Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 141-159)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { كَذَّبَتْ ثَمُودُ ٱلْمُرْسَلِينَ } تقدم نظيره . وقُوله : { أَتُتْرَكُونَ ( فِي مَا هَاهُنَآ } أي : أتظنون أنكم تتركون ) في دياركم " آمِنِينَ " وتطعمون في أنه لا دار ( للمجازاة ) . وقوله : { فِي مَا هَاهُنَآ } أي : في الذي استقر في هذا المكان من النعيم ، ثم فسَّره ( بقوله : { فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } ) . قوله : " فِي جَنَّاتٍ " بدل في " فِي ما ههُنَا " بإعادة العامل ، فصّل بعدما أجمل كما في القصة قبلها ، و " ما " موصولة وظرف المكان صلتها . قوله : " وَنَخْل " يجوز أن يكون من باب ذكر الخاص بعد العام ، لأن الجنات تشمل النخل ، ويجوز أن يكون تكريراً للشيء الواحد بلفظ آخر ، فإنهم يطلقون الجنة ولا يريدون إلا النخيل ، قال زهير : @ 3919 - كَـأَنَّ عَيْنَـيَّ فِـي غَـرْبَـيْ مُقَتَّلَـةٍ مِـنَ النَّوَاضِـحِِ تَسْقِـي جَنَّـةً سُحُقَـا @@ و " سُحُقاً " : جمع سَحُوق ، ولا يوصف به إلا النخيل . وقيل : المراد بـ " الجَنَّات " غيرها من الشجر ، لأن اللفظ يصلح لذلك ، ثم يعطف عليها النخل . والطلع الكفرى وهو : عنقود التمر قبل خروجه من الكم . وقال الزمخشري : الطلع : هو الذي يطلع من النخلة كنصل السيف في جوفه شماريخ القنو والقنو : هو اسم للخارج من الجذع كما هو بِعُرْجُونه ، و " الهضيم " : قال ابن عباس : هو اللطيف ، ومنه قولهم : كشح هضيم . وروى عطية عنه : يانع . وقال عكرمة : اللين . وقيل : المتراكب . قال الضحاك ومقاتل : قد ركب بعضه بعضاً حتى هضم بعضه بعضاً ، أي : كسره . وقال أهل المعاني : هو المنضم بعضه إلى بعض في وعائه قبل أن يظهر . وقال الأزهري : الهضيم : هو الداخل بعضه في بعض من النضج والنعامة . وقيل : هضيم ، أي : هاضم يهضم الطعام ، وكل هذا للطافته . قوله : " وَتَنْحَتُونَ " . العامة على الخطاب وكسر الحاء . والحسن وعيسى وأبو حيوة بفتحها . وعن الحسن أيضاً : " تَنْحَاتُونَ " بألف للإشباع . وعنه وعن أبي حيوة " يَنْحِتُونَ " بالياء من تحت ، وتقدم ذلك كله في الأعراف . قوله : " فَارِهِينَ " . قرأ الكوفيون وابن ذكوان : " فارهين " بالألف ، كما قرءوا : " حَاذِرُونَ " بها . والباقون : " فَرِهِينَ " بدون ألف ، كما قرءوا : " حَذِرُونَ " بدونها . والفراهة : النشاط والقوة . وقيل : الحذق ، يقال دابة فاره ، ولا يقال : فارهة ، وقد فره يفره فراهة و " فارهين " حال من الناحتين . فصل من قرأ : " فرهين " قال ابن عباس : أشِرين بطرين . وقال عكرمة : ( ناعمين ) . وقال مجاهد : شرهين . وقال قتادة : معجبين بصنيعكم . وقال السدي : متجبرين . وقال الأخفش : فرحين ، والعرب تعاقب بين الحاء والهاء مثل : مدحته ومدهته . وقال الضحاك : كيسين . { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَلاَ تُطِيعُوۤاْ أَمْرَ ٱلْمُسْرِفِينَ } . قال ابن عباس : المشركين . وقال مقاتل : هم التسعة الذين عقروا الناقة ( وهم الَّذِينَ ) يُفْسِدُونَ فِي الأَرْض بالمعاصي " ولا يُصْلِحُونَ " أي : ولا يطيعون الله فيما أمرهم به . فإن قيل : ما فائدة قوله : " ولا يُصْلِحُونَ " مع قوله : { يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ } ؟ فالجواب : أن فسادهم خالص ليس معه شيء من الصلاح كما يكون حال بعض المفسدين مخلوطة ببعض الصلاح . ثم إن القوم أجابوه بقولهم : { إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ ٱلْمُسَحَّرِينَ } . قال مجاهد وقتادة : من المسحورين : من المخدوعين ، أي : ممن سحر مرة بعد مرة . وروى أبو صالح عن ابن عباس : أي : من المخلوقين المعللين بالطعام والشراب . قال المؤرج : المسحَّر : المخلوق بلغة بجيلة يريد : أنك تأكل الطعام والشراب ، أي : لست بملك ، بل أنت بشر مثلنا . والمعنى : " من المسحرين " أي : ممن له سحر ، وكل دابة تأكل فهي سحرة ، والسحر : أعلى البطن . وعن الفراء : المسحَّر : من له جوف ، أراد : وإنك تأكل الطعام والشراب { مَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا } فكيف تكون نبياً ؟ " فَأْتِ بِآيَةٍ " على صحة ما تقول { إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } أنك رسول الله إلينا . فقال صالح : { هَـٰذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ } يجوز أن يكون الوصف وحده الجار والمجرور ، وهو قوله : ( " لَهَا شِرْبٌ " ) و " شِرْبٌ " فاعل به لاعتماده . ويجوز أن يكون " لَهَا شِرْبٌ " صفة لـ " ناقة " . وقرأ ابن أبي عبلة : " شُرْبٌ " بالضم فيهما . والشِّرْب - بالكسر - النصيب من الماء كالسِّقي ، وبالضم : المصدر . فصل روي أنهم قالوا : نريد ناقة عشراء تخرج من الصخرة فتلد سقباً . فتفكر صالح ، فقال له جبريل - عليه السلام - صلِّ ركعتين ، وسل ربك الناقة . ففعل ، فخرجت الناقة ، وبركت بين أيديهم ، وحصل سقب مثلها في العظم ، ثم قال لهم صالح : { هَـٰذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ } حظ ونصيب من الماء { وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ } . قال قتادة : كانت يوم شربها تشرب ماءهم كلهم وشربهم في اليوم الذي لاَ تشرب هي . { وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ } بعقر أو ضرب أو غيرهما { فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ } روي أن مسطعاً ألجأها إلى مضيق فرماها بسهم ، فسقطت ، ثم ضربها قدار . { فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُواْ نَادِمِينَ } على عقرها . فإن قيل : لم أخذهم العذاب وقد ندموا ؟ فالجواب : أن ندمهم كان عند معاينة العذاب حين لا ينفع الندم . وقيل : لم يكن ندمهم ندم ( التائبين ، لكن ندم ) ( الخائفين ) من العقاب العاجل . { فَأَخَذَهُمُ ٱلْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } .