Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 1-6)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
بسم الله الرحمن الرحيم قوله تعالى : " نَتْلُوا عَلَيْكَ " يجوز أن يكون مفعول " نَتْلُو " محذوفاً دَلَّت عليه صفته وهي : { مِنْ نَّبَإِ مُوسَىٰ } ( تقديره : نَتْلُو عَلَيْكَ شَيْئاً مِنْ نَبَأ مُوسَى ، ويجوز أن تكونَ " مِنْ " مزيدة على رأي الأخفش أي : نتلو عليك نبأ موسى ) . قوله : " بِالحَقِّ " يجوز أن يكون حالاً من فاعل " نَتْلُو " ، أو من مفعوله ، أي نَتْلُو عَلَيْكَ بَعْضَ خبرهما مُتلبسين أو مُتَلبساً بالحق أو متعلقاً بنفس " نَتْلُو " بمعنى : نَتْلُوه بسبب الحق و " لِقَوْم " متعلق بفعل التلاوة أي : لأجل هؤلاء : و " يُؤْمِنُونَ " يصدقون ، وخَصَّهُمْ بالذكر لأنهم قبلوا وانتفعوا . قوله : " إِنَّ فِرْعْونَ " هذا هو المتلُوّ جيء به في جملة مستأنفة مؤكدة . وقرىء " فِرْعَونَ " بضم الفاء وكسرها ، والكسر أحسن وهو الفسطاط ، { عَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } استكبر وتجبَّر { وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً } فرقاً وأصنافاً في الخدمة والتسخير ، يتبعونه على ما يريد ويطيعونه . قوله : يَسْتَضْعِفُ يجوز فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنه مستأنفٌ بيان لحال الأهل الذين جعلهم فرقاً وأصنافاً . الثاني : أنه حال من فاعل " جَعَلَ " أي : جعلهم كذا حال كونه مستضعفاً طائفة منهم . الثالث : أنه صفة لـ " طَائِفَةٍ " . قوله : " يُذْبِّحُ " يجوز فيه الثلاثة الأوجه : الاستئناف تفسيراً لـ " يَسْتَضْعِف " . أو الحال من فاعله أو صفة ثانية لـ " طَائِفَة " . والعامة على التشديد في " يُذَبِّح " للتكثير . وأبو حيوة وابن محيصن " يَذْبَح " مفتوح الياء والباء مضارع " ذَبَحَ " مخففاً . فصل المراد بالطائفة بنو إسرائيل ، ثم فسَّرَ الاستضعاف فقال : { يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ } ، سمَّى هذا استضعافاً ؛ لأنهم عجزوا وضعفوا عن دفعه عن أنفسهم ، { إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ } ذكروا في سبب ذبح الأبناء وجوهاً : قيل : إنَّ كاهناً قال له يُولَدُ مَوْلُود في بني إسرائيل في ليلة كذا ( يذهب ملكك ) على يده ، فولد تلك الليلة اثنا عشر غلاماً ، فقتلهم وبقي هذا العذاب في بني إسرائيل سنين كثيرة . قال وهب : قتل القبط في طلب موسى تسعين ألفاً من بني إسرائيل . وقال السدي : إنَّ فرعون رأى في منامه أنَّ ناراً أقبلت من بيت المقدس إلى مصر فأحرقت القبط دون بني إسرائيل . فسأل عن رؤياه فقيل له : يخرج من هذا البلد من بني إسرائيل رجل يكون هلاك مصر على يده ، فأمر بقتل الذكور ، وقيل : إن الإنبياء الذين كانوا قبل موسى عليه السلام بشروا بمجيئه فسمع فرعون بذلك فأمر بذبح أبناء بني إسرائيل . قوله : { وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ } فيه وجهان : أظهرهما : أنه عطفٌ على قوله : " إِنَّ فِرْعَوْنَ " عطفُ عليه على اسمية ، لأن كلتيهما تفسير للنبأ . الثاني : أنه حالٌ من فاعل " يَسْتَضْعِفُ " وفيه ضعف من حيث الصناعة ومن حيث المعنى ، أما الصناعة فلكونه ( مضارعاً ) مثبتاً فحقه أن يتجرد من الواو وإضمار مبتدأ قبله ، أي : ونحن نريك ، كقوله : @ 3974 - نَجَوْتُ وأَرْهَنهم مَالِكا @@ وهذا تكلُّفٌ لا حاجة إليه . وأما المعنى فكيف يجتمع استضعاف فرعون ، وإرادة المنّة من الله ، لأنه متى مَنَّ اللَّهُ عليهم تعذَّر استضعاف فرعون إياهم . وقد أجيب عن ذلك بأنه لما كانت المِنَّةُ بخلاصهم من فرعون سريعة الوقوع جعل إرادة وقوعها كأنها مقارنة لاستضعافهم . قوله : " وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً " قال مجاهد : دعاة إلى الخير ، وقال قتادة : ولاة وملوكاً كقوله تعالى : " وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً " ، وقيل : يهتدى بهم في الخير ، " وَنَجْعَلَهُمْ الوَارِثِينَ " يعني لملك فرعون وقومه يخلفونهم في مساكنهم . قوله : " وَنُمَكِّنَ " العامة على ذلك من غير لام علَّة ، والأعمش : وَلِنُمَكَّنَ " بلام العلة ومتعلقها محذوف ، أي : ولنمكن فعلنا ذلك ، والمعنى : نوطىء لهم في أرض مصر والشام ، ونجعلها لهم مكاناً يستقرون فيه ، وننفذ أمرهم ونطلق أيديهم ، يقال : مكَّن له إذا جعل له مكاناً يقعد عليه وأوطأه ومهده . قوله : { وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا } قرأ الأخوان : " وَيَرَى " بفتح الياء والراء مضارع ( رأى ) مسنداً إلى " فِرْعَوْنَ " وما عطف عليه فلذلك رفعوا ، والباقون بضم النون وكسر الراء مضارع ( أَرَى ) ، فلذلك نصب " فِرْعَونَ " وما عطف عليه مفعولاً أول ، " وَمَا كَانُوا " هو الثاني . و " مِنْهُم " متعلق بفعل الرُّؤية أو الإرادة ، لا بـ " يَحْذَرُونَ " لأَنَّ ما بعد الموصول لا يعمل فيما قبله ، ولا ضرورة بنا إلى أَنْ نقولَ اتسع فيه ، والحذر هو التوقي من الضَّرر ، والمعنى : وما كانوا خائفين منه . قوله : " أَنْ أَرْضِعِيهِ " يجوز أن تكون المفسرة والمصدرية ، وقرأ عمر بن عبد العزيز وعمر بن عبد الواحد بكسر النون على التقاء الساكنين ، وكأنه حذف همزة القطع على غير قياس فالتقى ساكنان ، فكسر أولهما .