Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 89-90)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَزَكَرِيَّآ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً } الآية . اعلم أنه تعالى بين هاهنا انقطاع زكريا إلى ربه لما مسه الضر بتفرده ، وأحب من يؤنسه ويقويه على أمر دينه ودنياه ، ويقوم مقامه بعد موته ، فدعا الله تعالى دعاء مخلص عارف بقدرة ربه على ذلك ، وانتهت به الحال وبزوجه من الكبر وغيره ما يمنع من ذلك بحكم العادة فقال : { رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً } وحيداً لا ولد لي ، وارزقني وارثاً ، { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْوَارِثِينَ } ثناء على الله بأنه الباقي بعد فناء الخلق ، وأنه أفضل من بقي حياً . ويحتمل أن يكون المعنى : إن لم ترزقني من يرثني فلا أبالي فإنك خير الوارثين . قال ابن عباس : كان سنه مائة سنة ، وسن زوجته تسعاً وتسعين ، " فَاسْتَجَبْنَا لَهُ " أي : فعلنا ما أراده بسؤاله ، { وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ } ولداً صالحاً { وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ } أي : جعلناها ولوداً بعد ما كانت عقيماً . قاله أكثر المفسرين وقيل : كانت سيئة الخلق سلطة اللسان فأصلح الله خلقها . وقيل : جعلها مصلحة في الدين ، فإن صلاحها في الدين من أكبر أعوانه ، لأنه يكون إعانة في الدين والدنيا واعلم أنَّ قوله { وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ } يدل على أن الواو لا تفيد الترتيب ، لأنَّ إصلاح الزوج مقدم على هبة الولد مع أنه تعالى أخره في اللفظ . ثم قال : " إِنَّهُمْ " يعني الأنبياء الذين سماهم في هذه السورة . وقيل : زكريا وولده وأهله { كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ } ، والمسارعة في طاعة الله من أكبر ما يمدح المرء به ، لأنه يدل على حرص عظيم على الطاعة . قوله : " وَيَدْعُونَنَا " العامة على ثبوت نون الرفع قبل ( نا ) مفكوكة منها وقرأت فرقة " يَدْعُونَا " بحذف نون الرفع . وطلحة بإدغامها فيها . وهذا الوجهان فيهما إجراء نون ( نا ) مجرى نون الوقاية . وقد تقدم . قوله : " رَغَباً وَرَهَباً " يجوز أن ينتصبا على المفعول من أجله ، وأن ينتصبا على أنهما مصدران واقعان موقع الحال ، أي : راغبين راهبين ، وأن ينتصبا على المصدر الملاقي لعامله في المعنى دون اللفظ ، لأن ذلك نوع منه . والعامة على فتح الغين والهاء . وابن وثاب والأعمش ورويت عن أبي عمرو بسكون الغين والهاء ، ونقل عن الأعمش وهو الأشهر عنه بضم الراء وما بعدها . وقرأت فرقة بضمة وسكون فيهما . فصل ومعنى " رَغَباً " : طمعاً " وَرَهَباً " : خوفاً ، أي : رغباً في رحمة الله ، ورهباً من عذاب الله . { وَكَانُواْ لَنَا خَاشِعِينَ } أي : متواضعين ، قال قتادة : ذلك لأمر الله . وقال مجاهد : الخشوع هو الخوف اللازم في القلب .