Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 17-17)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ } الآية ، أي : سبع سموات سُميت طرائق لتطارقها ، وهو أن بعضها فوق بعض ، يقال : طارقتُ النعلَ : إذا أطبق نعلاً على نعل ، وطارق بين الثوبين : إذا لَبس ثوباً على ثوب قاله الخليل والزجاج والفراء قال الزجاج : هو كقوله : { سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً } [ الملك : 3 ] وقال عليّ بن عيسى : سميت بذلك ، لأنها طرائق الملائكة في العروج والهبوط ، وقيل : لأنها طرائق الكواكب في مسيرها . والوجه في إنعامه علينا بذلك أنه جعلها موضعاً لأرزاقِنَا بإنزال الماء منها ، وجعلها مقراً للملائكة ، ولأنها موضع الثواب ، ومكان إرسال الأنبياء ونزول الوحي . قوله : { وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَافِلِينَ } أي : بل كنا لهم حافظين من أن تسقط عليهم الطرائق السبع فتهلكهم ، وهذا قول سفيان بن عيينة ، وهو كقوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ أَن تَزُولاَ } [ فاطر : 41 ] ، وقوله : { وَيُمْسِكُ ٱلسَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى ٱلأَرْضِ } [ الحج : 65 ] ، وقال الحسن : إنا خلقناهم فوقهم ليدل عليهم بالأَرزاق والبركات منها . وقيل : خلقنا هذه الأشياء دلالة على كمال قدرتنا ، ثم بَيَّن كمال العلم بقوله : { وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَافِلِينَ } يعني : عن أعمالهم وأقوالهم وضمائرهم وذلك يفيد نهاية الزجر . وقيل : وما كنا عن خلق السموات غافلين بل نحن لها حافظين لئلا تخرج عن التقدير الذي أردناها عليه كقوله تعالى : { مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَاوُتِ } [ الملك : 3 ] . واعلم أن هذه الآيات دالة على مسائل : منها : أنها تدل على وجود الصانع ، فإن انقلاب هذه الأجسام من صفة إلى صفة أخرى تضاد الأولى مع إمكان بقائها على الصفة الأولى يدل على أنه لا بد من مغير . ومنها : أنها تدل على فساد القول بالطبيعة ، فإن شيئاً من تلك الصفات لو حصلت بالطبيعة لوجب بقاؤها ، وعدم تغيرها ، ولو قيل : إنما تغيرت تلك الصفات لتغير تلك الطبيعة افتقرت تلك الطبيعة إلى خالق وموجد . ومنها : أنها تدل على أنّ المدبر قادر عالم ، لأنَّ الجاهل لا يصدر عنه هذه الأفعال العجيبة . ومنها : أنها تدل على أنه عالم بكل المعلومات قادر على كل الممكنات . ومنها : أنها تدل على جواز الحشر والنشر بصريح الآية ، ولأنّ الفاعل لما كان قادراً على كل الممكنات وعالماً بكل المعلومات وجب أن يكون قادراً على إعادة التركيب إلى تلك الأجزاء كما كانت . ومنها : أنّ معرفة الله يجب أنْ تكون استدلالية لا تقليدية ، وإلاَّ لكان ذكر هذه الدلائل عبثاً .