Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 1-2)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { الۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } قد تقدم الكلام على قوله : { الۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } في أول سورة يونس ، فالإشارة بـ " تِلْكَ " إلى آيات هذه السورة على الابتداء والخبر . وقيل : " الر " اسم للسورة ، أي : هذه السورة المسمَّاة : { الۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } والمراد بـ " الكِتَاب " : القرآن ، وأما قوله : " المُبِين " فيحتمل أن يكون من بانَ ، بمعنى : ظهر ، أي : المبين حلاله ، وحرامه ، وحدوده ، وأحكامه قال قتادة رحمه الله ـ : " المبين والله بركته ، وهداه ورشده " . وقال الزجاج : " من أبَان بمعنى : أظهر ، أي : أبان الحقَّ من الباطل ، والحلال من الحرام ، وقصص الأولين والآخرين " . ويحتمل أن يكون من البينونة بمعنى : التَّفريق ، أي : فرَّق بين الحق والباطل ، والحلال والحرام . قوله تعالى : { إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً } يعنى : الكتاب ، في نصب : " قُرْآناً " ثلاثة أوجه : أحدها : أن يكون بدلاً من ضمير " أنْزلْنَاهُ " أو حالاً موطئة منه ، والضمير في : " أنْزَلْنَاهُ " على هذين القولين يعود على الكتاب ، وقيل : " قُرْآناً " مفعول به ، والضمير في " أنْزَلْنَاهُ " ضمير المصدر ، و " عربياً " نعت للقرآنِ ، وجوَّز أبو البقاء : أن يكون حالاً من الضمير في : " قُرْآناً " إذا تحمَّل ضميراً ، يعنى : إذا جعلناهُ حالاً مؤولاً بمشتقِّ ، أي : أنزَلنَاه مُجْتمعاً في حال كونهِ عَربيًّا , والعربيّ منسُوب إلى العرب ؛ لأنَّه نزل بلغتهم ، وواحِد العرب : عربيٌّ ، كما أن واحد الرُّوم : رُومِيٌّ ، أي : أنزلناه بلغتكم ، لكي تعلمُوا مَعانيَهُ ، وتفهَمُوا ما فيه ، و " عَرَبَة " بفتح الرَّاء ناحية دار إسماعيل عليه السلام قال الشاعر : [ الطويل ] @ 3043ـ وعَرْبَةُ أرْضٍ مَا يُحِلُّ حَرامَهَا مِنَ النَّاسِ إلاَّ اللَّوذَعِيُّ الحُلاحِلُ @@ سكن راءها ضرورة ؛ فيجوزُ أن يكون العربي منسُوباً إلى هذه البقعة . فصل احتج الجُبَّائيُّ بهذه الآية : على كون القرآن مخلوقاً ، لقوله تعالى : { إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ } والقديم لا يجوزُ إنزالهُ وتحويله من حالٍ إلى حالٍ ؛ ولأنَّه تعالى وصفهُ بكونه : " عَرَبيًّا " والقديم لا يكون عربيًّا ؛ ولأنَّ قوله تعالى { إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً } يدلُّ على أنَّه سبحانه وتعالى قادرٌ على أن ينزله لا عربيًّا ؛ ولأنَّ قوله : { تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } يدلُّ على أنَّه مركبٌ من الآيات والكلمات ، والمركَّبُ محدثٌ . قال ابن الخطيب : " والجواب عن هذه الوجوه أن نقول : المركَّب من الحروف والكلمات محدثٌ ، وذلك لا نزاع فيه ، إنَّما الذي ندَّعي قدمه شيء آخر ، فسقط هذا الاستدلال " . قوله : { لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } : قال الجبائي : " كلمة " لعَلَّ " نحملها على اللاَّم ، والتقدير : إنَّا أنزلناهُ قُرآناً عربيًّا لتعقلُوا معانيه في أمْر الدِّين ، إذ لايجوز أن يراد بـ " لعَلَّكُم تعْقِلُونَ " : الشَّك ؛ لأنَّه على الله تعالى محالٌ ، فثبت أنَّ المراد : لكي تعرفوا الأدلَّة ، وذلك يدلُّ على أنَّهُ سبحانه وتعالى أراد من كلِّ العباد أن يعقلوا توحيده ، وأمر دينه ، من عرف منهم ، ومن لم يعرف " . قال ابن الخطيب : " والجواب : هَبْ أنَّ الأمْر كمَا ذَكْرتُمْ ، إلاَّ أنَّهُ يدلُّ على أنه تعالى أنزل هذه السورة وأراد منهم معرفة كيفيَّة هذه القصَّة ، لكن لِمَ قلتم : إنَّها تدلُّ على أنه تعالى أراد من الكُلِّ الإيمان والعمل الصالح " ؟ .