Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 67-75)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } يعني مشركي مكة ، " أَئِذَا " تقدم الكلام في الاستفهامين إذا اجتمعا في سورة الرعد . والعامل في " إِذَا " محذوف يدلّ عليه " لَمُخْرجُونَ " تقديره : نبعث ونخرج , ولا يجوز أن يعمل فيها " مُخْرجُونَ " لثلاثة موانع : الاستفهام ، وأنّ ، ولام الابتداء ، وفي لام الابتداء في خبر إنّ خلاف ، وذكر الزمخشري هنا عبارة حُلوة ، فقال : لأنّ بين يدي عمل اسم الفاعل فيها عقاباً ، وهي همزة الاستفهام ، وإن ، ولام الابتداء ، وواحدة منها كافية ، فكيف إذا اجتمعن ؟ وقال أيضاً : فإنْ قلت : لم قَدّم في هذه الآية " هذَا " على " نَحْنُ وآبَاؤُنَا " وفي آية أخرى قدّم " نَحْنُ وَآبَاؤُنَا " على " هَذَا " ؟ قلت : التقديم دليل على أن المقدّم هو المعنى المعتمد بالذكر وأن الكلام إنّما سيق لأجله : ففي إحدى الآيتين دلّ على اتخاذ البعث الذي هو يعمد بالكلام ، وفي الأخرى على اتخاذ المبعوث بذلك الصدد . و " آبَاؤُنَا " عطف على اسم كان ، وقام الفصل بالخبر مقام الفصل بالتوكيد . فصل " إِنَّا لَمُخْرَجُونَ " من قبورنا أحياء ، { لَقَدْ وُعِدْنَا هَـٰذَا نَحْنُ وَآبَآؤُنَا مِن قَبْلُ } أي : من قبل محمد : وليس ذلك بشيء ، " إِنْ هذَا " ما هذَا ، { إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } أحاديثهم وأكاذيبهم التي كتبوها ، { قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَاْنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ } . فإن قيل : لِمَ لَمْ يقل ( كيف كانت ) عاقبة المجرمين ؟ فالجواب أنّ تأنيثها غير حقيقي ، ولأنّ المعنى : كيف كان آخر أمرهم ؟ . فإن قيل : لِمَ لَمْ يقل عاقبة الكافرين ؟ فالجواب : أنّ هذا يحصل في التخويف لكل العصاة . ثم إنّه تعالى صبّر رسوله - صلى الله عليه وسلم - على ما يناله من الكفار ، فقال : { وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ } على تكذيبهم إيّاك ، { وَلاَ تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ } نزلت في المستهزئين الذين اقتسموا أعقاب مكة ، و " الضِّيقُ " : الحرج ، يقال : ضاق الشيء ضَيقاً وضِيقاً بالفتح والكسر . { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } ذكروا ذلك على سبيل السخرية فأجاب الله تعالى بقوله : { عَسَىٰ أَن يَكُونَ رَدِفَ } . قوله : " رَدِفَ لَكُمْ " فيه أوجه : أظهرها : أنَّ " رَدِفَ " ضُمّن معنى فعل يتعدى باللام ، أي : دَنا وقرب وأزف ، وبهذا فسّره ابن عباس ، و " بَعْضُ الَّذِي " فاعلٌ به ، وقد عدّي بـ ( من ) أيضاً على تضمنه معنى " دَنَا " ، قال : @ 3970 - فَلَمَّا رَدِفْنَا مِن عُمَيْرٍ وَصَحْبِهِ تَوَلَّوْا سِرَاعاً وَالمَنِيَّةُ تَعْنِقُ @@ أي : دنونا من عمير . والثاني : أنّ مفعوله محذوف واللام للعلّة : أي : ردف الخلق لأجلكم ولشؤمكم . الثالث : أنّ اللام مزيدة في المفعول تأكيداً كزيادتها في قوله : @ 3971 - أَنَخْنَا لِلْكَلاَكِلِ فَارْتَمَيْنَا @@ وكزيادتها في قوله : { لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ } [ الأعراف : 154 ] وكزيادة الباء في قوله تعالى : { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ } [ البقرة : 195 ] وعلى هذه الأوجة الوقف على " تَسْتَعْجِلُونَ " . الرابع : أن فاعل " رَدِفَ " ضمير الوعد ، أي : ردف الوعد ، أي : قرب ودنا مقتضاه و " لَكُمْ " خبر مقدّم ، و " بَعْضُ " مبتدأ مؤخر ، والوقف على هذا على " رَدِفَ " وهذا فيه تفكيك للكلام . والخامس : أنّ الفعل محمول على مصدره ، أي : الرادفة لكم ، وبعض على تقرير ردافة بعض ، يعني : حتى يتطابق الخبر والمخبر عنه ، وهذا أضعف مما قبله . وقرأ الأعرج : " رَدَفَ " بفتح الدال ، وهي لغة ، والكسر أشهر . { بَعْضُ ٱلَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ } من العذاب حل بهم ذلك يوم بدر . قوله : { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ } قال مقاتل : على أهل مكة ، حيث لم يعجل عليهم العذاب . والفضل : الإفضال ومعناه أنه متفضل ، وهذه الآية تبطل قول من قال : إنه لا نعمة لله على الكفار . قوله : " لاَ يَشْكُرُونَ " يجوز أن يكون مفعوله محذوفاً ، أي : لا يشكرون نعمه ، ويجوز أن لا يقدر بمعنى : لا يعترفون بنعمةٍ ، فعبّر عن انتفاء معرفتهم بالنعمة بانتفاء ما يترتب على معرفتها ، وهو الشكر . قوله : { وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ } العامة على ضم تاء المضارعة من : أَكنَّ ، قال تعالى : " أَوْ أَكْنَنْتُمْ " ، وابن محيصن وابن السميفع وحُميد بفتحها وضم الكاف ، يقال : كَنَنْتُهُ وَأَكْنَنْتُهُ ، بمعنى : أخفيت وسترت . قوله : { وَمَا مِنْ غَآئِبَةٍ } في هذه التاء قولان : أحدهما : أنّها للمبالغة ، كراويةٍ وعلاّمة ، وقولهم : ويل للشاعر من رواية السوء ، كأنه تعالى قال : وما من شيء شديد الغيبوبة والخفاء إلا وقد عَلِمه الله . والثاني : أنها كالتاء الداخلة على المصادر نحو : العافية والعاقية ، قال الزمخشري : ونظيرها الذبيحة والنطيحة والرّمية في أنها أسماء غير صفات . { إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } أي : في اللوح المحفوظ والمبين : الظاهر المبين لمن ينظر فيه من الملائكة .