Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 5-9)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ } وعظ وتذكر { مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ مُحْدَثٍ } أي : محدث إنزاله فهو محدث في التنزيل . قال الكلبي : " كلما نزل شيء من القرآن بعد شيء فهو أحدث من الأول " . وقوله : " إلاَّ كَانُوا " جملة حالية ، وتقدم تحقيق هذا وما قبله في أول الأنبياء . ومعنى " مُعْرِضِينَ " أي : عن الإيمان به . قوله : " فَقَدْ كَذَّبُوا " أي : بلغوا النهاية في ردّ آيات الله ، " فَسَيَأْتِيهِمْ " أي : فسوف يأيتهم " أَنْبَاءُ " : أخبار وعواقب { مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } وذلك إما عند نزول العذاب عليهم في الدنيا ، أو عند المعاينة في الآخرة كقوله تعالى : { وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ } [ ص : 88 ] قوله : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى ٱلأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ } أي : صنف ، والكريم صفة لكل ما يرضى ويحمد في بابه ، يقال : " وجه كريم " إذا كان مرضياً في حسنه وجماله . و " كتاب كريم " : إذا كان مرضياً في فوائده ومعانيه . و " النبات الكريم " : هو المرضيّ في منافعه مما يأكل الناس والأنعام يقال : نخلة كريمة : [ إذا طاب حملها ، وناقة كريمة ] : إذا كثر لبنها . قال الشعبي : الناس مثل نبات الأرض ، فمن دخل الجنة فهو كريم ، ومن دخل النار فهو لئيم . قوله : " كَمْ أَنْبَتْنَا " . " كَمْ " للتكثير ، فهي خبرية ، وهي منصوبة بما بعدها على المفعول به ، أي : كثيراً من الأزواج أنبتنا ، و { مِن كُلِّ زَوْجٍ } تمييز . وجوَّز أبو البقاء أن تكون حالاً . ولا معنى له . قال الزمخشري : فإن قلت : ما معنى الجمع بين " كَمْ " و " كُلِّ " ولو قيل : أنبتنا فيه من زوج كريم . قلت : قد دل " كُلّ " على الإحاطة بأزواج النبات على سبيل التفصيل ، و " كَمْ " على أن هذا المحيط مُتَكَاثِرٌ مُفْرِطٌ في الكثرة . قوله : { إِنَّ فِي ذَلِكَ } الذي ذكرت " لآيَةً " دلالة على وجودي وتوحيدي وكمال قدرتي وقوله : " لِلْمؤْمِنِينَ " كقوله : { هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } [ البقرة : 2 ] لأنهم المنتفعون بذلك { وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ } : مصدقين ، أي : سبق علمي فيهم أن أكثرهم لا يؤمنون . وقال سيبويه : ( كان ) هنا صلة ، مجازه : وما أكثرهم مؤمنين . { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } وإنما قدم ذكر " العزيز " على ذكر " الرَّحِيم " لأنه لو لم يقدِّمه لكان ربما قيل : إنه رحيم لعجزه عن عقوبتهم ، فأزال هذا الوهم بذكر " العزيز " وهو الغالب القاهر , ومع ذلك فإنه رحيم بعباده ، فإن الرحمة إذا كانت عن القدرة الكاملة كانت أعظم وقعاً . فإن قيل : حين ذكر الأزواج دلَّ عليها بكلمتي الكثرة والإحاطة ، وكان لا يحصيها إلا عالم الغيب ، فكيف قال : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً } ؟ وهلا قال : لآيات ؟ . فالجواب من وجهين : أحدهما : أن يكون ذلك مشاراً به إلى مصدر " أنبتنا " فكأنه قال : إن في ذلك الإنبات لآية . والثاني : أن يراد : إن في كل واحد من تلك الأزواج لآية .