Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 61-62)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً } ، قال الزمخشري : " أَمَّنْ " وما بعده بدل من " أَمَّنْ خَلَقَ " ، وحكمها حكمه . ومعنى قراراً : لا تميد بأهلها ، فإنها لو كانت متحركة لما استقر أحد بالسكنى على الأرض . قوله : " خِلاَلَهَا " : يجوز أن يكون ظرفاً ، لـ " جعل " بمعنى خلق المتعدية لواحد ، وأن يكون في محلّ المفعول الثاني على أنها بمعنى صيّر ، وخلالها : وسطها أنهاراً . واعلم أنّ المياه المنبعثة في الأرض أربعة . الأوّل : مياه العيون السيالة ، قال ابن الخطيب : وهي تنبيعث من أبخرة كثيرة المادة قوية الاندفاع تفجر الأرض بقوة . الثاني : ماء العيون الراكدة ، وهي تحدث من أبخرة بلغت قوتها إلى وجه الأرض ، ولم يبلغ من قوتها وكثرة مادتها أن يطرد ( تاليها سابقها ) . الثالث : ماء القنى والأنهار ، وهي متولدة من أبخرة ناقصة القوة عن أن تشق الأرض ، فإذا أزيل عن وجهها ثقل التراب صار حينئذ لتلك الأبخرة منفذاً يندفع إليه بأدنى حركة . الرابع : مياه الآبار ، وهي منبعثة كمياه الأنهار إلاّ أنه لم يحصل لها ميل إلى موضع تسيل إليه . ونسبة القنى إلى الآبار نسبة العيون السيالة إلى العيون الراكدة . قوله : { وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ } وهي الجبال ثوابت . قوله : { بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ } : يجوز فيه ما جاز في " خِلاَلَهَا " ، والحاجز : الفاصل : حجز بينهم يحجز أي : منع وفصل ، والمراد بالبحرين : العذب والملح : { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱلله } قرىء " أَإِلهٌ " بتحقيق الهمزتين وتخفيف الثانية ، وإدخال ألف بينهما تخفيفاً وتسهيلاً . وهذا كله معروف من أوّل هذا الكتاب ، { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } توحيد ربهم . قوله : { أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ } المضطر : اسم مفعول مأخوذ من اضطر ، ولا يستعمل إلا مبنياً للمفعول ، وإنّما كرر الجعل هنا ، ولم يشرك بين المعمولات في عامل واحد ، لأن كل واحدة من هذه مِنّة مستقلة ، فأبرزها في جملة مستقلة بنفسها ، قال الزمخشري الضرورة الحال المحوجة إلى الالتجاء ، والاضطرار : افتعال منها ، فيقال : اضطُرّ إلى كذا والفاعل والمفعول مضطر . فإن قيل : هذا يعم المضطرين ، وكم من مضطر يدعو فلا يجاب ، فالجواب : أنه ثبت في أصول الفقه أن المفرد المعرّف لا يفيد العموم ، وإنما يفيد الماهية فقط ، والحكم المثبت للماهية يكفي في صدقه ثبوته في فرد واحد من أفراد الماهية فقط ، فإنه تعالى وعد بالاستجابة ، ولم يذكر أنه يستجيب في الحال . قوله : " وَيَكْشِفُ السُوءَ " كالتفسير للاستجابة ، فإنّه لا يقدر أحد على كشف ما دفع إليه من فقر إلى غنى ومرض إلى صحة ، إلاَّ القادر الذي لا يعجز ، والقاهر الذي لا ينازع ، { وَيَجْعَلُكُمْ حُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ } اي : يورثكم سكناها والتصرف فيها قرناً بعد قرن ، وأراد بالخلافة الملك والتسليط . قوله { قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } قرأ أبو عمرو وهشام : " يَذكرُونَ " بالغيبة والباقون بالخطاب ، وهما واضحتان ، وأبو حيوة : " تَتَذكرون " بتاءين .