Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 84-90)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { قُل لِّمَنِ ٱلأَرْضُ وَمَن فِيهَآ } الآية . اعلم أنه يمكن أن يكون المقصود من هذه الآيات الرد على منكري الإعادة ، وأن يكون المقصود الرد على عبدة الأوثان ، لأنّ القوم كانوا مُقرين بالله ، وقالوا : نعبد الأصنام لتقربنا إلى الله زلفى ، فقال تعالى : قل يا محمد مُجيباً لَهُم يعني يا أهل مكة { لِّمَنِ ٱلأَرْضُ وَمَن فِيهَآ } من الخلق { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } خالقها ومالكها " سَيَقُولُونَ لِلَّهِ " فَلا بُدّ لهم من ذلك ، لأنهم يقرون أنها مخلوقة ، فقل لهم إذا أقَرُّوا بذلك : " أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ " فتعلمون أنّ من قدر على خلق الأرض ومن فيها ابتداء يقدر على إحيائهم بعد الموت . وفي قوله : { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } سؤال يأتي في قوله : { وَهُوَ يُجِيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } ووجه الاستدلال به على نفي عبادة الأوثان من حيث أن عبادة من خلقهم ، وخلق الأرض وكل من فيها هي الواجبة دون عبادة ما لا يضر ولا ينفع . وقوله : { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } معناه الترغيب في التدبّر ليعلموا بطلان ما هم عليه . قوله : { قُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ ٱلسَّبْعِ وَرَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } ووجه الاستدلال بها على الأمرين كما تقدّم . وإنما قال : " أَفَلاَ تَتَقُّونَ " أي : تحذرون ، تنبيهاً على أنَّ اتقاء عذاب الله لا يحصل إلاَّ بترك عبادة الأوثان ، والاعتراف بجواز الإعادة . قوله : { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } قرأ أبو عمرو " سَيُقُولونَ اللَّهُ " في الأخيرتين من غير لام جر ، ورفع الجلالة جواباً على اللفظ لقوله " مَنْ " قوله : { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ … سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ } ، لأنّ المسؤول به مرفوع المحل وهو " مَنْ " فجاء جوابه مرفوعاً مطابقاً له لفظاً ، وكذلك رُسِم الموضعان في مصاحف البصرة بالألف . والباقون : " لِلَّهِ " في الموضعين باللام وهو جواب على المعنى ؛ لأنه لا فرق بين قوله : { مَن رَّبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ } وبين قوله : لِمَن السَّمَوات ، ولا بين قوله : " مَنْ بِيَدِهِ " ولا لمن له الإحسان ، وهذا كقولك : مَنْ رَبّ هذه الدار ؟ فيقال : زيدٌ ، وإن شئت لزيدٍ ، لأنّ قولك : من ربُّه ؟ ولمن هو ؟ في معنى واحد ، لأنّ السؤال لا فرق فيه بين أن يقال : لمن هذه الدار ؟ ومن ربُّها ؟ واللام مرسومة في مصاحفهم فوافق كل مصحفه . ولم يختلف في الأول أنه " لِلَّهِ " ، لأنه مرسوم باللام وجاء الجواب باللام كما في السؤال ولو حذفت من الجواب لجاز ، لأنه لا فرق بين : " لِمَنِ الأَرْضُ " ومَنْ رَبّ الأرض ، إلا أنه لم يقرأ به أحد . قوله : { قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ } ( لمّا ذكر الأرض أولاً والسماء ثانياً ، عمَّم الحكم هاهنا بقوله : { قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ } ) ويدخل في الملكوت المِلْك والمُلْك والتاء فيه على سبيل المبالغة . " وَهُوَ يُجِيرُ " أي : يؤمن من يشاء ، { وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ } أي : لا يؤمن من أخافه الله ، يقال : أجرت فلاناً على فلان إذا منعته منه . قوله : { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } فيه سؤال : وهو كيف قال : { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } ثم حكى عنهم " سَيَقُولُونَ اللَّهُ " وفيه تناقض ؟ والجواب : لا تناقض ، لأنّ قوله : { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } لا ينفي علمهم بذلك وقد يُقال مثل ذلك في الحِجَاج على وجه التأكيد لعلمهم والبعث على اعترافهم بما يورد من ذلك . وقوله : { فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ } أي : تصرفون عن توحيده وطاعته ، والمعنى كيف يحتمل لكم الحق باطلاً . { بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِٱلْحَقِّ } بالصدق ، " وإنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ " فيما يدعون من الشرك والولد ، وقرئ هنا ببعض ما قرئ به في نظيره . فقرأ ابن إسحاق : " أَتَيْتُهُمْ " بتاء الخطاب ، وغيره بتاء المتكلم .