Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 23-25)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ } العفائف " الغَافِلاَتِ " عن الفواحش " المُؤْمِنَاتِ " والغافلة عن الفاحشة أي : لا تقع في مثلها ، وكانت عائشة كذلك ، فقال بعضهم : الصيغة عامة ، فيدخل فيه قَذَفَةُ عائشة وغيرها . وقيل : المراد قذفة عائشة . قالت عائشة : رميت وأنا غافلة ، وإنما بلغني بعد ذلك ، فبينا رسول الله عندي إذ أوحى إليه ، قال : " أبشري " وقرأ : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ٱلْغَافِلاَتِ ٱلْمُؤْمِنَاتِ } . وقيل : المراد جُملة أزواج رسول الله ، وأنهن لشرفهن خصصن بأن من قذفهن فهذا الوعيد لاحقٌ به . واحتج هؤلاء بأمور : الأول : أن قاذف سائر المحصنات تقبل توبته لقوله في أول السورة : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ } [ النور : 4 ] إلى قوله : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ … } [ النور : 5 ] . وأما القاذف في هذه الآية فإنه لا تقبل توبته لقوله تعالى : { لُعِنُواْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ } ولم يذكر استثناء . وأيضاً فهذه صفة المنافقين في قوله : { مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوۤاْ } [ الأحزاب : 61 ] . الثاني : أن قاذف سائر المحصنات لا يكفر ، والقاذف في هذه الآية كافر ، لقوله : { يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ … } وذلك صفة الكفار والمنافقين لقوله : { وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ … } [ فصلت : 19 ] الآيات . الثالث : أنه قال : { وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } والعذاب العظيم هو عذاب الكفر ، ( فدلّ على أن عذاب هذا القاذف عقاب الكفر ) . وعقاب قذف سائر المحصنات لا يكون عقاب الكفر . وروي أن ابن عياش كان بالبصرة يوم عرفة ، وكان يسأل عن تفسير هذه الآية ، فقال : " من أذنب ثم تاب قبلت توبته إلا من خاض في أمر عائشة " . وأجاب الأولون بأن الوعيد المذكور في هذه الآية لا بد وأن يكون مشروطاً بعدم التوبة ، لأن الذنب سواء كان كفراً أو فسقاً ، فإذا تاب عنه صار مغفوراً . وقيل : هذه الآية نزلت في مشركي مكة حين كان بينهم وبين رسول الله عهد ، فكانت المرأة إذا خرجت إلى المدينة مهاجرة قذفها المشركون من أهل مكة وقالوا : " إنها خرجت لتفجر " فنزلت فيهم . قوله : " يَوْمَ تَشْهَدُ " ، ناصبه الاستقرار الذي تعلق به " لَهُمْ " . وقيل : بل ناصبه " عَذَابٌ " . ورد بأنه مصدر موصوف . وأجيب بأن الظرف يُتَّسَعُ فيه ما لا يُتَّسَعُ في غيره . وقرأ الأخوان : " يَشْهَدُ " بالياء من تحت ، لأن التأنيث مجازي ، وقد وقع الفصل والباقون : بالتاء مراعاة للفظ . قوله : " يَوْمَئِذٍ " : التنوين في " إذْ " عِوَضٌ من الجملة تقديره : يَوْمئذ تَشْهَدُ ، وقد تقدم خلاف الأخفش فيه . وقرأ زيد بن علي " يُوفِيهِمْ " مخففاً من " أَوْفَى " . وقرأ العامة بنصب " الحَقَّ " نعتاً لـ " دِينَهُمْ " . وأبو حَيْوَة وأبو رَوْق ومجاهد - وهي قراءة ابن مسعود - برفعه نعتاً لله تعالى . فصل قوله { يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ } . قال المفسرون : هذا قبل أن يختم على أفواههم وأيديهم وأرجلهم . يروى أنه يختم على الأفواه فتتكلم الأيدي والأرجل بما عملت في الدنيا . { يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلْحَقَّ } جزاءهم الواجب . وقيل : حسابهم العدل ، { وَيَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ ٱلْمُبِينُ } يبين لهم حقيقة ما كان يعدهم في الدنيا . وإنما سُمِّيَ الله بـ " الحق " لأن عبادته هي الحق دون عبادة غيره . وقيل : سُمِّيَ بـ " الحق " ومعناه : الموجود ، لأن نقيضه الباطل وهو المعدوم ، ومعنى " المُبين " : المظهر .