { لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا } [ الفتح : 25 ] . واختلفوا في " زيَّل " هل وزنه فعَّل أو فيعل ؟ . والظاهر الأول ، والتضعيفُ فيه للتَّكثيرِ ، لا للتَّعدية ، لأنَّ ثلاثيه مُتعدِّ بنفسه ، حكى الفراء : " زِلْتُ الضَّأن من المعز ، فلم تَزِل " ويقال زلتُ الشَّيء من مكانه أزيلُهُ ، وهو على هذا من ذوات الياء . والثاني : أنه فَيْعَل كبيطر وبيقر ، وهو من زالَ يزولُ ، والأصل : " زَيْوَلْنَا " ، فاجتمعت الياء والواو ، وسبقت إحداهما بالسُّكون ، فأعلت بقلب الواو ياء ، وإدغام الياء فيها ، كـ " مَيِّت وسيِّد " في : ميوت سَيْود ، وعلى هذا فهو من مادة الواو ، وإلى هذا ذهب ابنُ قتيبة ، وتبعه أبو البقاء . وقال مكِّي : " ولا يجوز أن يكون فعَّلنا من زال يزول ؛ لأنَّه يلزم في الواو فيكون زَوَّلنا " . وهذا صحيحٌ ، وقد تقدَّم تحرير ذلك في قوله : { أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَىٰ فِئَةٍ } [ الأنفال : 16 ] . وردَّ أبو حيَّان كونه " فَيْعَل " ، بأنَّ " فَعَّلَ " أكثر من " فَيْعَل " ؛ ولأنَّ مصدره التَّنزيل ، ولو كان " فَيْعل " ، لكان مصدره " فَيْعلة " كبيطرة ؛ لأن " فَيْعَل " ملحقٌ " بفَعْلَلَ " ، ولقولهم في معناه : " زَايَل " ، ولم يقولوا : " زاول " ، بمعنى : " فارق " ، إنَّما قالوه بمعنى : " حَاول وخالط " ، وحكى الفرَّاء : " فَزايَلْنا " ، وبها قرأت فرقة ، قال الزمخشري : " مثل صَاعَرَ خدَّه ، وصعَّره ، وكالمتُه وكلَّمتُه " . يعني : أنَّ " فاعل " بمعنى : " فعَّل " ، و " زَايلَ " بمعنى : " فَارَقَ " . قال : [ الطويل ] @ 2897 - وقَالَ العَذَارَى : إنَّما أنْتَ عَمُّنَا وكَانَ الشَّبَابُ كالخَليطِ يُزايلُهْ @@ وقال آخر : [ الطويل ] @ 2898 - لعَمْري لمَوْتٌ لا عُقُوبةَ بعدَهُ لِذي البَثِّ أشْفَى من هَوًى لا يُزايلهْ @@ أي : يفارقه . وقوله - تعالى - : " فَزيَّلْنا " ، و " قال " هذان الفعلان ماضيان لفظاً ، مستقبلان معنًى ؛ لعطفهما على مستقبل ، وهو " ويَوْمَ نَحْشُرهُمْ " ، وهما نظيرُ قوله - تعالى - : { يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ } [ هود : 98 ] . و " إِيَّانَا " : مفعولٌ مقدمٌ ، قُدِّم للاهتمام به والاختصاص ، وهو واجبُ التَّقديم على ناصبه ؛ لأنَّه ضميرٌ منفصلٌ ، لو تأخَّر عنه ، لزم اتِّصاله ، وقد تقدَّم الكلامُ على ما بعد هذا من " كَفَى " المخففة ، واللاَّم التي بعدها ، بما يُغْنِي عن الإعادة . [ البقرة198 ] . فصل المعنى " ويَوْمَ نَحْشُرهُمْ " العابد والمعبُود ، ثمَّ إن المعبود يتبرَّأ من العابد ، ويتبيَّن لهُ أنَّه ما فعل ذلك بعلمه وإرادته ، ونظيرهُ قوله - تعالى - : { إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ } [ البقرة : 166 ] ، وقوله : { ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } [ سبأ : 40 ] . و " الحَشْر " : الجمع من كل جانبٍ إلى موقفٍ واحدٍ { ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ } أي : الزَمُوا مكانكم " وشُرَكاؤكُم " يعني : الأوثان ، حتَّى تسألوا ، " فزيَّلْنَا بَيْنَهُم " أي : ميَّزنا وفرَّقنا بينهم ، وجاءت هذه الكلمة على لفظ الماضي ، بعد قوله : " ثُمَّ نقُولُ " وهو مستقبل ؛ لأنَّ ما جاءكم الله بِهِ ، سيكون صار كالكائن الآن ، كقوله : { وَنَادَىۤ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ } [ الأعراف : 44 ] . وأضاف الشُّركاء إليهم ؛ لأنَّهم جعلُوا لهم نصيباً من أموالهم . وقيل : لأنَّ الإضافة يكفي فيها أدنى تعليق ، فلمَّا كان الكُفَّار هُم الذين أثبتُوا هذه الشَّركة ، حسنت إضافة الشركاءِ إليهم ، وقيل : لمَّا خاطب العابدين والمعبودين بقوله " مَكانَكُم " صارُوا شُركاء في هذا الخطاب . قال بعض المُفسِّرين : المراد بهؤلاء الشُّركاء : الملائكة ، واستشهدُوا بقوله - تعالى - : { ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } [ سبأ : 40 ] ، وقيل : هم الأصنام ، ثم اختلف هؤلاء كيف ذكرت الأصنام هذا الكلام ؟ فقيل : إن الله - تعالى - يخلقُ فيها الحياة والعقل والنُّطق ، وقيل : يخلق فيهم الرُّوح من غير حياةٍ ، حتَّى يسمعُوا منهم ذلك . فإن قيل : إذا أحياهُم الله هل يبقيهم أو يفنيهم ؟ . فالجوابُ : أنَّ الكلَّ محتملٌ ، ولا اعتراض على الله في أفعاله ، وأحوال القيامة غير معلومة ، إلاَّ القليل ، ولا شك أن هذا خطاب تهديدٍ في حق العابدين ، فهل يكُون تهديداً في حق المعبودين ؟ قالت المعتزلة : لا يجُوزُ ذلك ؛ لأنَّه لا ذنب للمعبود ، ومن لا ذنب له ، لم يصحَّ تهديده ، وتخويفه ، وقال أهلُ السُّنَّة : لا يسأل عما يفعل . فإن قيل : قول الشركاء : { مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ } وهم كانوا قد عبدوهم ، يكون كذباً ، وقد تقدَّم في سورة الأنعام ، اختلاف الناس في أنَّ أهل القيامة هل يكذبون أم لا ؟ . والجواب ههنا : أنَّ منهم من قال : المراد من قولهم : " مَا كُنتُمْ إيَّانَا تَعْبُدُونَ " : هو أنَّكُم ما عبدْتُمُونَا بأمرنا وإرادتنا ؛ لأنَّهم استشهدوا بالله في ذلك بقولهم : { فَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ } ، وبقولهم : { إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ } ، ومن النَّاس من أجْرَى الآية على ظاهرها ، وقالوا : إنَّ الشُّركاء أخبروا أنَّ الكفار ما عبدوها لوجوه : الأول : أنَّ ذلك الموقف موقفُ دهشة وحيرة ، فذلك الكذبُ جارٍ مجرى كذب الصبيان ، والمجانين والمدهوشين . الثاني : أنَّهم ما أقامُوا لأعمال الكُفَّار وزناً ، وجعلوها لبطلانها كالعدم ، فلهذا قالوا : ما عبدونا . الثالث : أنهم تخيَّلوا في الأصنام التي عبدوها صفات كثيرة ، فهم في الحقيقة إنَّما عبدوا ذواتاً موصوفة بتلك الصفات ، ولمَّا كانت ذواتها خالية عن تلك الصفات ، فهم ما عبدوها ، وإنما عبدوا أموراً تخيَّلُوها ولا وجود لها في الأعيان ، وتلك الصِّفات التي تخيَّلوها في الأصنام : أنها تضرُّ ، وتنفع ، وتشفع عند الله . قوله تعالى : { هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ } الآية . في " هُنالِكَ " وجهان : أظهرهما : بقاؤه على أصله ، من دلالته على ظرف المكان ، أي : في ذلك الموقف الدَّحض ، والمكان الدَّهش . وقيل : هو هنا ظرف زمان على سبيل الاستعارة ، ومثله { هُنَالِكَ ٱبْتُلِيَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } [ الأحزاب : 11 ] ، أي : في ذلك الوقت ؛ وكقوله : [ الكامل ] @ 2899 - وإذَا الأمُورُ تَعاظَمَتْ وتَشاكَلَتْ فهُناكَ يَعْترِفُون أيْنَ المفْزعُ @@ وإذا أمكن بقاء الشيء على موضوعه ، فهو أولى . وقرأ الأخوان " تَتْلُو " بتاءين منقوطتين من فوق ، أي : تطلب وتتبع ما أسلفته من أعمالها ، ومن هذا قوله : [ الرجز ] @ 2900 - إنَّ المُريبَ يتْبَعُ المُرِيبَا كَمَا رَأيْتَ الذِّيبَ يتلُو الذِّيبَا @@ أي : يتبعه ويتطلَّبه ، ويجوز أن يكون من التلاوة المتعارفة ، أي : تقرأ كلُّ نفس ما عملته مسطَّراً في صحف الحفظة ، لقوله - تعالى - : { يٰوَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا } [ الكهف : 49 ] ، وقوله : { وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً } [ الإسراء : 13 ] . وقرأ الباقون : " تَبْلُو " من البلاء ، وهو الاختبار ، أي : يعرف عملها : أخيرٌ هو أم شر ، وقرأ عاصم في رواية " نَبلو " بالنُّون والباء الموحَّدة ، أي : نَخْتَبر نحنُ ، و " كُلَّ " منصُوب على المفعول به ، وقوله " مَا أسْلفَتْ " على هذا القراءة يحتمل أن يكون في محلِّ نصبٍ ، على إسقاطِ الخافض ، أي : بما أسْلفَتْ ، فلمَّا سقط الخافض ، انتصب مَجْرُوره ؛ كقوله : [ الوافر ] @ 2901 - تَمُرُّونَ الدِّيارَ فَلَمْ تَعُوجُوا كلامُكُمُ عليَّ إذنْ حَرَامُ @@ ويحتمل أن يكون منصوباً على البدل من " كُلُّ نَفْسٍ " ويكون من بدل الاشتمال . ويجُوزُ أن يكون " نَبْلُو " من البلاء ، وهو العذاب . أي : نُعَذِّبها بسبب ما أسلفت ، و " مَا " يجوز أن تكون موصولةً اسمية ، أو حرفية ، أو نكرة موصوفة ، والعائدُ محذوفٌ على التقدير الأول ، والآخر دون الثاني على المَشْهُور . وقرأ ابنُ وثَّاب : " وَرِدُّوا " بكسر الرَّاء ، تشبيهاً للعين المضعفة بالمعتلَّة ، نحو : " قيل " و " بيع " ، ومثله : [ الطويل ] @ 2902 - ومَا حِلَّ مِنْ جَهْلٍ حُبَا حُلمائِنَا … @@ بكسر الحاء ، وقد تقدَّم بيانُ ذلك [ البقرة : 11 ] . قوله : " إِلَى ٱللَّهِ " لا بُدَّ من مضاف ، أي : إلى جزاءِ الله ، أو موقف جزائه . والجمهور على " الحقِّ " جرًّا ، وقرئ منصوباً على أحد وجهين : إمَّا القطع ، وأصله أنَّه تابعٌ ، فقطع بإضمار " أمدح " ، كقولهم : الحمدُ لله أهل الحمد . وإمَّا أنَّه مصدرٌ مؤكِّدٌ لمضمونِ الجملة المتقدمة ، وهو " رُدُّوا إلى الله " وإليه نحا الزمخشريُّ . قال : كقولك : " هذا عبدُ الله الحَقُّ ، لا الباطل " على التَّأكيد ؛ لقوله : " رُدُّوا إلى اللهِ " . وقال مكِّي : " ويجوزُ نصبهُ على المصدر ، ولم يُقرأ به " ، وكأنَّه لم يطلع على هذه القراءة ، وقوله : " مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ " " مَا " تحتمل الأوجُه الثلاثة . المعنى : " هُنالِكَ " : في ذلك الوقت ، " نَبْلُو " أي : نختبر ، والمعنى : يفعلُ بها فعل المختبر ، وعلى القراءة الأخرى : أنَّ كلَّ نفس نختبر أعمالها ، في ذلك الوقت . { وَرُدُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ } أي : رُدُّوا إلى جزاءِ الله ، قال ابن عبَّاسٍ : " مولاهُمُ الحقّ " أي : الذي يجازيهم بالحق ، وقيل : جعلوا ملجئين إلى الإقرار بإلاهيته " مولاهُمُ الحقِّ " أي : أعرضُوا عن المولى الباطل ، ورجعُوا إلى المولى الحقِّ ، وقد تقدَّم تفسير { مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ } [ الأنعام : 62 ] في الأنعام . " وضلَّ عَنْهُم " : زال وبطل ، " مَّا كانُوا يفْتَرون " أي : يعبدون ، ويعتقدُون أنهم شفعاء ، فإن قيل : قد قال : { وَأَنَّ ٱلْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ } [ محمد : 11 ] ، قيل : المولى هناك هو الناصر ، وههنا بمعنى الملك .