Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 63-63)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ٱذْهَبْ فَمَن } : تقدَّم أن الباء تدغم في الفاء في ألفاظٍ منها هذه ، عند أبي عمرو ، والكسائي ، وحمزة في رواية خلادٍ عنه ؛ بخلاف في قوله تعالى : { وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَـٰئِكَ } [ الحجرات : 11 ] . وهذا ليس من الذَّهاب الذي هو ضدُّ المجيء ، وإنما معناه : امضِ لشأنك الذي اخترته ، و المقصود التخلية ، وتفويض الأمر إليه ، كقول موسى - صلوات الله عليه - : { فَٱذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلْحَيَٰوةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ } [ طه : 97 ] ثم قال عزَّ وجلَّ : { فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُوراً } . فإن قيل : الأولى أن يقال : فإن جهنَّم جزاؤهم ؛ ليعود الضمير إلى قوله : { فَمَن تَبِعَكَ } ؟ فالجواب من وجوهٍ : الأول : تقديره : جزاؤهم وجزاؤكم ؛ لأنه تقدَّم غائب ومخاطب في قوله : { فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ } فغلَّب المخاطب على الغائب ، فقيل : جزاؤكم . والثاني : يجوز أن يكون الخطاب مراداً به " مَنْ " خاصة ، ويكون ذلك على طريق الالتفات . والثالث : أنه - صلوات الله وسلامه عليه - قال : " مَنْ سَنَّ سُنَّةً سيِّئةً فَعليْهِ وزِرُهَا ووِزْرُ مِنْ عَمِلَ بِهَا إلى يَوْمِ القِيَامَةِ " فكل معصية توجد فيحصل لإبليس مثل وزْرِ ذلك العامل ، فلما كان إبليس هو الأصل في كلِّ المعاصي ، صار المخاطب بالوعيد هو إبليس . قوله تعالى : " جَزَاءً " في نصبه أوجهٌ : أحدها : أنّه منصوبٌ على المصدر ، الناصب له المصدر قبله ، وهو مصدر مبين لنوع المصدر الأول . الثاني : أنه منصوب على المصدر ايضاً ، لكن بمضمرٍ ، أي : يجازون جزاء . الثالث : أنه حالٌ موطئة كـ " جَاءَ زيدٌ رجُلاً صَالحاً " . الرابع : أنه تمييزٌ ، وهو غير متعقَّل . و " مَوفُوراً " اسم مفعولٍ ، من وفرته ، ووفر يستعمل متعدِّياً ، ومنه قول زهير : [ الطويل ] @ 3435 - ومَنْ يَجْعَلِ المعرُوفَ من دُونِ عِرْضهِ يَفِرهُ ومَنْ لا يتَّقِ الشَّتمَ يُشتمِ @@ والآية الكريمة من هذا ، ويستعمل لازماً ، يقال : وفرَ المالُ يَفِرُ وفُوراً ، فهو وَافِرٌ ، فعلى الأول : يكون المعنى جزاء موفَّراً ، وعلى الثاني : يكون المعنى جزاء وافراً مكمَّلاً يقال : وفرتهُ أفرهُ وفْراً .