Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 94-94)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يَا بْنَ أُمَّ } قيل : إنما خاطبه بذلك ليدفعه عنه ، ويتركه . وقيل : كان أخاه لأمه . واعلم أنه ليس في القرآن دلالة على أنَّه فَعَلَ ذلك ، فإن النهي عن الشيء لا يدل على كون المنهي فاعلاً للمنهي عنه لقوله تعالى : { وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ } [ الأحزاب : 1 ، 48 ] وإنما في القرآن أنه أخذ برأس أخيه يجره إليه . ، وهذا القدر لا يدل على الاستحقاق بل قد يفعل لسائر الأغراض على ما بيناه . قوله : { لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي } الجمهور على كسر اللام من اللحية ، وهي الفصحى . وفيها الفتح وبه قرأ عيسى بن سليمان الحجازي ، والفتح لغة الحجاز ويجمع على لِحّى كقِرَب . ونقل فيها الضم كما قالوا : صِوَر بالكسر وحقها بالضم . والباء في " بِلِحْيَتِي " ليست زائدة إما لأنَّ المعنى لا يكن منك أخذ وإما لأن المفعول محذوف أي لا تأخُذْنِي . ومن زعم زيادتها كهي في { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ } [ البقرة : 195 ] فقد تعسف . فصل معنى قوله : " بِرَأْسِي " أي بِشَعْر رأسي ، وكان قد أخذ بذؤابته " إنِّي خَشِيتُ " لو أنكرت عليهم لصاروا حريين بقتل بعضهم بعضاً ، فتقول أنت { فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } ولم تحفظ وصيتي حين قلت لك : { ٱخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ } [ الأعراف : 142 ] أي ارفق بهم . قوله : { وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلي } هذه الجملة محلها النصب نسقاً على { فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ } أي أن تقول : فرقت بينهم وأن تقول : { وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } . وقرأ أبو جعفر " تُرقب " بضم حرف المضارعة من أرقب . فإن قيل : إن قول موسى - عليه السلام - " وما منعك أن لا تتبعن أفعَصَيْتَ أمْرِي " يدل على أنه أمره بشيء ، فكيف يحسن في جوابه أن يقال : إنما لم أمتثل قولك خوفاً من أن تقول " وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي " ، وهل يجوز مثل هذا الكلام على العاقل ؟ فالجواب : لعلَّ موسى - عليه السلام - إنما أمره بالذهاب إليه بشرط أن لا يؤدي ذلك إلى فساد القوم ، فلما قال موسى " مَا مَنَعَكَ أَْنْ لاَ تَتَّبِعنِي " قال لأنك إنما أمرتني باتباعك إذا لم يحصل الفساد ، فلو جئتك مع حصول الفساد ما كنت مراقباً لك .