Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 1-4)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { طسۤمۤ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } . أظهر حمزة نُونَ " سِين " قبل الميم ، كأنا ناوٍ الوقف ، وإلاّ فإدغام مثله واجب والباقون يدغمون . وتقدم إعراب الحروف المقطعة . وفي مصحف عبد الله : " ط س م " مقطوعة من بعضها . قيل : وهي قراءة أبي جعفر ، يعنون أنه يقف على كل حرف وقفة يميز بها كل حرف ، وإلا لم يتصور أن يلفظ بها على صورتها في هذا الرسم وقرأ عيسى - وتروى عن نافع - بكسر الميم هنا وفي القصص على البناء . وأمال الطاءَ الأخوان وأبو بكر ، وقد تقدم . روى عكرمة عن ابن عباس قال : ( طسم ) عجزت العلماء عن علم تفسيرها . وروى عليّ بن أبي طلحة الوالبي عن ابن عباس أنه قسم ، وهو من أسماء الله تعالى . وقال قتادة : اسم من أسماء القرآن . وقال مجاهد : اسم للسورة . وقال محمد بن كعب القرظي : قسمٌ بطوله وسناه وملكه . " تِلْكَ آيَاتُ " أي : هذه الآيات آيات " الكِتَابِ المُبِينِ " قوله : { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ } . قرأ قتادة : " بَاخِعٌ نَفْسِكَ " على الإضافة . والمعنى قاتل نفسك { أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } أي : إن لم يؤمنوا ، وذلك حين كذبه أهل مكة فشق عليه ذلك ، وكان يحرص على إيمانهم ، فأنزل الله هذه الآية ، وهذا تسليَة للرسول ، أي : لا تبالغ في الحزن والأسف ، فصبّره وعزَّاه وعرّفه أن غمه وحزنه لا ينفع ، كما أن وجود الكتاب ووضوحه لا ينفع . قوله : { إِنْ نَّشَأْ نُنَزِّلْ } . العامة على نون العظمة فيهما . وروي عن أبي عمرو بالياء فيهما ، أي : إِنْ يَشَأ الله يُنزِّل . و " إن " أصلها أن تدخل على المشكوك فيه أو المحقق المبهم زمانه ، والآية من هذا الثاني . قوله : " فَظَلَّتْ " عطف على " نُنَزِّلْ " فهو في محل جزم . ويجوز أن يكون مستأنفاً غير معطوف على الجزاء . ويؤيد الأول قراءة طلحة : " فَتَظْلَل " بالمضارع مفكوكاً . قوله : " خَاضِعِينَ " . فيه وجهان : أحدهما : أنه خبر عن " أَعْنَاقُهُمْ " . واستُشكِل جمعه جمع سلامة ؛ لأنه مختص بالعقلاء . وأجيب عنه بأوجه : أحدها : أن المراد بالأعناقِ : الرؤساء كما قيل : لهم وجوه وصدور ، قال : @ 3894 - فِـي مَحْفِـلٍ من نـواصِـي الخَيْـلِ مَشْهُـودِ @@ الثاني : أنه على حذف مضاف ، أي : فظل أصحاب الأعناق ، ثم حذف وبقي الخبر على ما كان عليه قبل حذف المُخْبَرِ عنه مراعاة للمحذوف ، وتقدم ذلك قريباً عند قراءة : { وَقَمَراً مُّنِيراً } [ الفرقان : 61 ] . الثالث : أنه لما أضيف إلى العقلاء اكتسب منهم هذا الحكم ، كما يكتسب التأنيث بالإضافة لمؤنث في قوله : @ 3895 - كَمَا شَرَقَـتْ صَـدْرُ القَنَـاةِ مِـنَ الـدَّمِ @@ الرابع : أن " الأعناق " جمع " عُنُقٍ " من الناس ، وهم الجماعة ، فليس المراد الجارحة البتة ، ومنه قوله : @ 3896 - أَنَّ العِرَاقَ وأَهْـلَـهُ عُنُـقٌ إلَيْـكَ فَهَيْـتَ هَيْتَـا @@ وهذا قريب من معنى الأول ، إلا أن هذا القائل يطلق " الأعناق " على جماعة الناس مطلقاً ، رؤساء كانوا أو غيرهم . الخامس : قال الزمخشري : أصل الكلام : فظلوا لها خاضعين ، فأقحمت " الأعناق " لبيان موضع الخضوع ، وترك الكلام على أصله كقولهم : ذهَبَتْ أهل [ اليمامة ، كأن الأهل غير مذكور . قال شهاب الدين : وفي التنظير بقوله : ذهبت أهل اليمامة ] نظر ، لأن ( أهل ) ليس مقحماً البتة ، لأنه المقصود بالحكم ، وأما التأنيث فلاكتسابه التأنيث ( بالإضافة ) . السادس : أنها عوملت معاملة العقلاء لمَّا أُسْنِدَ إليهم ما يكون فِعْل العقلاء ، كقوله : " سَاجِدِينَ " و " طَائِعِين " في يوسف وفصلت . وقيل : إنما قال : " خاضِعِينَ " لموافقة رؤوس الآي . والثاني : أنه منصوب على الحال من الضمير في " أَعْنَاقُهُم " قال الكسائي وضعفه أبو البقاء ، قال : لأن " خاضِعِين " يكون جارياً على غير فاعل " ظَلَّتْ " فيفتقر إلى إبراز ضمير الفاعل ، فكان يجب أن يكون : خاضعين هم . قال شهاب الدين : ولم يجر " خَاضِعِين " في اللفظ والمعنى إلا على من هُوَ له ، وهو الضمير في " أَعْنَاقُهُمْ " ، والمسألة التي قالها : هي أن يجري الوصف على غير من هو له في اللفظ دون المعنى ، فكيف يلزم ما ألزمه به ، على أنه لو كان كذلك لم يلزم ما قاله ، لأن الكسائي والكوفيين لا يوجبون إبراز الضمير في هذه المسألة إذا أمن اللبس , فهو ( لا ) يلتزم ما ألزمه به ، ولو ضعف بمجيء الحال من المضاف إليه لكان أقرب ، على أنه لا يضعف ؛ لأن المضاف جزء من المضاف إليه كقوله : { مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً } [ الحجر : 47 ] .