Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 1-2)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ } أي : احذروا عقابه . والأمرُ بالتقوى يتناولُ اجتنابَ المحرمات ، واجتنابَ تركِ الواجبات . قوله : { إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ } الزلزلة : شدة حركة الشيء ، ويجوز في هذا المصدر وجهان : أحدهما : أن يكون مضافاً لفاعله ، وذلك على تقديرين : أحدهما : أن يكون من ( زَلْزَلَ ) اللازم بمعنى : يُزَلْزِل ، فالتقدير : أن تزلزل السَّاعة . والثاني : أن يكون من ( زَلْزَلَ ) المتعدي ، ويكون المفعول محذوفاً تقديره : إن زلزال الساعةِ الناسَ ، كذا قدره أبو البقاء . والأحسن أن يقدر : إن زلزال الساعة الأرض ، يدل عليه { إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ } [ الزلزلة : 1 ] ، ونسبة التزلزل أو الزلزال إلى الساعة على سبيل المجاز . الوجه الثاني : أن يكون المصدر مضافاً إلى المفعول به على طريقة الاتساع في الظرف كقوله : @ 3743 - طَبَّاخِ سَاعَاتِ الكَرَى زَادَ الكَسِل @@ وقد أوضح الزمخشري ذلك بقوله : ولا تخلو " السَّاعَةُ " من أن تكون على تقدير الفاعل لها ، كأنها هي التي تزلزل الأشياء على المجاز الحكمي ، فتكون الزلزلة مصدراً مضافاً إلى فاعله ، وعلى تقدير المفعول فيها على طريقة الاتساع في الظرف ، وإجرائه مجرى المفعول به كقوله تعالى : { مَكْرُ ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } [ سبأ : 33 ] . فصل اختلفوا في وقت هذه الزلزلة ، فقال علقمة والشعبي : هي من أشراط الساعة قبل قيام الساعة ، ويكون بعدها طلوع الشمس من مغربها . وقال ابن عباس : زلزلة الساعة قيامها ، فتكون فعلها روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الصور : " إِنَّهُ قَرْنٌ عظيمٌ ينفخ فيه ثلاث نفخات : نفخة الفَزَع ، ونفخة الصَّعْقِ ، ونفخة القيامة ، وإن عند نفخة الفزع يسير الله الجبال ، وتَرْجُف الراجفة ، تتبعها الرّادِفَة ، قلوب يومئذٍ واجِفَة وتكون الأرض كالسفينة حصرتها الأمواج أو كالقِنْديل المعلق تموجها الرياح " قال مقاتل وابن زيد : هذا في أول يوم من أيام الآخرة وليس في الآية دلالة على هذه الأقوال ، لأن هذه الإضافة [ تصح ] وإن كانت فيها ومعها كقولنا : آيات الساعة وأمارات الساعة . قوله : " يَوْم " ، فيه أوجه : أحدها : أن ينتصب بـ " تَذْهَلُ " ، ولم يذكر الزمخشري غيره . الثاني : أنه منصوب بـ " عَظِيم " . الثالث : أنه منصوب بإضمار " اذْكُر " . الرابع : أنه بدل من " السَّاعة " ، وإنما فُتِح لأنه مبني ، لإضافته إلى الفعل وهذا إنما يتمشى على قول الكوفيين ، وتقدم تحقيقها آخر المائدة . الخامس : أنه بدل من " زَلْزَلة " بدل اشتمال ، لأن كلاًّ من الحدث والزمان يصدق أنه مشتمل على الآخر . ولا يجوز أن ينتصب بـ " زَلْزَلة " لما يلزم من الفصل بين المصدر ومعموله بالخبر . قوله : " تَرَوْنَها " في هذا الضمير قولان : أظهرهما : أنه ضمير الزلزلة ؛ لأنها المحدث عنها ، ويؤيده أيضاً قوله { تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ } . والثاني : أنه ضمير الساعة . فعلى الأول : يكون الذهول والوضع حقيقة ؛ لأنه في الدنيا . وعلى الثاني : يكون على سبيل التعظيم والتهويل ، وأنها بهذه الحيثية ، إذ المراد بالساعة القيامة ، وهو كقوله : { يَوْماً يَجْعَلُ ٱلْوِلْدَانَ شِيْباً } [ المزمل : 17 ] . قوله : " تَذْهَل " في محل نصب على الحال من الهاء في " تَرَوْنَها " ، فإن الرؤية هنا بَصَريَّة ، وهذا إنما يجيء على غير الوجه الأول ، وأما الوجه الأول وهو أنّ " تَذْهَلُ " ناصب لـ " يَوْمَ تَرَوْنَها " فلا محل للجملة من الإعراب ؛ لأنها مستأنفة ، أو يكون محلها النصب على الحال من الزلزلة ، أو من الضمير في " عَظِيْم " وإن كان مذكراً ، لأنه هو الزلزلة في المعنى ، أو من " الساعة " وإن كانت مضافاً إليها ، لأنه إما فاعل أو مفعول كما تقدم . وإذا جعلناها حالاً فلا بد من ضمير محذوف تقديره : تذهل فيها . وقرأ العامة : " تَذْهَل " بفتح التاء والهاء من : ذهل عن كذا يذهل . وقرأ ابن أبي عبلة واليماني : بضم التاء وكسر الهاء ، ونصب " كل " على المفعول به من أذهله عن كذا يُذْهله ، عدّاه بالهمزة . والذهول : الاشتغال عن الشيء ، وقيل : إذا كان مع دهشته وقيل : إذا كان ذلك لطرآن شاغل من هَمّ أو مرض ونحوهما ، وذهل بن شيبان أصله من هذا . والمرضعة : من تلبست بالفعل ، والمرضع من شأنها أن تُرْضع كحائض فإذا أراد التلبس قيل : حائضة . قال الزمخشري : فإن قلت : لم قيل " مُرْضِعَة " دون مُرْضِع ؟ قلت : المرضعة هي التي في حال الإرضاع ملقمة ثديها الصبي ، والمرضع التي من شأنها أن ترضع وإن لم تباشر الإرضاع في حال وصفها ( به ) . والمعنى : أن من شدة الهول تذهل هذه عن ولدها فكيف بغيرها . وقال بعض الكوفيين : المرضعة يقال للأم ، والمُرْضِع يقال للمستأجرة غير الأم ، وهذا مردود بقول الشاعر : @ 3744 - كَمُرْضِعَةٍ أَوْلاَدَ أُخْرَى وَضَيَّعَتْ بَنِي بَطْنِهَا هَذَا الضَّلاَلُ عَنِ القَصْدِ @@ فأطلق المرضعة بالتاء على غير الأم . وقول العرب مرضعة يرد أيضاً قول الكوفيين : إن الصفات المختصة بالمؤنث لا يلحقها تاء التأنيث نحو : حائض وطالق . فالذي يقال : إن قصد النسب فالأمر على ما ذكروا ، وإن قصد الدلالة على التلبس بالفعل وجبت التاء ، فيقال : حائضة وطَالِقَة وطامثة . قوله : " عَمَّا أَرْضَعتْ " يجوز في " ما " أن تكون مصدرية ، أي : عن إرضاعها ، ولا حاجة إلى تقدير حذف على هذا . ويجوز أن تكون بمعنى ( الذي ) ، فلا بد من حذف عائد ، أي : أرضعته ، ويقويه تعدي " تضع " إلى مفعول دون مصدر . والحمل - بالفتح - ما كان في بطن أو على رأس شجر ، وبالكسر ما كان على ظهر . قوله : { وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَارَىٰ } . العامة على فتح التاء من " تَرَى " على خطاب الواحد . وقرأ زيد بن عليّ بضم التاء وكسر الراء على أن الفاعل ضمير الزلزلة ، أو الساعة وعلى هذه القراءة فلا بد من مفعول أول محذوف ليتمّ المعنى به ، أي : وتُرِي الزلزلة أو الساعة الخلق الناس سكارى . ويؤيد هذا قراءة أبي هريرة وأبي زرعة وأبي نهيك " تُرَى النَّاسَ سُكَارَى " بضم التاء وفتح الراء على ما لم يسم فاعله ونصب " النَّاسَ " ، بَنَوْه من المتعدي لثلاثة ، فالأول قام مقام الفاعل وهو ضمير المخاطب ، و " النَّاسَ سُكَارَى " هما الثاني والثالث . ويجوز أن يكون متعدياً لاثنين فقط على معنى وتري الزلزلة أو الساعة الناس قوماً سكارى ، فـ " النَّاس " هو الأول و " سُكَارَى " هو الثاني وقرأ الزعفراني وعباس في اختياره " وترى " كقراءة أبي هريرة إلا أنهما رفعاً " النَّاسَ " على أنه مفعول لم يسم فاعله ، والتأنيث في الفعل على تأويلهم بالجماعة . وقرأ الأخوان " سَكْرَى وَمَا هُمْ بِسَكْرَى " على وزن وصفه المؤنثة بذلك واختلف في ذلك هل هذه صيغة جمع على فعلى كمرضى وقتلى ، أو صفة مفردة استغني بها في وصف الجماعة خلاف مشهور تقدم في قوله " أَسْرَى " . وظاهر كلام سيبويه أنه جمع تكسير فإنه قال : وقوم يقولون : " سَكْرَى " جعلوه مثل مَرْضَى . لأنهما شيئان يدخلان على الإنسان ثم جعلوا روبى مثل سكرى ، وهم المستثقلون نوماً لا من شرب الرائب . وقال الفارسي : ويجوز أن يكون جمع سَكِر كزَمِن وزَمْنَى ، وقد حكي : رجل سكر بمعنى سكران ، فيجيء سكرى حينئذ لتأنيث الجمع . قال شهاب الدين : ومن ورود سكر بمعنى سكران قوله : @ 3745 - وَقَدْ جَعَلْتُ إِذَا مَا قُمْت يُثْقِلُني ثَوْبِي فَأَنْهَضُ نَهْضَ الشَّارِبِ السَّكِرْ وكُنْتُ أَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ مُعْتَدِلاً فَصِرْتُ أَمْشِي عَلَى أُخْرَى مِنَ الشَّجَرْ @@ ويروى البيت الأول : الشارب الثمل . وبالراء أصح لدلالة البيت الثاني عليه . وقرأ الباقون " سُكَارَى " بضم السين ، وقد تقدم في البقرة خلاف ، هل هذه الصيغة جمع تكسير أو اسم جمع . وقرأ أبو هريرة وأبو نهيك وعيسى بفتح السين فيهما ، وهو جمع تكسير واحده سكران . قال أبو حاتم : وهي لغة تميم . وقرأ الحسن والأعرج وأبو زرعة والأعمش " سُكْرَى " " وَمَا هُمْ بِسُكْرَى " بضم السين فيهما . فقال ابن جني : هي اسم مفرد كالبشرى بهذا أفتاني أبو علي . وقال أبو الفضل : فُعلى بضم الفاء صفة الواحد من الإناث ، لكنها لما جعلت من صفات الناس وهم جماعة أجريت الجماعة بمنزلة المؤنث الموحد . وقال الزمخشري : وهو غريب . قال شهاب الدين : ولا غرابة فإن فعلى بضم الفاء كثير مجيئها في أوصاف المؤنثة نحو الرُّبَّى والحُبْلَى . وجوَّز أبو البقاء فيه أن يكون محذوفاً من سكارى وكان من حق هذا القارئ أن يحرك الكاف بالفتح إبقاء لها على ما كانت عليه وقد رواها بعضهم كذلك عن الحسن . وقرئ " ويَرَى الناسُ " بالياء من تحت ، ورفع " النَّاسُ " . وقرأ أبو زرعة في رواية " سَكْرَى " بالفتح " ومَا هُمْ بِسُكْرَى " بالضم . وعن ابن جبير كذلك إلا أنه حذف الألف من الأول دون الثاني . وإثبات السكر وعدمه بمعنى الحقيقة والمجاز ، أي : { وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَارَىٰ } على التشبيه { وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ } على التحقيق . قال الزمخشري : فإن قلت : لم قيل أولاً : ترون ، ثم قيل : ترى على الإفراد ؟ قلت : لأن الرؤية أولاً علقت بالزلزلة ، فجعل الناس جميعاً رائين لها ، وهي معلقة أخيراً بكون الناس على حال السكر ، فلا بد أن يجعل كل واحد منهم رائياً لسائرهم . فصل " روي أن هاتين الآيتين نزلتا بالليل في غزوة بني المصطلق ، والناس يسيرون ، فنادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاجتمعوا حوله ، فقرأهما عليهم ، فلم يُرَ أكثر باكياً من تلك الليلة ، فلما أصبحوا لم يحطوا السروج على الدواب ولم يضربوا الخيام ولم يطبخوا القدور ، والناس بين باك وجالس حزين متفكر . فقال عليه السلام : " أَتَدْرُونَ أَيَّ ذَلِكَ اليَوْم " ؟ قالوا : اللهُ وَرَسُولُه أَعْلَم . قال : " ذَلِكَ يَوْم يَقُولُ اللهُ تَعَالى لآدم : قُمْ فَابعَثْ بَعْثَ النَّار مِنْ وَلَدِك ، فَيَقُول آدَمُ : وَمَا بعث النَّارِ ؟ فيقُولُ اللهُ تعالى مِنْ كُلِّ ألْفٍ تِسْعمائةٍ وتسعة وتسعون إلى النَّارِ وَوَاحِدٌ إلى الجَنَّة ، فَعِنْدَ ذَلِك يَشيْبُ الصَّغِيْر ، وتَضَعُ كُلُّ ذات حَمْلٍ حَمْلَهَا ، وَترى النَّاسَ سُكَارَى وَما هُم بِسُكارى وَلَكِن عَذاب اللهِ شَدَيد " قال : فيقولون : وأَيُّنا ذِلكَ الواحِدُ فقال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : " تِسْعمائةٍ وتِسْعَةٌ وتِسْعُونَ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ومنكُمْ وَاحِد " " . وفي رواية فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " " يَسِّرُوا وسَدِّدُوا وقَارِبُوا فَإنَّ مَعَكُمْ خَلِيقَتَيْن مَا كَانَتَا في قَوْم إِلاَ كَثرُوا يَأْجُوْجَ وَمَأْجُوْجَ " ثم قال : " إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُوْنُوا رُبْعَ أَهْلِ الجَنَّة " فكبَّرُوا وحَمَدُوا اللَّهَ ، ثم قال : " إِنِّي لأرْجُوا أَنْ تَكُونوا نِصْفَ أَهْلِ الجَنَّة " فَكبَّرُوا وحَمَدُوا الله ، ثم قال : " إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تُكُونُوا ثُلُثَي أهلِ الجَنَّة ، إِنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ مائَة وعشرُونَ صَفّاً ، ثَمَانُونَ مِنْ أُمَّتي وما المُسلمُونَ في الكُفَّار إلا كالشَّامَةِ في جنب البعير ، أو كالشَّعرة البيضاء في الثور الأسود " ثم قال : " ويَدْخُلُ مِنْ أُمَّتي سَبْعُونَ ألْفاً الجَنَّة بِغَيْر حِسَاب " فقال عمر : سبعُونَ ألفاً . فقال : " نَعَمْ وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ سَبْعُونَ أَلْفاً " فقام عكاشة بن محصن وقال : يا رسول اللهِ ادعُ اللهَ أن يجعلني منهم . قال : " أَنْتَ مِنْهُم " فقام رجل من الأنصار وقال مثل قوله ، فقال : " سبقك بها عكاشة " . فخاض الناس في السبعين ألفاً ، فأخبروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما قالوا ، فقال عليه السلام : " هم الذين لا يكذبون ولا يزنون ولا يسرقون ولا ينظرون وعلى ربهم يتوكلون " " . فصل معنى الآية قال ابن عباس : " تَذْهَلُ " تشغل ، وقيل : تتنسى " كُلُّ مُرْضِعَةٍ " إذا شاهدت ذلك الهول وقد ألقمت المرضع ثديها نزعته من فيه لما يلحقها من الدهشة " عَمَّا أَرْضَعَتْ " أي عن إرضاعها أو عن الذي أرضعته ، وهو الطفل ، { وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا } أي تسقط ولدها التمام وغير التمام . قال الحسن : وهذا يدل على أن الزلزلة تكون في الدنيا ؛ لأن بعد البعث لا يكون حبل . قال القفال : ويحتمل أن يقال : إن من ماتت حاملاً أو مرضعة بعثت حاملاً ومرضعة تضع حملها من الفزع ، ويحتمل أن يكون المراد من ذهول المرضعة ووضع الحامل على جهة المثل كما تأولوا قوله : { يَوْماً يَجْعَلُ ٱلْوِلْدَانَ شِيباً } [ المزمل : 17 ] . و { وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَارَىٰ } من الخوف { وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ } من الشراب . وقيل : معناه كأنهم سكارى ، ولكن ما أرهقهم من خوف عذاب الله هو الذي أذهب عقولهم . فإن قيل : هل يحصل ذلك الخوف لكل أحد أو لأهل النار خاصة ؟ فالجواب : قال قوم إن الفزع الأكبر وغيره يختص بأهل النار ، وإن أهل الجنة يحشرون وهم آمنون ، لقوله : { لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ } [ الأنبياء : 103 ] وقيل : بل يحصل للكل ؛ لأنه سبحانه لا اعتراض عليه في شيء من أفعاله . فصل احتجت المعتزلة بقوله { إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ } وصفها بأنها شيء مع أنها معدومة . وبقوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ البقرة : 20 ] فالشيء الذي قدر الله عليه إما أن يكون موجوداً أو معدوماً ، والأول محال وإلا لزم كون القادر قادراً على إيجاد الموجود ، وإذا بطل هذا ثبت أن الشيء الذي قدر الله عليه معدوم ، فالمعدوم شيء ( واحتجوا أيضاً بقوله تعالى : { وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَداً إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } [ الكهف : 23 ، 24 ] أطلق اسم الشيء على المعدوم في الحال ، فالمعدوم شيء ) . وأجيب عن الأول أن الزلزلة عبارة عن الأجسام المتحركة . وهي جواهر قامت بها أعراض ، وتحقق ذلك في العدم محال ، فالزلزلة يستحيل أن تكون شيئاً حال عدمها ، فلا بد من التأويل ، ويكون المعنى أنها إذا وجدت صارت شيئاً وهذا هو الجواب عن الباقي .