Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 91-93)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : " إِنَّمَا أُمِرْتُ " أي : قل يا محمد إنما أمرت ( أي : أمرت ) أن أخص الله وحده بالعبادة ، ثم إنه تعالى وصف نفسه بأمرين : أحدهما : أنه رب هذه البلدة ، والمراد مكة ، وإنما خصها من بين سائر البلاد بإضافة اسمه إليها لأنها احب بلاده إليه وأكرمها ، عليه ، وأشار إليها إشارة تعظيم لها دالاً على أنها وطن نبيه ومهبط وحيه . قوله : " الَّذِي حَرَّمَهَا " هذه قراءة الجمهور صفة للربِّ ، وابن مسعود وابن عباس " الَّتِي " صفة للبلدة ، والسياق إنما هو للرب لا للبلدة ، فلذلك كانت قراءة العامة واضحة . والمعنى : جعلها الله حرماً آمناً لا سفك فيها دم ، ولا يظلم فيها أحد ، ولا يصطاد صيدها ولا يختلأ خلاؤها ، وله كل شيء خلقاً وملكاً ، وإنما ذكر ذلك لأن العرب كانوا معترفين بكون مكة محرمة ، وعلموا أن تلك الفضيلة ليست من الأصنام بل من الله فكأنه قال : لما علمت وعلمتهم أنه سبحانه هو المتولي لهذه النعم وجب عليّ أن أخصه بالعبادات ، و { أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } لله . قوله : { وَأَنْ أَتْلُوَ ٱلْقُرْآنَ } العامة على إثبات الواو بعد اللام ، وفيها تأويلان : أظهرهما : أنه من التلاوة وهي القراءة ، وما بعده يلائمه . والثاني : من التلو وهو الاتباع كقوله : { وَٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ } [ يونس : 109 ] ، وقرأ عبد الله : " وَأَنِ اتْلُ " أمراً له عليه السلام ، فـ " أنْ " يجوز أن تكون المفسرة وأن تكون المصدرية ، وصلت بالأمر ، وتقدم ما فيه . فصل المعنى : وأمرت أن أتلوَ القرآن ، ولقد قام بذلك صلوات الله عليه وسلامه أتم قيام " فَمَن اهْتَدَى " فيما تقدم من المسائل ، وهي التوحيد والحشر والنبوة ، { فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ } ، أي منفعة اهتدائه راجعة إليه ، " ومَنْ ضَلَّ " عن الإيمان وأخطأ طريق الهدى ، { فَقُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُنذِرِينَ } المخوفين فليس عليَّ إلا البلاغ ، نسختها آية القتال . قوله : " وَمَنْ ضَلَّ " يجوز أن يكون الجواب قوله : { فَقُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ } ، ولا بد من حذفِ عائدٍ على اسم الشرط أي : مِنَ المُنْذِرينَ لهُ ، لما تقدم في البقرة وأن يكون الجواب محذوفاً أي : فَوَبَالُ ضَلاَلِهِ عليه . قوله : { وَقُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } على ما أعطاني من نعمة العلم والحكمة والنبوة ، أو على ما وفقني من القيام بأداء الرسالة والإنذار ، " سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ " القاهرة ، " فَتَعْرِفُونَهَا " يعني يوم بدر من القتل والسبي ، وضرب الملائكة وجوههم وأديارهم ، نظيره قوله تعالى : { سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ } [ الأنبياء : 37 ] . وقال مجاهد : { سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ في السَّماواتِ والأَرْضِ وَفِي أَنْفُسِكُم } ، كما قال : { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ٱلآفَاقِ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ } [ فصلت : 53 ] " فتعرفونها " أي تعرفون الآيات والدلالات ، { وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } قرىء بالتاء والياء ، وهذا وعيد لهم بالجزاء على أعمالهم . روى أُبيّ بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : " من قرأ طسۤ النمل كان له من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق سليمان ، وكذب به ، وهود وشعيب وصالح وإبراهيم عليهم السلام ، ويخرج من قبره وهو ينادي : لا إله إلا الله " .