Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 76-77)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَنُوحاً إِذْ نَادَىٰ مِن قَبْلُ } الآية . في نصب " نوحاً " وجهان : أحدهما : أنه منصوب عطفاً على " لوطاً " فيكون مشتركاً معه في عامله الذي هو " آتَيْنَا " المفسر بـ " ءَاتَيْنَاهُ " الظاهر ، وكذلك " دَاودَ وَسُلَيْمَانَ " والتقدير : وَنُوْحاً آتيناه حُكْماً وداود وسليمان آتيناهما حكماً ، وعلى هذا فـ " إذْ " بدل من " نُوحاً " ومن " داود وسليمان " بدل اشتمال ، وتقدم تحقيق مثل هذا في طه . الثاني : أنه منصوب بإضمار ( اذكر ) ، أي : اذكر نوحاً وداود وسليمان أي : اذكر خبرها وقصتهم ، وعلى هذا فيكون " إذْ " منصوبة بنفس المضاف المقدر ، أي : خبرهم الواقع في وقت كان كيت وكيت . وقوله : " مِن قَبْلُ " أي : من قبل هؤلاء المذكورين . فصل المراد من هذا النداء : دعاؤه على قومه بالعذاب ، ويدل على ذلك قوله : { أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ } [ القمر : 10 ] ، وقوله : { رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ دَيَّاراً } [ نوح : 26 ] ويؤكده قوله تعالى " فَاسْتَجَبْنَا لَهُ " " فَنَجَّيْنَاهُ " ، يدل على ذلك أنَّ نداءه ودعاءه كان بأن ينجيه مما يلحقه من جهتهم من الأذى بسبب تكذيبهم وردهم عليه واتفق المحققون على أنَّ ذلك النداء كان بأمر الله ، لأنَّه لو لم يكن بإذنه لم يؤمن أن يكون المصلحة أن لا يجاب إليه ، فيصير ذلك سبباً لنقصان حال الأنبياء . وقال آخرون : لم يكن مأذوناً له في ذلك . قال أبو أمامة : لم يتحسر أحد من خلق الله كحسرة آدم ونوح - عليهما السلام - فحسرة آدم على قبول وسوسة إبليس ، وحسرة نوح على دعائه على قومه فأوحى الله إليه أن دعوتك وافقت قدرتي قوله : { فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ } المراد بالأهل هنا أهل دينه قال ابن عباس : المراد { مِنَ الكَرْبِ العَظِيمِ } من الغرق وتكذيبه قومه وقيل : لأنه كان أطول الأنبياء عُمراً وأشدَّهُمْ بلاءً ، والكرب أشد الغم . قوله : { وَنَصَرْنَاهُ مِنَ ٱلقَوْمِ } فيه أوجه : أحدها : أن يُضمن " نَصَرْنَاهُ " معنى منعناه وعصمناه ، ومثله { فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ ٱللَّهِ } [ غافر : 29 ] فلما تضمن معناه تعدى تعديته . والثاني : أنَّ ( نصر ) مطاوعه ( انتصر ) فتعدى تعدية ما طاوعه ، قال الزمخشري هو نصر الذي مطاوعه انتصر ، وسمعت هذلياً يدعو على سارق اللهم انصرهم منه أي : اجعلهم منتصرين منه . ولم يظهر فرق بالنسبة إلى التضمين المذكور فإن معنى قوله : منتصرين منه أي : ممتنعين أو معصومين منه . الثالث : أن " مِنْ " بمعنى " عَلَى " أي : على القوم ، ( وقرأ أبي " ونَصَرْنَاهُ عَلَى القَوْمِ " ) . قال المبرد : ونصرناه من مكروه القوم . قال تعالى : { فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ ٱللَّهِ } [ غافر : 29 ] . والمعنى منعناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا أن يصلوا إليه بسوء { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ } لتكذيبهم له وردهم عليه { فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ } فخلصه منهم بذلك .