Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 88-93)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ } الآية اتفق المفسِّرون على أنَّ هنا محذوفاً ، وتقديره : فخرجوا راجعين إلى مصر ، ودخلوا على يوسف ، فقالوا : يا أيُّها العزيزُ . فإن قيل : إذا كان يقعوب أمرهم أن يتحسسوا من يوسف وأخيه ، فلم عادوا إلى الشكوى ؟ . فالجواب : أنَّ المتحسِّسَ يصل إلى مطلوبه بجميع الطُّرقِ ، والاعترافِ بالعجز ، وضموا رقَّة الحال ، وقلَّة المال ، وشدَّة الحاجة ، وذلك ممَّا يرقِّقٌ القلب ، فقالوا : نُجرِّبهُ في هذه الأمورِ ، فإن رقَّ قلبه لنا ذكرنا له المقصود ، وإلا سكتنا ، فلهذا قدَّموا ذكر ذلك فقالوا : " يا أيُّها العزيزُ " والعزيزُ : الملكُ القادرُ الممتنع : " مسَّنَا وأهْلنَا الضُرُّ " وهو الفقر ، والحاجة ، وكثرة العيال وقلَّة الطَّعام ، وعنوا بأهلهم من خلفهم . قوله : " مُزجَاةٍ " أي مدفوعة يدفعها كلُّ أحدٍ عنه لزهادته فيها ، ومنه : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً } [ النور : 43 ] أي : يسوقها بالريح ؛ وقال حاتم [ الطويل ] @ 3143ـ لِيََبْكِ على مِلحَان ضَيْفٌ مُدفَّعٌ وأرْمَلةٌ تُزْجِي مَعَ اللَّيْلِ أرْمَلاَ @@ ويقال : أزْجيتُ رَدِيء الدرهم فزُجِي ، ومنه استعير زَجَا الجِرَاح تزْجُوا زجاً وجراح زَاج . وقول الشاعر : [ البسيط ] @ 3144ـ وحَاجَةٍ غَيْرِ مُزْجاةٍ مِن الحَاجِ @@ أي : غير يسيرة يمكنُ دفعها ، وصرفها لقلَّة الاعتداد بها ، فألف " مُزجَاةٍ " منقلبة عن واو . فصل وإنَّما وصفوا تلك البضاعة بأنها مزجاة إمَّا لنقصانها ، أو لدناءتها أو لهما جميعاً ، قال بعضهم : المُزْجَاةُ القليلة . وقيل : كانت رَدِيئةً . وقال ابنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهما كانت دراهم رديئة لا تقبل في ثمن الطَّعام وقيل : أمتعة رديئة . وقيل : متاع الأعراب الصُّوفُ والسَّمْن . وقيل : الحبة الخضراء ، وقيل : الأقط ، وقيل : النعال والأدم ، وقيل : سويق المقل . وقيل : إنَّ الدَّراهم كانت منقوشة عليها صورة يوسف ، والدَّراهم الَّتي جاؤا بها ، ما كان فيها صورة يوسف . وإنَّما سميت البضاعة القليلة الرَّديئة مزجاة ، قال الزجاج : من قولهم : فلانٌ يزْجِي العَيْشَ ، أي : يدفع الزَّمان بالقليلِ ، أي : إنَّا جئنا ببضاعة مزجاة ندافع بها الزَّمان ، وليست مما ينتفعُ بها ، وعلى هذا فالتقديرُ ببضاعة مزجاةٍ ندافع بها الأيام . قال أبو عبيد : إنَّما قيل للدَّراهم الرّّديئةِ مزجاة ؛ لأنَّها مردودة مدفوعة غير مقبولة ممَّن ينفقها ، قال : وهي من الإزجاء ، والإزجاء عند العرب : الدَّفعُ . وقيل : مزجاة ، أي : مؤخرة مدفوعة عن الإنفاقِ لا يقبل مثلها إلاَّ من اضطر ، واحتاج إليها لفقد غيرها ممَّا هو أجود منها . وقال الكلبيُّ : " مزجاة لغة العجم ، وقيل : هي من لفظ القِبْطِ " . قال ابن الأنباري : لا ينبغي أن يجعل لفظ عربي معروف الاشتقاق منسوباً إلى القبط . وقرأ حمزة والكسائي : " مُزْجَاةٍ " بالإمالة ؛ لأن أصله الياء ، والباقون بالفتح والتفخيم . ثمَّ لما وصفوا شدَّة حالهم ، ووصفوا بضاعتهم بأنها مزجاة قالوا له : " فأوْفِ لنَا الكيْلَ : يجوز أن يراد به حقيقة من الآلة ، وأن يراد به الكيل ، فيكون مصدراً ، والمعنى إنَّا نريدُ أن نقيم النَّاقص مقام الزَّائد أو نقيم الرَّديء مقام الجيِّد . { وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ } : أي تفضل علينا بما بين الثمنين الجيّد ، والرَّديء ، وسامحنا ولا تنقصنا . وقال ابن جريج ، والضحاك ، أي : تصدَّق علينا بردِّ أخينا لنا : { إِنَّ ٱللَّهَ يَجْزِي ٱلْمُتَصَدِّقِينَ } يثيب المتصدقين . قال الضحاك : لم يقولوا : إنَّ الله يجزيك ؛ لأنَّهم لم يعلموا أنَّه مؤمنٌ . وسُئل سفيان بن عيينة : هل حرمت الصدقة على نبيّ من الأنبياء سوى نبيِّنا صلوات الله وسلامه عليه ـ ؟ . قال سفيان : ألم تسمع قوله : { وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ إِنَّ ٱللَّهَ يَجْزِي ٱلْمُتَصَدِّقِينَ } . يريد : أنَّ الصَّدقة كانت حلالاً لهم ، وأنكر الباقون ذلك ، وقالوا : حالُ الأنبياء وحالُ أولادِ الأنبياء في طلب الصَّدقة سواء ؛ لأنَّهم يأنفون من الخضوع إلى المخلوقين ويغلب عليهم الانقطاع إلى الله ، والاستغناء به عمَّنْ سواه . وروي عن الحسنِ ومجاهدٍ : أنَّهما كرها أن يقول الرَّجل في دعائه : اللَّهُمَّ تصدَّق علينا ، قالوا : لأنَّ الله لا يتصدَّق ، وإنَّما التَّصدُّق بمعنى الثَّواب ، وإنما يقول اللَّهُمَّ أعطني وتفضَّل علينا . فصل قال القرطبيُّ : " استدلَّ العلماء بهذه الآية على أنَّ أجرة الكيال على البائع ، لقولهم ليوسف عليه الصلاة والسلام " فأوْفِ لَنَا الكَيْلَ " فكان يوسفُ هو الذي يكيل ، وكذلك الوزَّانُ ، العدَّادُ وغيرهم ؛ لأنَّ الرَّجُلَ إذا باع عدّة من طعامه معلومة ، وأوجب العقد عليه ؛ وجب عليه أن يبرزها ، ويُمَيِّز حقَّ المشتري من حقِّه إلا إن كان المبيعُ فيه معيناً صبره ، أو ما ليس فيه حق موفيه ، فيخلي ما بينه وبينه ، وما جرى على المبيع فهو ضمان المبتاع ، وليس كذلك ما يتعلَّق به حقُّ موفيه من كيل أو وزنٍ ، ألا ترى : أنَّه لا يستحقُّ البائع الثمن إلاَّ بعد التَّوفية ، كذلك أجرة النقد على البائع أيضاً ؛ لأنَّ المتباع الدَّافع لدراهمه يقول : إنَّها طيبة فأنت الذي تدّعي الرَّداءة ، فانظر لنفسك ، ليقع له فكان الأجرُ عليه ، وكذلك لا يجبُ أجرة القاطع على من يجب عليه القصاص لأنه لا يجب عليه أن يقطع نفسه ، ولا أن يمكن من ذلك طائعاً ؛ ألا ترى أنَّ فرضاً عليه أن يفدي يده ، ويصالح عليه ، إذا طلب المقتص ذلك . وقال الشَّافعيُّ : إن الأجرة على المقتص منه كالبائع ؛ لأنَّه يجب عليه تسليم يده . فصل روي : أنهم لما قالوا : { مَسَّنَا وَأَهْلَنَا ٱلضُّرُّ } وتضرَّعُوا إليه ، أدركته الرِّقَّة ، فارفضَّ دمعه ، فباح بالذي كان يكتمُ ، فقال : { هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ } وقيل : دفعوا إليه كتاب يعقوب ، فلما قرأ الكتاب ارتعدت مفاصله واقشعرَّ جلدهُ ، ولانَ قلبه ، وكثر بكاؤه ؛ فصرح بأنه يوسف . قوله : { هَلْ عَلِمْتُمْ } يجوز أن تكون استفهامية للتَّوبيخ ، وهو الأظهر وقيل : هو خبر و " هَلْ " بمعنى " قَدْ " . وقال الكلبيُّ : " إنما قال : { هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ } حين حكى لإخوته أنَّ مالك بن دعر قال : إنِّي وجدت غلاماً في بئر من حاله كَيْتَ وكيْتَ فأبتعته بكذا وكذا درهماً ، فقالوا أيُّها الملك : نحن بِعْنَا ذلك الغلام منه ؛ فغاظ يوسف عليه السلام ذلك ، وأمر بقتلهم ، فذهبوا بهم ليقتلوهم ، فولى يَهُوذا وهو يقول : كان يعقوب قد حزن لِفقْدِ واحدة منَّا حتَّى كفَّ بصره ، فكيف إذا أتاهُ قتل بنيه كلِّهم ، ثم قالوا له : إن فعلت ذلك ، فابعثْ بأمتعتنا إلى أبينا ، فإنَّه بمكان كذا وكذا ، فذلك حين رحمهم وبكى ، وقال ذلك القول " . وفي هذه الآية تصديق قوله تعالى : { وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } [ يوسف : 15 ] ، وأمَّا قوله : " وَأخِيهِ " فالمراد ما فعلتم من تعريضه للغمِّ بسبب إفراده عن أخيه لأبيه وأمِّه ، وأيضاً : كانوا يؤذونه ، ومن جملة الإيذاء ، قالوا في حقه : { إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ } [ يوسف : 77 ] وأما قوله : { إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ } فهو يجرى مجرى الغدرِ لهم كأنه قال : أنتم أقدمتم على ذلك الفعل القبيح المنكر حال كونكم من حالة الصِّبا ، وفي جهالة الغرور ، يعني : والآن لستُم كذلك ، ونظيره قوله تعالى : { مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } [ الانفطار : 6 ] وقيل : إنما ذكر تعالى ذلك الوصف ليكون ذلك جارياً مجرى الجواب ، فيقول العبدُ : يا ربِّ غرَّنِي كرَمُكَ ، فكذا ههنا إنَّما قال لهم يوسف ذلك الكلام إزالة للخجل عنهم ، وتخفيفاً للأمر عليهم . وقيل : المعنى : إذ أنتم جاهلون بما يئول إليه أمر يوسف صلوات الله وسلامه عليه . فإن قيل : كيف قال : { مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ } ، ولم يكن منهم إلى أخيه شيء ، ولم يسعوا في حبسه ؟ . قيل : هو قولهم حين أخرجوا الصواع من رحله ، ما رأينا منكم يا بني راحيل إلاَّ البلاء . وقيل : تفريقهم بينه ، وبين أخيه يوسف ، وكانوا يؤذونه بعد فقد يوسف . قوله : " أئِنَّكَ " قرأ ابن كثير ، وأبو جعفر : " إنَّكَ " بهمزة واحدة على الخبر والباقون بهمزتين استفهاماً ، وقد تقدَّم قراءتهم في هاتين الهمزتين تخفيفاً ، وتسهيلاً وغير ذلك ، فأمَّا قراءة ابن كثير ، فيحتمل أن تكون خبراً محضاً واستبعد هذا من حيث تخالف القراءتين مع أنَّ القائل واحد . وقد أجيب عن ذلك بأنَّ بعضهم قاله استفهاماً ، وبعضهم قاله خبراً ، ويحتمل أن يكون استفهاماً حذف منه الأداة لدلالة السِّياق ، والقراءة الأخرى عليه ، وقد تقدَّم نحو هذا في الإعراب . وقرأ أبيّ ( أَوَأَنْتَ يوسف ) فمن قرأ بالاستفهام قالوا : إنَّ يوسف لما قال لهم : { هل علمتم ما فعلتم } تبيَّنوا يوسف ، فأبصروا ثناياه كاللّؤلؤ المنظُوم . وروى الضحاكُ عن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما لما قال هذا القول تبسَّم فرأوْا ثناياه كاللّؤلؤ ، فشبهوه بيوسف ، ولم يعرفوه ، فقالوا استفهاماً : { أَإِنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ } ويدلُّ على أنه استفهام قوله : " أنَا يُوسفُ " ، وإنَّما أجابهم عما اسْتَفْهَمُوا عنه ، ومن قرأ على الخبر فحجته ما روى الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه قال : إنَّ أخوة يوسف لم يعرفوه حتّى وضع التَّاج عن رأسه ، وكان في قرنه شامة وكان لإسحاق ، ويعقوب مثلها تشبه التَّاج عرفوه بتلك العلامة . وقال ابن إسحاق : " كان يتكلَّم من وراء ستر ، فلما قال : { هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ } رفع الحجاب فعرفوه " وقيل : قالوه على التَّوهُّمِ . " واللام في : " لأنْتَ " لام الابتداء ، و " أنْتَ " مبتدأ ، و " يُوسفُ " خبره والجملة خبر " إنَّ " ويجوز أن تكون " أنْتَ " فصلاً ، ولا يجوز أن يكن تأكيداً لاسم " إنَّ " لأنَّ هذه اللام لا تدخل على التوكيد " . وقرأ أبي : ( أئنك أو أنت يوسف ) وفيها وجهان : أحدهما : قال أبُوا الفتح : إنَّ الأصل : أئنك لغير يوسف ، أو أنت يوسف فحذف خبر " إن " لدلالة المعنى عليه . والثاني : ما قاله الزمخشريُّ : المعنى : أئنَّك يوسف ، أو أنت يوسف فحذف الأول لدلالته ، وهذا كلام متعجب مستغرب لما يسمع ، فهو يكرِّر الاستثبات فقال : { أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـٰذَا أَخِي } وإنَّما صرَّح بالاسم تعظيماً لما نزل به من ظلم إخوته ، وما عوضه الله من الظَّفر والنَّصر ، فكأنه قال : أنا الذي ظلمتموني على أعظم الوجوه ، والله أوصلني إلى أعظم المناصب ، أنا ذلك العاجزُ الذي قصدتم قتله ، وإلقاءه في الجبِّ ، ثمَّ صرتُ كما ترون ، ولهذا قال : " وهَذا أخِي " مع أنَّهم كانوا يعرفونه ؛ لأن مقصوده أن يقول : وهذا أيضاً كان مظلوماً كما كنت ، ثم إنه صار منعماً عليه من قبل الله كما ترون . { قَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَآ } قال ابنُ عباسٍ رضي الله عنه بكلِّ عزِّ في الدنيا والآخرة … وقيل : بالجمع بيننا بعد الفرقة . قوله : { إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ } قرأ قنبل " يتقي " بإثبات الياء وصلاً ووقفاً ، والباقون بحذفها فيهما . فأمَّا قراءة الجماعة فواضحة ؛ لأنَّه مجزومٌ ، وأمَّا قراءة قنبلٍ ، فاختلف فيها النَّاس على قولين : أحدهما : أنَّ إثبات حرف العلَّة في الجزم لغة لبعض العرب ؛ وأنشدوا : [ الوافر ] @ 3145ـ أَلَمْ يَأتِيكَ والأنْبَاءُ تَنْمِي بِمَا لاقَتْ لبُونُ بَنِي زِيَادِ @@ وقول الآخر : [ البسيط ] @ 3146ـ هَجَوْتَ زبَّان ثُمَّ جِئْتَ مُعْتَذِراً مِنْ هَجْوِ زبَّان لَمْ تَهْجُوا ولَمْ تَدعِ @@ وقول الآخر : [ الرجز ] @ 3147ـ إذَا العَجُوزُ غَضِبَتْ فَطلِّقِ ولا تَرضَّاهَا ولا تَملَّقِ @@ وقول الآخر : [ الرجز ] @ 3148ـ إنِّي إذَا مَا ما القَوْمُ كَانُوا أنْجِيَهْ واضْطَربَ القَوْمُ اضطرابَ الأرْشِيَهْ هُنَاكَ أوْصِينِي ولا تُوصِي بِيَهْ @@ ومذهب سيبويه : أنَّ الجازم بحذف الحركة المقدرة ، وإنَّما تبعها حرف العلَّة في الحذف تفرقة بين المرفوع ، والمجزوم . واعترض عليه : بأنَّ الجازم يبين أنَّه مجزوم ، وعدمه يُبيِّنُ أنه غيرُ مجوزم . وأجيب : بأنه في بعض الصُّورِ يلتبس فاطرد الحذف ، بيانه : أنَّك إذا قلت " زُرْنِي أعْطِتكَ " بثبوت الياءِ ، احتمل أن يكون " أعْطِيكَ " جزاء الزيارة ، وأن يكون خبراً مستأنفاً ، فإذا قلت : " أعْطِكَ " بحذفها تعين أن يكون جزاء له ؛ فقد وقع اللَّبس بثبوت حرف العلِّة ، وفقد بحذفه ، فيقالُ : حرف العلَّة يحذف عند الجازمِ لا به . ومذهب ابنِ السَّراج : أنَّ الجازم أثَّر في نفس الحرف فحذفه ، وفيه البحثُ المتقدم . والثاني : أنَّه مرفوعٌ غير مجزومٍ و " مَنْ " موصولةٌ ، والفعل صلتها ؛ فلذلك لم يحذف لامه . واعترض على هذا بأنَّهُ قد عطف عليه مجزوم وهو قوله : " ويَصْبِرْ " فإنَّ قُنْبُلاً لم يقرأ إلا بإسكان الرَّاء . وأجيب عن ذلك : بأنَّ التَّسكين لتوالي الحركات ، وإن كان من كلمتين كقراءة أبي عمرو { يَنصُرْكُمُ } [ آل عمران : 160 ] ، و { يَأْمُرَكُمْ } [ آل عمران : 80 ] ، وأجيب أيضاً : بأنه جزم على التوهم يعني لما كانت " مَنْ " الموصولة تشبه " مَنْ " الشرطية ، وهذه العبارة فيها غلط على القرآن ، فينبغي أن يقال فيها مراعاة للشَّبهة اللَّفظي ، ولا يقال للتَّوهُّم . وأجيب أيضاً : بأنه سكن للوقف ثم أجرى الوصل مُجْرَى الوقف . وأجيب أيضاً : بأنه إنما جزم حملاً لـ " مَنْ " الموصولة على " مَنْ " الشَّرطيَّة ؛ لأنَّها مثلها في المعنى ، ولذلك دخلت [ الفاء ] في خبرها . قال شهابُ الدِّين : وقد يقالُ على هذا : يجوز أن تكون " مَنْ " شرطيَّة ، وإنَّما ثبتت الياء ، ولم تجزم " من " لشبهها بـ " مَنْ " الموصولة ثمَّ لم يعتبر هذا الشبه في قوله : " ويَصْبِرْ " ، فلذلك جزمه ، إلاَّ أنه يبعد من جهة أنَّ العامل لم يؤثر فيما بعده ، ويليه ، ويؤثر فيما هو بعيد منه ، وقد تقدَّم الكلام على مثل هذه المسألة أوَّل السُّورة في قوله : { يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ } [ يوسف : 12 ] . وقوله : { فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ } الرَّابطُ بين جملة الشَّرط ، وبين جوابها : إمَّا العموم في " المُحْسِنيِنَ " ، وإمَّا الضمير المحذوف ، أي : المحسنين منهم ، وإمَّا لقيام : " ألْ " مقامه ، والأصل : محسنيهم ، فقامت " ألْ " مقام ذلك الضَّمير . فصل معنى الآية : من يتَّق معاصي الله ، ويصبر على أذى النَّاسِ . وقيل : من يتَّق بأداء الفرائض ، واجتناب المعاصي ويصبر على ما حرم الله عليه . وقال ابنُ عبَّاسٍ رضي الله عنه ـ : يتّقي في الزِّنا ، ويصبر على العُزوبةِ ، وقال مجاهدٌ : يتقي المعصية ، ويصبر على السجن . { فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } قال ابن الخطيب : " واعلم أنَّ يوسف عليه السلام وصف نفسه في هذا المقام الشَّريف بكونه متقِياً ، ولو أنه أقدم على المعصية كما قالوه في حق زليخا ، لكان هذا القول كذباً منه ، وذكر الكذب في مثل هذا المقام الذي يؤمن فيه الكافر ، ويتوب فيه العاصي لا يليق بالعقلاء " . قوله : { تَٱللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ ٱللَّهُ عَلَيْنَا } أي تفضَّل عليك ، والإيثارُ : التفضيل بأنواع جميع العطايا ، آثرهُ يُؤثِرهُ إيثَاراً ، وأصله من الأثر ، وهو تتبع الشيء ، فكأنه يَسْتقْصِي جميع أنواع المَكارمِ ، وفي الحديث : " سَتكُون بعدي أثرةٌ " أي : يستأثر بعضكم على بعض ، ويقال : اسْتأثَر بكذا ، أي : اختص به ، واستأثر اللهُ بفلان ، كناية عن اصطفائه له . وقال الشاعر : [ الرجز ] @ 3149ـ واللهُ اسْماكَ سُماً مُبَاركَا آثَركَ الله بِهِ إيثَاركَا @@ قال الأصمعيُّ : يقالُ : آثَرَكَ الله إيثاراً ، أي : فضَّلك ، والمعنى : لقد فضلك الله علينا بالعلمِ ، والعملِِ ، والحسنِ ، والملكِ . فصل احتجَّ بعضهم بهذه الآية على أنَّ إخوة يوسف ما كانوا أنبياء ؛ لأنَّ جميع المناصب المغايرة لمنصب النبوة كالعدم بالنِّسبة لمنصب النُّبوة فلو كانوا شاركوه في منصب النبوة لما قالوا : { تَٱللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ ٱللَّهُ عَلَيْنَا } ، وعلى هذا يذهب سؤال من يقول : آثره عليهم بالملك ، وإن شاركوه في النبوة ؛ لأنَّا بيَّنا أنَّ سائر المناصب لا تعتبر في جنب منصب النُّبوَّة . ثم قالوا : { وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ } والخَاطِىءُ : هو الذي أتى بالخطيئة عمداً وهذا هو الفرقُ بين الخَاطىءِ ، ولهذا يقالُ للمُجْتهدِ الذي لمْ يُصِبْ أنَّهُ مخطىءٌ ، ولا يقال : إنه خاطىءٌ . فصل أكثر المفسرين على أن الذي اعتذروا منه هو إقدامهم على إلقائه في الجُبِّ وبيعه وتبعيده عن أبيه . وقال أبو عليّ الجبائيٌّ : لم يعتذروا من ذلك ؛ لأنَّ ذلك كان منهم قبل البلوغ ، فلا يكون ذنباً ، فلا يعتذر منه ، وإنَّما اعتذروا من حيثُ إنهم أخطئوا بعد ذلك بأن لم يظهروا لأبيهم ما فعلوه ليعلم أنَّه حي ، وأنَّ الذِّئب لم يأكله . وأجاب ابنُ الخطيب عن ذلك : " بأنَّه لا يجوز أن يقال : إنهم أقدموا على ذلك الفعل في زمن الصِّبا ؛ لأنه من البعيد في [ مثل ] يعقوب جمعاً غير بالغين من غير أن يبعث معهم رجلاً عاقلاً يمنعهم عمَّا لا ينبغي ، ويحملهم على ما ينبغي " . قوله : { لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ } عليكم يجوز أن يكون خبر " لاَ " و " اليَوْمَ " يحتمل أن يتعلق بما تعلَّق به هذا الخبر أي : لا تثريب مستقرٌ عليكم ويجوز أن يكون " اليَوْمَ " خبر " لاَ " ، و " عَليْكُمْ " متعلق بما تعلق به هذا الظرف ويجوز أن يكون : " عليكم " صفة لاسم : " لا " ، و " اليَوْمَ " خبرها أيضاً ولا يجوز أن يتعلق كل من الظرف ، والجار بـ : " تَثْرِيب " ؛ لأنه يصيرُ مطولاً شبيهاً بالمضاف ومتى كان كذلك أعرب ونُوِّن ، نحو : " لا خَيْراً من زَيْدٍ عندكَ " ويزيدُ عليه الظرف بأنه يلزم الفصل بين المصدر المؤول بالموصول ، ومعموله بأجنبي وهو : " عَليْكُمْ " لأنه إما خبر وإما صفة . وقد جوَّز الزمخشريُّ : أن يكون الظَّرف متعلقاً بـ : تَثْرِيبَ " فقال : فإن قلنا : بم يتعلق " اليوم " ؟ قلت : بالتثريب ، أو بالمقدر في " عَليْكُم " من معنى الاستقرار أو بـ : يَغْفِرُ " ، فجعله أنه متعلق بـ " تَثْرِيب " وفيه ما تقدَّم . وقد أجرى بعضهم الاسم العامل مجرى المضاف لشبهه به ، فنزع ما فيه من تنوين أو نون ؛ وجعل الفارسيُّ من ذلك قول الشَّاعر : [ الطويل ] @ 3150ـ أرَانِي ولا كُفْرانَ للهِ أيَّةً لِنفْسِي لقَدْ طَالبْتُ غَيْرَ مُنِيلِ @@ قال : فأية منصوب بـ : " كُفْرانَ " أي : أكفر الله أية لنفسي ، ولا يجوز أن تنصب " أيَّةً " بـ : " أوَيْتُ " مضمراً ، لئلا يلزم الفصل بين مفعولي : " أرَى " بجملتين أي : بـ " لاَ " ، وما في خبرها ، وبـ " أوَيْتُ " المقدرة ، ومعنى " أوَيْتُ " رققت وجعل منه ابنُ مالكٍ ما جاء في الحديث : " لا صُمْتَ يومٌ إلى اللَّيلِ " برفع " يَوْمٌ " على أنه مرفوعٌ بالمصدر المنحل لحرف مصدريّ ، وفعل مبني للمفعول وفي بعض ما تقدَّم خلافٌ ، وأمَّا تعليقه بالاستقرار المقدَّر فواضح ، ولذلك وقف أكثرُ القراء عليه ، وابتدأ بـ : " يَغفِرُ اللهُ لكُمْ " وأما تعليقه بـ : " يَغْفِرُ " فواضحٌ أيضاً ولذلك وقف بعض القراء على : " عَليْكُمْ " ، وابتدأ : " اليَوْم يغفرُ اللهُ لكُمْ " وجوَّزوا أن يكون " عليكم " بياناً كـ " لَكَ " في قولهم : " سقياً لَكَ " فعلى هذا يتعلق بمحذوفٍ ؛ ويجوز أن يكون خبر : " لا " محذوفاً ، و " عَلَيْكُمْ " ، و " اليَوْمَ " كلاهما متعلقان بمحذوف آخر يدلُّ عليه : " تَثْريبَ " ، والتقدير : لا تثريبَ يتثرب عليكم اليوم كما قدروا في : { لاَ عَاصِمَ ٱلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } [ هود : 43 ] لا عاصم يعصمُ اليوم . قال أبو حيَّان : " لو قيل به لكان قويًّا " ، وقد يفرَّق بينهما : بأنّ هنا يلزم كثرة المجاز ، وذلك أنَّك تحذف الخبر ، وتحذف هذا الذي تعلق به الظرف وحرف الجر ، وتنسب الفعل إليه ، لأنَّ التثريب لا يثرب إلا مجازاً ، كقولهم : " شِعرٌ شاعرٌ " بخلاف : " لا عَاصِمَ يَعْصِم " فإن نسبة الفعل إلى العاصم حقيقة ، فهناك حذف شيءٍ واحد من غير مجاز ، وهنا حذف شيئين مع مجاز . والتَّثْرِيبُ : العَتبُ ، والتَّأنيب ، وعبَّر بعضهم عنه بالتَّعيير من عيَّرته بكذا إذا عتَبْته وفي الحديث : " إذَا زَنَتْ أمَةٌ أحدكُم ، فليَجْلدْهَا ، ولا يُثرِّبْ " أي : لا يعيِّر ، وأصله من الثَّرب ، وهو ما تغشى الكرش من الشَّحم ، ومعناه : إزالةٌ الثَّرب ، كما أنَّ التَّجليد إزالةٌ الجلدِ ، فإذا قلت : ثرَّبتُ فلاناً ، فكأنَّك لشدَّة عتبك له أزلت ثربه ، فضرب مثلاً في تزيق الأعراض . وقال الرَّاغب : " ولا يُعْرَفُ من لفظه إلاَّ قولهم : الثَّرْبُ ، وهو شحمةٌ رقيقةٌ وقوله تعالى : { يٰأَهْلَ يَثْرِبَ } [ الأحزاب : 13 ] يصحُّ أن يكون أصله من هذا الباب ، والياء فيه مزيدة " . فصل قال المفسرون : التَّثْريبُ : التَّوبيخُ ، قال عطاءٌ الخراسانيُّ : طلب الحوائج إلى الشَّباب أسهل منها إلى الشُّيوخ ألا ترى إلى قول يوسف عليه الصلاة والسلام " لا تَثْريب عَليْكُمْ " ، وقول يعقوب عليه الصلاة والسلام { سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيۤ } [ يوسف : 98 ] . واعلم أنَّا إذا جعلنا : " اليَوْمَ " متعلِّقاً بـ : " لا تَثْريبَ " أي : لا أثرِّبُكمُ اليوم وهو اليوم الذي مظنته التَّثريب ، فما ظنُّكم بسائر الأيَّام ، ويحتمل أنِّي حكمت في هذا اليوم ألاّ تثريب مطلقاً ؛ لأنَّ قوله : " لا تَثْرِيبَ " نفي للماهيَّة ، ونفي الماهيَّة يقتضي نفي أفراد جميع الماهية ، فكان ذلك مفيداً للنَّفي المتناول لكلِّ الأوقات والأحوال . ثمَّ إنَّه أزال عنهم ملامة الدُّنيا طلب من اللهِ أن يزيل عنهم عقاب الآخرةِ ، فدعا لهم بقوله : { يَغْفِرُ ٱللَّهُ لَكُمْ } . وإن قلنا : " اليَوْمَ " متعلق بقوله : { يَغْفِرُ ٱللَّهُ لَكُمْ } كأنه لما نفى الذَّنب عنهم مطلقاً بشَّرهم بأنَّ الله يغفر ذنبهم في ذلك اليوم ، وذلك أنَّهم لما خجلوا ، واعترفوا وتابوا ، فالله تعالى قَبِلَ توبتهم ، وغفر ذنوبهم ؛ فلذلك قال : { ٱلْيَوْمَ يَغْفِرُ ٱللَّهُ لَكُمْ } . " روي أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بعِضَادتي الكعبة يوم الفتحِ وقال لقريش : ما تَرونَ ؟ قالوا : خيراً أخٌ كريمٌ ، وابنُ أخٍ كريمٍ ، وقد قدرتَ ، قال : أقُولُ ما قَالَ أخي يوسف : " لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُم " " . وروي أنَّ أبا سفيان لما جاء ليُسلم ، قال لهُ العبَّاس رضي الله عنه ـ : " إذا أتيت رسُول الله صلى الله عليه وسلم فاتْلُ عليه : { قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ } ففعل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم غفر الله لَكَ ولمن علَّمك " . وروي : أنَّ أخوة يوسف لما عرفوه أرسلوا إليه : إنَّا نستحي منك لما صدر منَّا من الإساءة إليك ، فقال يوسف : إنَّ أهل مصر لو ملكت فيهم ، فإنهم ينظرون إليَّ بالعين الأولى ، ويقولون : سبحان الذي بلغ عبداً بِيعَ بِعشرينَ درهماً ما بلغ ، ولقد شَرُفتُ بإتيانكم ، وعظُمتُ في العيون لما جئتم ، علم النَّاس أنكم إخوتي ، وأنِّي من حفدةِ إبراهيم عليه الصلاة والسلام ثم سألهم عن أبيه ، فقال : ما فعل أبي من بعدي قالوا : ذهبت عيناه ؛ فأعطاهم قميصه وقال : { اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيراً } أي يعيده مبصراً ، وقيل : يأتيني بصيراً . قال الحسنُ رضي الله عنه : لم يعلم أنه يعود بصيراً إلا بالوحي ؛ لأنَّ العقل لا يدلُّ عليه وقال الضحاك : كان ذلك القميص من نسيج الجنَّة . وعن مجاهدٍ : أمره جبريل صلوات الله عليه أن يرسل قميصه ، وكان ذلك القميص قميص إبراهيم عليه السلام وذلك أنه جُرِّد من ثيابه ، وألقي في النَّار عرياناً ، فآتاه جبريل بقميص من حرير الجنَّة ، فألبسه إياه ، فكان ذلك عند إبراهيم فلما مات إبراهيم عليه السلام ورِثهُ إسحاق ، فلما مات إسحاق ورثهُ يعقوب ، فلمَّا شبَّ يوسف عليه السلام جعل ذلك يعقوب في قصبةٍ من فضة وسد رأسها ، وعلقها في عنقه لما كان يخافُ عليه من العين وكانت لا تفارقه ، فلمَّا ألقى في الجُبِّ عُرياناً جاءهُ جبريلُ عليه السلام وعلى يوسف ذلك التَّعويذُ ؛ فأخرج القميص منه ، وألبسه ، ففي ذلك الوقت جاءهُ جبريل ، وقال : أرسل ذلك القميص فإنَّ فيه ريحَ الجنَّة لا يقع على مبتلى ، ولا سقيم إلا عُوفِي ، فدفع يوسف ذلك القميص إلى إخوته ، وقال : { فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً } أي : مبصراً وإنَّما أفرد بالذِّكر تعظيماً له ، وقال في الباقين : { وائتوني بأهلكم أجمعين } . قال ابن الخطيب : " ويمكن أن يقال : لعلَّ يوسف علم أنَّ أباهُ ما صار أعمى إلاَّ من كثرة البكاءِ ، وضيق القلب ، وذلك يضعفُ البصر ، وإذا ألقي عليه قميصه ، فلا بد وأن ينشرح صدره ، وأن يحصل في قلبه الفرحُ الشديد ، وذلك يقوِّي الرُّوحَ ، ويزيلُ الضَّعف عن القوى فحينئذ يقوى بصره ، ويزول عنه ذلك ، فهذا القدرُ ممَّا يُمِكنُ معرفته بالقلبِ فإنَّ القوانين الطبيَّة تدلُّ على صحَّة هذا المعنى " . قوله : " بِقَمِيصِي " يجوز أن يتعلَّق بما قبله على أنَّ الباء معدِّية كهي في " ذَهَبتُ بهِ " وأن تكون للحال فتتعلق بمحذوف ، أي : اذهبوا معكم بقميصي ، و " هَذَا " نعتٌ له ، أو بدلٌ ، أو بيانٌ ، و " بَصِيراً " حالٌ ، و " أجْمَعِينَ " توكيد له ، وقد أكد بِهَا دُون كل ، ويجوز أن تكون حالاً .