Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 69-69)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { أَمْ أَمِنتُمْ } : يجوز أن تكون المتصلة ، أي : أيُّ الأمرين كائن ؟ ويجوز أن تكون المنقطعة ، و " أن يعيدكم " مفعول به . قوله " تَارةً " بمعنى مرَّة ، وكرَّة ، فهي مصدرٌ ، ويجمع على تيرٍ وتاراتٍ ، قال الشاعر : [ الطويل ] @ 3442 - وإنْسَانُ عَيْنِي يَحْسِرُ المَاءُ تَارةً فَيَبْدُو ، وتَاراتٍ يَجُمُّ فيَغْرَقُ @@ وألفها تحتمل أن تكون عن واوٍ أو ياءٍ ، وقال الراغب : " وهو فيما قيل : [ مِنْ ] تار الجرحُ : التأمَ " . قوله تعالى : " قَاصِفاً " القاصِفُ يحتمل أن يكون من " قَصَفَ " متعدِّياً ، يقال : قصفت الرِّيحُ الشجر تقصفها قصفاً ؛ قال أبو تمَّام : [ البسيط ] @ 3443 - إنَّ الرِّياحَ إذَا مَا أعْصفَتْ قَصفَتْ عَيْدانَ نَجْدٍ ولمْ يَعْبَأنَ بالرَّتمِ @@ فالمعنى : أنها لا تلفي شيئاً إلا قصفته ، وكسرته . والثاني : أن يكون من " قَصِفَ " قاصراً ، أي : صار له قصيفٌ ، يقال : قَصِفتِ الرِّيحُ ، تقصفُ ، أي : صوَّتتْ ، و " مِنَ الرِّيحِ " نعتٌ . قوله تعالى : { بِمَا كَفَرْتُمْ } يجوز أن تكون مصدرية ، وأن تكون بمعنى " الذي " والباء للسببية ، أي : بسبب كفركم ، أو بسبب الذي كفرتم به ، ثم اتُّسعَ فيه ، فحذفت الباءُ ، فوصل الفعل إلى الضمير ، وإنَّما احتيج إلى ذلك ؛ لاختلافِ المتعلق . وقرأ أبو جعفرٍ ، ومجاهدٌ : " فتُغْرِقَكُم " بالتاء من فوق أسند الفعل لضمير الرِّيح ، وفي كتاب أبي حيَّان : " فتُغْرِقَكُمْ " بتاء الخطاب مسنداً إلى " الرِّيح " والحسن وأبو رجاء بياء الغيبة ، وفتح الغين ، وتشديد الراء ، عدَّاه بالتضعيف ، والمقرىء لأبي جعفر كذلك إلاَّ أنه بتاء الخطاب . قال شهاب الدين : هو إمَّا سهوٌ ، وإمَّا تصحيفٌ من النساخ عليه ؛ كيف يستقيم أن يقول بتاءِ الخطاب ، وهو مسندٌ إلى ضمير الرِّيحِ ، وكأنه أراد بتاء التأنيث ، فسبقه قلمه أو صحَّف عليه غيره . وقرأ العامة " الرِّيحِ " بالإفراد ، وأبو جعفرٍ : " الرِّياح " بالجمع . قوله : " به تَبِيعاً " يجوز في " بِهِ " أن يتعلَّق بـ " تَجِدُوا " وأن يتعلق بـ " تَبِيعاً " ، وأن يتعلق بمحذوفٍ ؛ لأنه حالٌ من " تبيعًا " والتَّبِيعُ : المطالب بحقِّ الملازمُ ، قال الشَّماخ : [ الوافر ] @ 3444 - … كمَا لاذَ الغَريمُ مِنَ التَّبيعِ @@ وقال آخر : [ الطويل ] @ 3445 - غَدَوْا وغَدتْ غِزلانُهمْ فَكأنَّهَا ضَوَامِنُ مِنْ غُرْمٍ لهُنَّ تَبِيعُ @@ فصل ومعنى الآية { أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ } ، يعني في البحر { تَارَةً أُخْرَىٰ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً } . قال ابن عباس - رضي الله عنه - : أي عاصفاً ، وهي الرِّيح الشديدة وقال أبو عبيدة : هي الرِّيح التي تقصف كلَّ شيءٍ ، أي : تدقٌّه وتحطمه { فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً } ناصراً ولا ثائراً ، وتبيع بمعنى تابعٍ ، أن تابعاً مطالباً بالثَّأر . وقال الزجاج - رضي الله عنه - : من يتبعنا بإنكارِ ما نزل بكم ، ولا من يتتبّعنا بأن نصرفه عنكم .