Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 74-74)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا } . يجوز أن تكون " من " لابتداء الغاية ، أي : هب لنا من جهتهم ما تقرّ به عيوننا من طاعة وصلاح ، وأن تكون للبيان ، قاله الزمخشري وجعله من التَّجريد ، أي : هب لنا قُرَّة أعْيُنٍ من أزواجنا كقولك رأيتُ مِنْكَ أسَداً . وقرأ أبو عمرو والأخوان وأبو بكر " ذُرِّيَّتِنَا " بالتوحيد ، والباقون بالجمع سلامة وقرأ أبو هريرة وأبو الدرداء وابن مسعود " قُرَّاتِ " بالجمع ، وقال الزمخشري : أتى هنا بـ " أَعْيُنٍ " صيغة القلة دون ( عُيُونٍ ) صيغة الكثرة ، إيذاناً بأنَّ عيون المتقين قليلة بالنسبة إلى عيون غيرهم . وردَّه أبو حيان بأن أعيُناً يطلق على العشرة فما دونها ، وعيون المتقين كثيرة فوق العشرة . وهذا تحمُّلٌ عليه ، لأنَّه إنما أراد القلة بالنسبة إلى كثرة غيرهم ، ولم يُرِدْ قَدْراً مخصوصاً . فصل أراد قرة أعين لهم في الدين لا في الدنيا من المال والجمال ، قال الزجاج : يقال : أقرَّ الله عينك ، أي : صادف فؤادك ما يحبه وقال المفضل : في قرة العين ثلاثة أقوال : أحدها : برد دمعتها ، وهي التي تكون مع السرور ، ودمعة الحزن حارة . الثاني : فرحها ، لأنه يكون مع ذهاب الحزن والوجع . الثالث : قال الأزهري : حصول الرضا . قوله : { وَٱجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً } في " إمَاماً " وجهان : أحدهما : أنه مفرد ، وجاء به مفرداً إرادة للجنس ، وجنسه كونه رأس فاصلة . ( أو المراد : اجعل كل واحد منا إماماً . كما قال { نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً } [ الحج : 5 ] . قال الفراء : قال " إِمَاماً " ولم يقل : أئمة . كما قال للاثنين { إِنَّا رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ الشعراء : 16 ] . وقيل : أراد أئمة كقوله : { فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ } [ الشعراء : 77 ] ، وإمَّا لاتحادهم واتفاق كلمتهم ، وإمَّا لأنَّه مصدرٌ في الأصل كصيام وقيام . الثاني : أنه جمع آمٍّ كحالٍّ وحلال ، أو جمع إمامة كقلادة وقلاد . قال القفال : وعندي أن الإمام إذا ذهب به مذهب الاسم وحد كأنه قيل : اجعلنا حجة للمتقين ، ومثله البينة يقال : هؤلاء بينة فلان . فصل قال الحسن : نقتدي بالمتقين ويقتدي بنا المتقون . وقال ابن عباس : اجعلنا أئمة هداة كما قال : { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ } [ الأنبياء : 73 ] ولا تجعلنا أئمة ضلالة ، كقوله : { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ } [ القصص : 41 ] . وقيل هذا من المقلوب ، أي : واجعل المتقين لنا إماماً واجعلنا مؤتمين مقتدين بهم قاله مجاهد . فصل قيل : نزلت الآية في العشرة المبشرين بالجنة . قال بعضهم : هذه الآية تدل على وجوب طلب الرياسة في الدين والرغبة فيها ، قال إبراهيم - عليه السلام - { وَٱجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي ٱلآخِرِينَ } [ الشعراء : 84 ] واحتج أهل السنة بهذه الآية على أن فعل العبد مخلوق لله تعالى ، لأن الإمامة في الدين لا تكون إلا بالعلم والعمل ، والعلم والعمل إنما يكون بجعل الله وخلقه . قال القاضي : المراد من هذا السؤال الألطاف التي إذا كثرت صاروا مختارين لهذه الأشياء فيصيرون أئمة . والجواب : أن تلك الألطاف مفعولة لا محالة فيكون سؤالها عبثاً . واعلم أنه تعالى لما بيَّن صفات المتقين المخلصين بيَّن بعده إحسانه إليهم .