Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 89-90)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا } في " خَيْر " وجهان : أحدهما : أنها للتفصيل باعتبار زعمهم ، أو على حذف مضاف ، أي : خير من قدرها واستحقاقها " مِنْهَا " في محل نصب ، وألا يكون للتفصيل ، فيكون ( مِنْهَا ) في موضع رفع صفة لها . قوله { وَهُمْ مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ } قرأ أهل الكوفة " مِنْ فَزَع " بالتنوين ، " يَوْمَئِذٍ " بفتح الميم ، وقرأ الآخرون بالإضافة ، لأنه أعم فإنه يقتضي الأمن من جميع فزع ذلك اليوم وبالتنوين كأنه فزع دون فزع ، ويفتح أهل المدينة الميم من " يومَئذ " وتقدم في هود فتح " يَوْم " وجره و " إِذْ " مضافة للجملة حذفت وعوض عنها التنوين ، والأحسن أن تقدر يومئذ جاء بالحسنة ، وقيل : يومئذ ترى الجبال ، وقيل : يومئذ ينفخ في الصور ، والأولى أولى ، لقرب ما قدر منه . فصل لما تكلم في علامات القيامة شرح - بعد ذلك - أحوال المكلفين بعد قيام القيامة والمكلف إما أن يكوم مطيعاً أو عاصياً ، أما ( المطيع ، فهو ) الذي جاء بالحسنة وهي كلمة الإخلاص قال أبو معشر يحلف ما استثنى : إنّ الحسنة لا إله إلا الله وقيل : كل طاعة . { فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا } ، قال ابن عباس : يعني له من تلك الحسنة خير يوم القيامة ، وهو : الأمن من العذاب ، أما أن يكون له شيء خير من الإيمان ، فإنه ليس شيء خيراً من قوله لا إله إلا الله ، وقيل : خير منها يعني رضوان الله ، قال تعالى : { وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } [ التوبة : 72 ] ، وقال محمد بن كعب وعبد الرحمن بن زيد : خير منها يعني الأضعاف ، أعطاه الله بالواحدة عشراً ، فصاعداً ، وهذا حسن ، لأن للأضعاف خصائص وقيل : إن الثواب خير من العمل ، لأن الثواب دائم والعمل منقض ، ولأن العمل فعل العبد ، والثواب فعل الله . { وَهُمْ مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ } أي : آمنون من كل فزع ، فإن قيل : أليس قال - في أول الآية - { فَفَزِعَ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضَ } [ النمل : 87 ] ؟ فكيف نفى الفزع هاهنا ؟ فالجواب : أن الفزع الأول ما لا يخلو منه أحد عند الإحساس بشدة تقع أو هول يفجأ ، وإن كان المحسن يأمن وصول ذلك الضرر إليه ، وأما الثاني : فهو الخوف من العذاب . وأما من قرأ " مِنْ فَزَع " بالتنوين ، فهو محتمل معنيين : من فزع واحد ، وهو خوف العذاب ، وإما ما يلحق الإنسان من الرعب عند مشاهدته ، فلا ينفك عنه أحد . فإن قيل : الحسنة لفظة مفردة معرفة ، وقد ثبت أنها لا تفيد العموم ، بل يكفي في تحققها حصول فرد من أفرادها ، وإذا كان كذلك فلنحملها على أكمل الحسنات شأناً ، وأعلاها درجة وهو الإيمان ، ولهذا قال ابن عباس : الحسنة كلمة الشهادة ، وهذا يوجب القطع بأنه لا يعاقب أهل الإيمان ، فالجواب : ذلك الخير هو أن لا يكون عقابه مخلداً . و " أمن " يتعدى بالجار وبنفسه ، كقوله تعالى : { أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ } [ الأعراف : 99 ] . قوله : { وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ } يعني الإشراك { فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ } ، يجوز أن يكون ذكر الوجه إيذاناً بأنهم يكبون على وجوههم فيها منكبين ، يقال : كببت الرجل إذا ألقيته على وجهه فأكب وانكب . قوله : " هَلْ تُجْزُوْنَ " على إضمار قول ، وهذا القول حال مما قبله ، أي كُبَّتْ وجوههم مقولاً لهم ذلك القول .