Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 91-91)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَٱلَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا } الآية . يجوز أن ينتصب قوله : " وَالَّتِي " نسقاً على ما قبلها ، وأن ينتصب بإضمار اذكر ، وأن يرتفع بالابتداء ، والخبر محذوف ، أي : وفيما يتلى عليكم التي أحصنت . ويجوز أن يكون الخبر " فَنَفَخْنَا " وزيدت الفاء على رأي الأخفش نحو زيد فقائم . وفي كلام الزمخشري : نفخنا الروح في عيسى فيها . قال أبو حيان مؤاخذاً له : فاستعمل " نفخ " متعدياً والمحفوظ أنه لا يتعدى فيحتاج في تعديه إلى سماع ، وغير متعد استعمله هو في قوله ؛ أي : نفخت في المزمار . انتهى ما آخذه به . قال شهاب الدين : وقد سمع " نفخ " متعدياً ، ويدل على ذلك ما قرىء في الشاذ " فانفخها فَيَكُونُ طَائِراً " ، وقد حكاها هو قراءة ، فكيف ينكرها . فعليك بالالتفات إلى ذلك . وقال ابن الخطيب : جعلنا النفخ في مريم من جهة روحنا وهو جبريل - عليه السلام - لأنه نفخ في جيب درعها ، فوصل النفخ إلى جوفها أي : أمرنا جبريل فنفخ في جيب درعها ، وأحدثنا بذلك النفخ المسيح في بطنها وأضاف الروح إليه تشريفاً لعيسى ( - عليه السلام - ) . ومعنى " أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا " أي : إحصاناً كلياً من الحلال والحرام جميعاً كما قالت : { وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً } [ مريم : 20 ] . وقيل : منعت جبريل جيب درعها قبل أن تعرفه . والأول أولى لأنه الظاهر من اللفظ . قوله : { وَجَعَلْنَاهَا وَٱبْنَهَآ آيَةً لِّلعَالَمِينَ } أما مريم فآياتها كثيرة : إحداها : ظهور الحبل فيها لا من ذكر ، وذلك معجزة خارجة عن العادة . وثانيها : أنَّ رزقها كان يأتيها به الملائكة من الجنة لقول زكريا : { أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ } [ آل عمران : 37 ] . وثالثها : ورابعها : قال الحسن : أنها لم تلتقم ثدياً قط ، وتكلمت هي أيضاً في صباها كما تكلم عيسى . وأما آيات عيسى - عليه السلام - فقد تقدم بيانها فإن قيل : هلا قيل آيتين كما قال : { وَجَعَلْنَا ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ ءَايَتَيْنِ } [ الإسراء : 12 ] ليطابق المفعول ؟ فالجواب : أنَّ كلاًّ منهما آية بالآخر فصارا آية واحدة ، لأنّ حالهما بمجموعهما آية واحدة ، وهي ولادتها إياه من غير فحل . أو تقول : حذف من الأول لدلالة الثاني ، أو بالعكس أي : وجعلنا ابن مريم آية وأمه كذلك ، وهو نظير الحذف في قوله : { وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ } [ التوبة : 62 ] وقد تقدم . أو أنّ معنى الكلام : جعلنا شأنهما وأمرهما آية .