Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 77-78)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ } إلى آخر السورة . لما ذكر الإلهيات ثم النبوات أتبعه بالكلام في الشرائع ، وهو من أربعة أوجه : الأول : تعيين المأمور . والثاني : أقسام المأمور به . والثالث : ذكر ما يوجب تلك الأوامر . والرابع : تأكيد ذلك التكليف . فأما تعيين المأمور به فهو قوله : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } وهذا خطاب للمؤمنين ؛ لأنه صرح بهم ، ولقوله : " هُوَ اجْتَبَاكُمْ " ، ولقوله : { هُوَ سَمَّاكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ } ، وقوله { وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ } . وقيل : خطاب لكل المكلفين مؤمناً كان أو كافراً ؛ لأن التكليف بهذه الإشارة عامّ في كل المكلفين فلا معنى لتخصيص المؤمن بذلك . وأما فائدة التخصيص ، فلأنه لما لم يقبله إلا المؤمنون خصهم بالذكر ليحرضهم على المواظبة على ما قبلوه ، وكالتشريف لهم في ذلك الإفراد . وأما المأمور به فأربعة أمور : الأول : الصلاة وهو المراد بقوله : " ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا " وذلك لأن أشرف أركان الصلاة هو الركوع والسجود ، والصلاة هي المختصة بهذين الركنين ، فجرى ذكرهما مجرى ذكر الصلاة ، وذكر ابن عباس : أن الناس كانوا في أول إسلامهم يركعون ولا يسجدون حتى نزلت هذه الآية . والثاني : قوله : " وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ " قيل : وحدوه . وقيل : اعبدوا ربكم في سائر المأمورات والمنهيات . وقيل : افعلوا الركوع والسجود وسائر الطاعات بنية العبادة . الثالث : قوله : " وَافْعَلُوا الخَيْرَ " قال ابن عباس : هو صلة الرحم ومكارم الأخلاق " لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " لكي تفوزوا بالجنة . وقيل : كلمة " لَعَلَّ " للترجي ، فإن الإنسان قلما يخلو في أداء الفريضة من تقصير ، فليس هو على يقين من أن الذي أتى به هل هو مقبول عند الله والعواقب مستورة " وكلٌّ ميسَّرٌ لما خُلِقَ له " فصل اختلفوا في سجود التلاوة عند قراءة هذه الآية ، فذهب عمر وعلي وابن عمر وابن مسعود وابن عباس : إلى أنه يسجد ، وبه قال ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق لما روى عقبة بن عامر قال : " قلت : يا رسول الله فضلت سورة الحج بأن فيها سجدتين قال : " نعم ، من لم يسجدهما فلا يقرأهما " وقال سفيان الثوري وأصحاب الرأي : لا يسجد هاهنا . وعدد سجود القرآن أربع عشرة سجدة عند أكثر أهل العلم منها ثلاث في المفصل ، وروي عن أبيّ بن كعب وابن عباس : ليس في المفصل سجود ، وبه قال مالك . وقد صح عن أبي هريرة قال : سجدنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في " اقْرَأ " و { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } [ الانشقاق : 1 ] . وأبو هريرة متأخر الإسلام . واختلفوا في سجدة ص فروي عن ابن عباس أنها سجدة شكر وهو مذهب الشافعي وعن عمر أنه يسجد فيها ، وهو قول الثوري وابن المبارك وأصحاب الرأي وأحمد وإسحاق . الرابع : قوله : { وَجَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ } يجوز أن يكون " حَقَّ جِهَادِهِ " منصوباً على المصدر ، وهو واضح . وقال أبو البقاء : ويجوز أن يكون نعتاً لمصدر محذوف ، أي جهاداً حق جهاده . وفيه نظر من حيث إن هذا معرفة فكيف يجعل صفة لنكرة . قال الزمخشري : فإن قلت : ما وجه هذه الإضافة ، وكان القياس : حقّ الجهاد فيه أو حق جهادكم فيه كما قال { وَجَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ } . قلت : الإضافة تكون بأدنى ملابسة واختصاص فلما كان الجهاد مختصاً بالله من حيث إنه مفعول من أجله ولوجهه صحت إضافته إليه ، ويجوز أن يتسع في الظرف كقوله : @ 3779 - وَيَوْمٍ شَهِدْنَاهُ سُلَيْماً وَعَامِرا @@ يعني بالظرف الجار والمجرور كأنه كان الأصل : حق جهاد فيه . فحذف حرف الجر وأضيف المصدر للضمير ، وهو من باب هو حقّ عالم وجد ، أي : عالم حقاً وعالم جداً . فصل المعنى : جاهدوا في سبيل الله " أعداء اللَّه حَقَّ جِهَادِهِ " هو استفراغ الطاقة فيه . قاله ابن عباس ، وعنه قال : لا تخافون لومة لائم . وقال الضحاك ومقاتل : اعملوا لله حق عمله واعبدوه حق عبادته . وقال مقاتل بن سليمان : نسخها قوله : { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ } [ التغابن : 16 ] وهذا بعيد لأن التكليف شرطه القدرة لقوله تعالى : { لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } [ البقرة : 286 ] { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } [ البقرة : 78 ] و { يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ } [ البقرة : 185 ] . فكيف يقول : { وَجَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ } على وجه لا يقدرون عليه ؟ وقال أكثر المفسرين : حق الجهاد أن يكون بنية صادقة . وقيل : يفعله عبادة لا رغبة في الدنيا من حيث الاسم والغنيمة . وقيل : يجاهدوا آخراً كما جاهدوا أولاً ، فقد كان جهادهم في الأول أقوى ، وكانوا فيه أثبت نحو صنعهم يوم بدر ، روي عن عمر أنه قال لعبد الرحمن بن عوف : أما علمت أنا كنا نقرأ " وَجَاهِدُوا في اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ في آخر الزمان كما جاهدتم في أوله " ؟ قال عبد الرحمن : ومتى ذلك يا أمير المؤمنين ؟ قال : إذا كانت بنو أمية الأمراء ، وبنو المغيرة الوزراء . واعلم أنه يبعد أن تكون هذه الزيادة من القرآن ، وإلا لنقل كنقل نظائره ، ولعله إن صح ذلك عن الرسول فإنما قاله كالتفسير للآية . وروي عن ابن عباس أنه قرأ : " وَجَاهِدُوا في اللَّهِ حَقَّ جَهَادِهِ كما جاهدتم أول مرة " فقال عمر - رضي الله عنه - : من الذي أمرنا بجهاده ؟ فقال : قبيلتان من قريش مخزوم وعبد شمس ، فقال : صدقت . وقيل : معنى الآية : استفرغوا وسعكم في إحياء دين الله ، وإقامة حقوقه بالحرب واليد واللسان ، وجميع ما يمكن ، وردوا أنفسكم عن الهوى والميل وقال ابن المبارك : هو مجاهدة النفس والهوى ، وهو الجهاد الأكبر [ وهو حق الجهاد وقد روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رجع من غزوة تبوك قال : " رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر " ] وأراد بالجهاد الأصغر الجهاد مع الكفار ، وبالجهاد الأكبر الجهاد مع النفس . وأما بيان ما يوجب قبول هذه الأوامر ، فهو ثلاثة : الأول : قوله : " هُوَ اجْتَبَاكُمْ " اختاركم لدينه ، وهذه من أعظم التشريفات ، فأي رتبة أعلى من هذا ، وأي سعادة فوق هذا . ثم قال : { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } وهو كالجواب عن سؤال ، وهو أن التكليف وإن كان تشريفاً لكنه شاق على النفس ؟ أجاب بعضهم بقوله : { مَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } ، [ روي أن أبا هريرة - رضي الله عنه قال : كيف قال الله { ما جعل عليكم في الدين من حرج } ] مع أنه منعنا عن الزنا ؟ فقال ابن عباس : بلى ، ولكن الإصر الذي كان على بني إسرائيل وضع عنّا . وهذا قول الكلبي ، قال المفسرون : معناه لا يبتلى بشيء من الذنوب إلا جعل الله له منها مخرجاً بعضها بالتوبة ، وبعضها برد المظالم والقصاص ، وبعضها بالكفارات وليس في دين الله ذنب إلا يجد العبد سبيلاً إلى الخلاص من العذاب منه . وقال ابن عباس ومقاتل : هو الإتيان بالرخص ، فمن لم يستطع أن يصلي قائماً فليصل جالساً ، ومن لم يستطع ذلك فَلْيُوم ، وإباحة الفطر في السفر للصائم ، والقصر فيه والتيمم وأكل الميتة عند الضرورة . فصل استدلت المعتزلة بهذه الآية على المنع من تكليف ما لا يطاق ، وقالوا : لما خلق الله الكفر والمعصية في الكافر والعاصي ، ثم نهاه عنه كان ذلك من أعظم الحرج ، وذلك منفي بصريح هذا النص . والجواب أنه لما أمره بترك الكفر ، وترك الكفر يقتضي انقلاب علمه جهلاً ، فقد أمر المكلف بقلب علم الله جهلاً ، وذلك من أعظم الحرج ، ولما استوى العدمان زال السؤال . الموجب الثاني : قوله : " مِلَّةَ أَبِيكُمْ " فيه أوجه : أحدها : أنها منصوبة باتبعوا مضمراً . قاله الحوفي وتبعه أبو البقاء . الثاني : أنها منصوبة على الاختصاص ، أي : أعني بالدين ملة أبيكم . الثالث : أنها منصوبة بمضمون ما تقدمها ، كأنه قال : وسع دينكم توسعة ملة أبيكم ، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه . قاله الزمخشري . وهذا أظهرها . الرابع : أنها منصوبة بجعلها مقدراً . قاله ابن عطية . الخامس : أنها منصوبة على حذف كاف الجر ، أي : كملة أبيكم . قاله الفراء ، وقال أبو البقاء قريباً منه ، فإنه قال : وقيل تقديره : مثل ملة ، لأن المعنى سهل عليكم الدين مثل ملة أبيكم ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه . وقوله : " إبراهيم " بدل أو بيان أو منصوب بأعني . فصل والمقصود من ذكر " إِبْرَاهِيم " التنبيه على أن هذه التكاليف والشرائع هي شريعة إبراهيم والعرب كانوا محبين لإبراهيم - عليه السلام - لأنهم من أولاده ، فكان ذكره كالسبب لانقيادهم لقبول هذا الدين . فإن قيل : ليس كل المسلمين يرجع نسبه إلى إبراهيم . فالجواب : أن هذا خطاب مع العرب ، وهم كانوا من نسل إبراهيم . وقيل : خاطب به جميع المسلمين ، وإبراهيم أب لهم على معنى وجوب إكرامه وحفظ حقه كما يجب احترام الأب ، فهو كقوله تعالى : " وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ " ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " إنما أنا لكم مثل الوالد " فإن قيل : هذا يقتضي أن تكون ملة محمد كملة إبراهيم سواء ، فيكون الرسول ليس له شرع مخصوص ، ويؤكده قوله : { ٱتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ } [ النحل : 123 ] . فالجواب : إنما وقع هذا الكلام مع عبدة الأوثان ، فكأنه قال : عبادة الله وترك الأوثان هي ملة إبراهيم ، وأما تفاصيل الشرائع فلا تعلّق لها بهذا الموضع . قوله : " هُو سَمَّاكُمْ " في هذا الضمير قولان : أحدهما : أنه يعود على " إبْرَاهِيمَ " ، لأنه أقرب مذكور إلا أن ابن عطية قال : وفي هذه اللفظة يعني قوله : " وَفِي هَذَا " ضعف قول من قال : الضمير لـ " إبراهيم " ولا يتوجه إلا بتقدير محذوف من الكلام مستأنف . انتهى . ومعنى ضعف من قال بذلك أن قوله : " وَفِي هَذَا " عطف على " مِنْ قَبْلُ " و " هَذَا " إشارة إلى القرآن ، فيلزم أن " إبْرَاهِيمَ " سمّاهم المسلمين في القرآن ، وهو غير واضح ؛ لأن القرآن المشار إليه إنما أنزل بعد إبراهيم بمدد طوال ، فلذلك ضعف قوله . قوله : إلا بتقدير محذوف الذي ينبغي أن يقدر : وسميتهم في هذا القرآن المسلمين وقال أبو البقاء : قيل : الضمير لـ " إبْرَاهِيمَ " فعلى هذا الوجه يكون قوله " وَفِي هَذَا " أي : وفي هذا القرآن سبب تسميتهم وهو قول إبراهيم : { رَبَّنَا وَٱجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ } [ البقرة : 128 ] ، فاستجاب الله له ، وجعلها أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - . والثاني : أن الضمير يعود على الله تعالى ، ويدلّ له قراءة أُبيّ " اللَّهُ سَمَّاكُمْ " بصريح الجلالة ، أي سماكم في الكتب السالفة وفي هذا القرآن الكريم أيضاً . وهو مرويّ عن ابن عباس ويؤيده قوله : { لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ } . فبيّن أنه سمّاهم بذلك لهذا الغرض ، وهذا لا يليق إلا بالله . فقوله : " لِيَكُونَ الرَّسُولُ " متعلق بـ " سَمَّاكُمْ " فبيّن فضلكم على سائر الأمم ، وسماكم بهذا الاسم لأجل الشهادة المذكورة ، فلما خصكم بهذه الكرامة فاعبدوه ولا تردوا تكاليفه . وهذا هو الموجب الثالث لقبول التكليف ، وتقدم الكلام في أنه كيف يكون الرسول شهيداً علينا وكيف تكون أمته شهداء على الناس في سورة البقرة . وأما ما يجري مجرى المؤكد لما مضى فهو قوله : { فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ } فهي المفروضات ، لأنها المعهودة . واعتصموا بحبل الله أي بدلائله العقلية والسمعية . قال ابن عباس : سلوا الله العِصمة عن كل المحرمات . وقيل : ثقوا بالله وتوكلوا عليه . وقال الحسن : تمسكوا بدين الله " هُوَ مَوْلاَكُمْ " سيدكم والمتصرف فيكم وناصركم وحافظكم . { فَنِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ } فكأنه تعالى قال : أنا مولاكم بل أنا ناصركم . وحسن حذف المخصوص بالمدح وقوع الثاني رأس آية وفاصلة . فصل احتجت المعتزلة بهذه الآية من وجوه : أحدها : أن قوله : " لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ " يدلّ على أنه تعالى أراد الإيمان من الكل ؛ لأنه تعالى لا يجعل الشهيد على عباده إلا من كان عدلاً مرضياً ، فإذا أراد أن يكونوا شهداء على الناس فقد أراد أن يكونوا جميعاً صالحين عدولاً ، وقد علمنا أن منهم فسّاقاً ، فدل ذلك على أن الله - تعالى - أراد من الفاسق كونه عدلاً . وثانيها : قوله : " وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ " وكيف يمكن الاعتصام به مع أن الشر لا يوجد إلا منه . وثالثها : قوله : " فَنِعْمَ المَوْلَى " فإنه لو كان كما يقوله أهل السنة من أنه خلق أكثر عباده ليخلق فيهم الكفر والفساد ثم يعذبهم لما كان نعم المولى ، بل كان لا يوجد من شر المولى أحد إلا وهو شرٌّ منه ، فكان يجب أن يوصف بأنه بئْس المولى . وذلك باطل فدل على أنه - سبحانه - ما أراد من جميعهم إلا الصلاح . فإن قيل : لم لا يجوز أن يكون نعم المولى للمؤمنين خاصة كما أنه نعم النصير لهم خاصة ؟ قلنا : إنه - تعالى - مولى الكافرين والمؤمنين جميعاً ، فيجب أن يقال : نعم المولى للمؤمنين وبئس المولى للكافرين ، فإن ارتكبوا ذلك فقد ردوا القرآن والإجماع وصرحوا بشتم الله - تعالى - تعالى الله عند ذلك . ورابعها : أن قوله : { سَمَّاكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ } يدل على إثبات الأسماء الشرعية وأنها من قبل الله - تعالى - لأنها لو كانت لغة لما أضيفت إلى الله تعالى على وجه الخصوص . والجواب عن الأول : وهو قولهم إن كونه - تعالى - مريداً لكونه شاهداً يستلزم كونه مريداً لكونه عدلاً . فنقول : إن كانت إرادة الشيء مستلزمة لإرادة لوازمه فإرادة الإيمان من الكافر يوجب أن تكون مستلزمة لإرادة جهل الله ، ويلزم كونه - تعالى - مريداً لجهل نفسه ، وإن لم يكن ذلك واجباً فقد سقط الكلام . وأما قوله : " واعْتَصِمُوا بِاللَّهِ " فيقال : هذا أيضاً وارد عليكم ، فإنه - سبحانه - خلق الشهوة في قلب الفاسق وأكدها وخلق المشتهى وقربه منه ورفع المانع ثم سلط عليه شياطين الإنس والجن ، وعلم لا محالة أنه يقع في الفجور والضلال ، وفي الشاهد كل من فعل ذلك فإنه يكون بئس المولى . فإن صح قياس الغائب على الشاهد فهذا لازمٌ عليكم وإن بطل سقط كلامكم بالكلية والله أعلم . روى الثعلبي بإسناده عن أُبيّ بن كعب : قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من قرأ سورة الحج أعطي من الأجر كحجة حجها وعمرة اعتمرها بعدد من حج واعتمر فيما مضى وفيما بقي " .