Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 12-13)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا } قال مجاهد : هذا قول كفار مكة لمن آمن منهم وذلك أن الكافر يقول للمؤمن تصبر في الذل ، وعلى الإيذاء لأي شيء ولم لا تدفع عن نفسك الذل والعذاب بموافقتنا فيجيبه المؤمن بأن يقول خوفاً من عذاب الله على خطيئة مذهبكم فقالوا : لا خطيئة فيه وإن كان فيه خطئية فعلينا . قوله : " وَلْنَحْمِلْ " أمر في معنى الجنس ، قال الزمخشري : وهو في معنى من يريد اجتماع أمرين في الوجهين فيقول : ليكن منك العطاء ، ومني الدعاء . فقوله : " ولنحمل " أي ليكن منا الحِمْل ، وليس هو في الحقيقة أمر طلب وإيجاب وقرأ الحَسَن وعيسى بكسر لام الأمر ، وهو لغة الحجاز قال الزمخشري : " وَهذا قول صناديد قريش كانوا يقولون لمن آمن منهم لا نبعث نحن ، ولا أنتم ، فإن عسى كان ذلك فإنا نتحمل ( عنكم الإثم ) . قال أبو حيان : " هذا تركيب عجمي من جهة إدخال حرف الشرط وهي جامدة واستعمالها من غير اسم ، ولا خبر ، وإيلائها كان " . وقرأ العامة " خطاياكم " ، وداود بن هند : " من خطيئاتهم " جمع سلامة ، وعنه أيضاً : " خطيئتهم " بالتوحيد والمراد الجنس ، وهذا شبيه بقراءتي : { وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ } و " خطيئاته " وعنه أيضاً : " خطَئهم " - بفتح الطاء وكسر الياء ، يعني بكسر الهمزة القريبة من الياء لأجل تمهيدها بين بين ، و " من شيء " وهو مفعول بحاملين و " من خطاياهم " لما تقدم عليه انتصب حالاً . فصل معنى الآية اتبعوا سبيلنا أي ديننا وملة آبائنا ، ونحن الكفلاء بكل تبعية من الله تصيبكم وهو قوله : " ولنحمل خطاياكم " ، نظير هذه الصيغة : { فَلْيُلْقِهِ ٱلْيَمُّ بِٱلسَّاحِلِ } [ طه : 39 ] ثم أكذبهم الله تعالى فقال : { وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِّن شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } فيما قالوا . فإن قيل : قال : { وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِّن شَيْءٍ } وقال بعده : { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ } فنفى الحمل أولاً ، وأثبت الحمل ثانياً فكيف الجمع بينهما ؟ فالجواب : أن قول القائل في " حمل فلان وعن فلان " يريد : أن حمل فلان خف ، فإذا لم يخف حمله فلا يكون قد حمل عنه شيئاً ، فقوله : { وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِّن شَيْءٍ } يعني ( لا يرحمون ) ولا يرفعون عنهم خطيئة ، بل يحملون أوزار أنفسهم ، وأوزاراً بسبب إضلالهم ( لهم ) ، كقوله ( عليه الصلاة ) والسلام : " مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئةً فَعَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا منْ غَيْرِ أن يَنْقُصَ من وِزِرْهِ شَيْء " والمعنى : وليحملن أوزار أعمالهم التي عملوها بأنفسهم ، " أثقالاً مع أثقالهم " أي أوزاراً مثل أوزار من أضلوا مع أوزارهم ، كقوله : { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ } [ النحل : 25 ] . قوله : { وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } سؤال توبيخ وتقريع ، وذلك الافتراء يحتمل ثلاثة أوجه : أحدها : قولهم : " ولنحمل خطاياكم " كان لاعتقادهم أن لا خطيئة في الكفر ، ثم يوم القيامة يظهر لهم خلاف ذلك ، فيسألون عن ذلك الافتراء . وثانيها : أن قولهم " ولنحمل خطاياكم " كان لاعتقادهم أن لا حشر ، فإذا جاء يوم القيامة ظهر خلاف ذلك ، فيسألون يوقول لهم : أما قلتم : أن لا حشر . وثالثها : أنهم لما قالوا : نحمل خطاياكم يوم القيامة ، يقال لهم : فاحملوا خطايهم ، فلا يحملون ويسألون فيقال لهم : فَلِمَ افتريتم .