Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 91-96)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ } الآية . وهذه الآية كالتنبيه على الردّ على الكفار الذين يقولون : الملائكة بنات الله . وقوله : { وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ } ردّ على اتخاذهم الأصنام آلهة ، ويحتمل أن يريد به إبطال قول النصارى والثنوية . ثم إنه تعالى ذكر الدليل بقوله : { إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } أي : لانفرد كل واحد من الآلهة بما خلقه ، ولم يرض أن يضاف خلقه إلى غيره ، ومنع الإله الآخر عن الاستيلاء على ما خلق { وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } أي : طلب بعضهم مغالبة بعض كفعل ملوك الدنيا فيما بينهم ، وحين لم تروا ذلك فاعلموا أنه إله واحد . قوله : " إذاً " جواب وجزاء ، قال الزمخشري : فإن قلت : " إذاً " لا تدخل إلاَّ على كلام هو جواب وجزاء ، فكيف وقع قوله : " لَذَهَبَ " جواباً وجزاءً ولم يتقدّم شرط ولا سؤال سائل قُلْتُ : الشرط محذوف تقديره : لَوَ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ ، حذف لدلالة { وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ } . وهذا رأي الفراء ، وقد تقدّم في الإسراء في قوله : { وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً } [ الإسراء : 73 ] ثم إنه تعالى نَزّه نفسه فقال : { سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } من إثبات الولد والشريك . قرئ : " تَصِفُونَ " بتاء الخطاب وهو التفات . قوله : " عَالِمُ الغَيْبِ " قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحفص عن عاصم : بالجر على البدل من الجلالة . وقال الزمخشري : صفة لله . كأنه محض الإضافة فتعرف المضاف . والباقون : بالرفع على القطع خبر مبتدأ محذوف . ومعنى الآية : أنه مختص بعلم الغيب والشهادة ، فغيره وإن علم الشهادة لكن لم يعلم الغيب ، لأن الشهادة لا يتكامل بها النفع إلا مع العلم بالغيب وذلك كالوعيد لهم فلذلك قال : ( " فَتَعَالَى اللَّهُ ) عَمَّا يُشْرِكُونَ " . قوله : " فَتَعَالَى " عطف على معنى ما تقدم ، كأنّه قال علم الغيب فتَعَالَى كقولك : زيد شجاع فعظمت منزلته أي : شجع فعظمت . أو يكون على إضمار القول ، أي : أقول فتعالى الله . قوله : { قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ } أي : ما أوعدتهم من العذاب قرأ العامة " تُرِيَنِّي " بصريح الياء . والضحاك : " تُرِئَنِّي " بالهمز عوض الياء ، وهذا كقراءة : " فَإِمَّا تَرِئَنَّ " " لتَرؤُنَّ " بالهمز ، وهو بدل شاذ . قوله : { رَبِّ فَلاَ تَجْعَلْنِي } جواب الشرط ، و " رَبِّ " نداء معترض بين الشرط وجزائه ، وذكر الربّ مرتين مرة قبل الشرط ومرة قبل الجزاء مبالغة في التضرع . فإن قيل : كيف يجوز أن يجعل الله نبيه مع الظالمين حتى يطلب أن لا يجعله معهم ؟ فالجواب : يجوز أن يسأل العبد ربه ما علم أنه يفعله ، وأن يستعيذ به مما علم أنه لا يفعله إظهاراً للعبودية وتواضعاً لربه . قوله : { وَإِنَّا عَلَىٰ أَن نُّرِيَكَ } هذا الجار متعلق بـ " لَقَادِرُونَ " أو بمحذوف على خلاف سبق في أن هذه اللام تمنع ما بعدها أن يعمل فيما قبلها . والمعنى : أنهم كانوا ينكرون الوعد بالعذاب ، فقيل لهم : إن الله قادر على إنجاز ما وعد في الدنيا . وقيل : المراد عذاب الآخرة . قوله : { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ٱلسَّيِّئَةَ } وهو الصفح والإعراض والصبر على أذاهم . قال الزمخشري : قوله : { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ٱلسَّيِّئَةَ } أبلغ من أن يقال : بالحسنة السيئة لما فيه من التفضيل ، ( كأنه قال ادفع بالحُسنى السيئة ) والمعنى الصفح عن إساءتهم ، ومقابلتها بما أمكن من الإحسان ، حتى إذا اجتمع الصفح والإحسان ، وبذل الاستطاعة فيه كانت حسنة مضاعفة بإزاء سيئة … قيل : هذه الآية نُسخت بآية السيف ، وقيل : محكمة ، لأن المداراة محثوث عليها ما لم تؤد إلى نقصان دينٍ أو مروءة . ثم قال : { نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ } أي : يقولون من الشرك .