Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 118-119)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى - : { وَعَلَىٰ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ } الآية لما بيَّن ما يحلُّ وما يحرم لأهل الإسلام ، أتبعه ببيان ما خصَّ اليهودية من المحرَّمات ، فقال : { وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ } وهو المذكور في سورة الأنعام عند قوله - تعالى - : { وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } [ الأنعام : 146 ] . وقوله : " مِنْ قَبْلُ " متعلق بـ " حَرَّمْنَا " أو بـ " قَصَصْنَا " والمضاف إليه قبل تقديره : من قبل تحريمنا على أهل ملتك . " ومَا ظَلمْنَاهُمْ " بتحريم ذلك عليهم { وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } فحرَّمنا عليهم ببغيهم ، وهو قوله : { فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ } [ النساء : 160 ] . قوله - تعالى - : { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ } الآية بين ههنا أن الافتراء على الله ومخالفة أمره ، لا يمنعهم من التوبة وحصول المغفرة والرحمة ، ولفظ " السُّوء " يتناول كل ما لا ينبغي ، وهو الكفر والمعاصي ، وكل من يفعل السوء فإنما يفعله جهلاً ، أما الكفر فلأن أحداً لا يرضى به مع العلم بكونه كفراً ؛ لأنه لو لم يعتقد كونه حقًّا ، فإنَّه لا يختاره ولا يرتضيه ، وأما المعصية ، فلأن العالم لم تصدر عنه المعصية ما لم تصر الشَّهوة غالبة للعقل ، فثبت أن كلَّ من عمل السوء فإنما يقدم عليه بسبب الجهالة ، ثم تابوا من بعد ذلك ، أي : من بعد تلك السَّيئة . وقيل : من بعد تلك الجهالة ، ثم إنَّهم بعد التوبة عن تلك السَّيِّئات أصلحوا ، أي : آمنوا وأطاعوا الله . قوله : " من بعدها " أي : من بعد عمل السوء والتوبة ، والإصلاح ، وقيل : على الجهالة ، وقيل : على السوء ، لأنه في معنى المعصية . " بجهالة " حال من فاعل " عملوا " ، ثم أعاد قوله : " إن ربك من بعدها " على سبيل التأكيد ، " لغَفُورٌ رَّحيمٌ " لذلك السوء الذي صدر عنه بسبب الجهالة .