Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 7-9)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ } وحي إلهام لا وحي نبوة ، قال قتادة : قذفنا في قلبها ، واسمها يوخابز ، وقيل أيادخا ، وقيل أيارخت قاله ابن كثير ، بنت لاوي بن يعقوب ، " أَنْ أَرْضِعِيْهِ " قيل : أرضعته ثمانية أشهر ، وقيل أربعة أشهر ، وقيل ثلاثة أشهر ، كانت ترضعه في حجرها وهو لا يبكي ولا يتحرك . { فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ } يعني من الذبح ، { فَأَلْقِيهِ فِي ٱليَمِّ } ، واليم البحر وأراد هنا النيل ، { وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِيۤ } قيل : ولا تخافي عليه من الغرق وقيل : من الضيعة ، " ولا تحزني " على فراقه ، فـ { إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ } لتكوني أنت المرضعة { وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } إلى أهل مصر والشام . قال المفسرون : إنها لما خافت عليه من الذبح ، وضعته في تابوت ، وألقته في النيل ليلاً . قال ابن كثير : وقيل إنها ربطت التابوت في حبل وكانت دارها على حافة النيل ، فكانت ترضعه ، فإذا خشيت من أحد وضعته في ذلك التابوت ، وأرسلته في البحر ، وأمسكت طرف الحبل عندها ، فإذا ذهبوا استرجعته إليها ، وكان لفرعونَ قوابل معهم رجال يطوفون على الحوامل ، فمن وضعت ذكراً ذبحوه ، فأرسلت أم موسى التابوت يوماً . وذهلت عن ربطه فذهب مع النيل . وقال ابن عباس وغيره : وكان لفرعون يومئذ بنت لم يكن له ولد غيرها ، وكانت من أكرم الناس عليه ، وكان بها برص شديد ، فقال له الأطباء : أيها الملك إنها لا تبرأ إلا من قبل البحر يؤخذ منه شبه الإنس ، فيؤخذ من من ريقه فيلطخ به برصها ، فتبرأ من ذلك ، وذلك يوم كذا وساعة كذا من شهر كذا حين تشرق الشمس ، فلما كان ذلك اليوم غدا فرعون من مجلس له كان على شفير النيل ، ومعه آسية بنت مزاحم بن عبيد بن الريان بن الوليد الذي كان فرعون مصر في زمن يوسف الصديق ، وهي امرأة فرعون . وقيل : كانت من بني إسرائيل من سبط موسى ، وقيل : كانت عمته ؛ حكاه السهيلي ؛ وأقبلت بنت فرعون في جواريها حتى جلست على شاطىء النيل ، إذ أقبل النيل بتابوت تضربه الأمواج ، فتعلق بشجرة ، فقال فرعون : ائتوني به ، فابتدروا بالسفن من كل جانب فوضعوه بين يديه ، فعالجوا فتحه ، فلم يقدروا عليه ، فنظرت آسية فرأت نوراً في جوف التابوت ولم يره غيرها , فعالجته ففتحته ، فإذا هو بصبي صغير في مهده ، وإذا نور بين عينيه ، فألقى الله محبته في قلوب القوم ، وعمدت ابنة فرعون إلى ريقه ، فلطخت به برصها ، فبرأت ، فقالت الغواة من قوم فرعون : إنَّا نظن أن هذا هو الذي نحذر منه ، رُمِيَ في البحر فرقاً منك فاقتله ، فهمّ فرعون بقتله ، فاستوهبته امرأة فرعون فترك قتله . وقوله : { فَٱلْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ } أي : جواريه . قوله : " لِيَكُونَ " في اللام الوجهان المشهوران : العلية المجازية بمعنى أن ذلك لما كانت نتيجة فعلهم وثمرته شبه بالداعي الذي يفعله الفاعل الفعل لأجله ، أو الصيرورة . قووله : " وَحَزَناً " قرأ العامة بفتح الحاء والزاي ، وهي لغة قريش ، والأخوان بضم وسكون وهما لغتان بمعنى واحد كالعَدَمَ والعُدْمِ : { إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَاطِئِينَ } العامة على الهمز ، مأخوذٌ من الخطأ ضد الصواب ، وقراء بياء دون هَمْزٍ ، فاحتمل أن يكون كالأول ، ولكن خُفِّفَ ، وأن يكون من خَطَا يَخْطُوا أي : تَجاوز الصَّوابَ . قوله : { قُرَّةُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ } فيه وجهان : أظهرهما : أنه خبر مبتدأ مضمر ، أي : هُو قُرَّة عينٍ . الثاني - وهو بعيد جداً - أن يكون مبتدأ والخبر " لاَ تَقْتُلُوهُ " . وكان هذا القائل حقه أن لا يُذكِّر ، فيقول : " لاَ تَقْتُلُوها " ، إلا أنه لما كان المراد مذكر ساغ ذلك ، والعامة من القراء والمفسرين وأهل العلم يقفون على " ولَكَ " . ونقل ابن الأنباري بسنده إلى ابن عباس عنه أنه وقف على " لاَ " أي : هو " قُرَّةُ عَيْنٍ لِي " فقط ، " وَلَكَ لاَ " ، أي : ليس هو لك قرة عين ، ثم يبتدىء بقوله " تَقْتُلُوه " ، وهذا لا ينبغي أن يصحَّ عنه ، وكيف يبقى " تَقْتُلُوه " من غير نون رفع ، ولا مُقْتَضى لحذفها ؟ ولذلك قال الفراء : هو لحن . قوله : { عَسَىٰ أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً } . كانت لا تلد , فاستوهبت موسى من فرعون ، فوهبه لها ، وقال فرعون : أَمَّا أنا فلا حاجة لي به ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو قال يومئذ قرة عين لي كما هو لَكِ ، لهداه الله كما هداها " وقال لآسية سميه ، قالت : سميته موسى لأنا وجدناه في الماء والشجر ، ( فَمُو هو الماء ، و ( شا ) هو البحر ، فذلك قوله : { فَٱلْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ } . والالتقاط : هو وجود الشيء ) . قوله : { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } جملة حالية ، وهل هي من كلام الباري تعالى وهو الظاهر ، أو من كلام امرأة فرعون ؟ كأنها لما رأت ملأه أشاروا بقتله ، قالت له كذا ؛ أي : افعل أنت ما أقول لك وقومك لا يشعرون أنا التقطناه - قاله الكلبي ، وجعل الزمخشري الجملة من قوله : { وَقَالَتِ ٱمْرَأَةُ فِرْعَوْنَ } معطوفة على " فَالتَقَطَهُ " والجملة من قوله : { إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ } إلى " خَاطِئِينَ " مُعترضة بين المتعاطفين ، وجعل متعلق الشعور من جنس الجملة المعترضة أي : لا يشعرون أنهم على خطأ في التقاطه ، أو أن هلاكهم على يديه ، قال أبو حيان : ومتى أمكن حَمْلُ الكلام على ظاهره من غير فصل كان أحسن .