Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 31, Ayat: 8-11)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ … } الآية لما بين حال المُعْرِضِ عن سماع الآيات بين حال من يقبل على تلك الآيات بأنَّ لهم جناتِ النعيم . ولذلك عذاب مهين ووحد العذاب ، وجمع الجنات إشارة إلى أن الرحمة ( واسعة أكثر من الغضب ، ونكّر " العذاب " وعرف " الجنات " إشارة إلى أن الرحمة ) تبين النعمة وتعرفها ولم يبين النعمة وإنما نبه عليها تنبيهاً . قوله : " خَالِدِينَ " حال ، وخبر " إِنَّ " الجملة من قوله : " لَهُمْ جَنَّاتٌ " والأحسن أن يجعل " لَهُمْ " هو الخبر وحده ، و " جَنَّاتٌ " فاعل به ، وقرأ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ " خالدُونَ " بالواو فيجوز أن يكون هو الخبر والجملة أو الجارّ وحده حال ، ويجوز أن يكون ( " خالدون " ) خبراً ثانياً . قوله : " وَعْدَ اللَّهِ " مصدر مؤكد لنفسه ؛ لأن قوله : " لَهُمْ جَنَّاتٌ " في معنى وَعَدَهُم اللَّهُ ذَلِكَ ، و " حَقّاً " مصدر مؤكد لغيره ، أي لمضمون تلك الجملة الأولى ، وعاملها مختلف ، فتقدير الأولى وعد الله ذلك وعداً ، وتقدير الثاني : أُحِقُّ ذلك حَقّاً ، واعلم أنه لم يؤكد " العَذَاب المُهِين " , وأكد نعيم الجنات بقوله : { وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } " العزيز " في اقتداره " الحكيم " في أفعاله . قوله : { خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ } وهذا تبيين لقوّته وحكمته ، وقد تقدم الكلام على نظيرها في الوعد . واعلم أن أكثر المفسرين قال : إن السموات مبسوطةً كصُحُفٍ مستوية لقوله تعالى : { يَوْمَ نَطْوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ } [ الأنبياء : 104 ] . وقال بعضهم : إنها مستديرة وهو قول ( جميع ) المهندسين والغزاليُّ - رحمه الله - قال ونحن نوافقهم على ذلك فإن لهم عليها دليلاً من المحسوسات ومخالفة الحسّ لا يجوز وإن كان في الباب خبر نؤوله بما يحتمله فضلاً من ( أن ) ليس في القرآن والخبر مما يدل على ذلك صريحاً بل ما يدل عليه الاستدارة كقوله تعالى : { كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } [ الأنبياء : 33 ] " والفلك " اسم لشيء مستدير بل الواجب ان يقال : إن السماء سواء كانت مستديرةً أو صفحةً مستقيمة هو مخلوق بقدر الله لا بإيجاب وطبع ( وتقدم ) الكلام على نظير الآية إلى قوله : " كَرِيم " . والكريم الحسن ، أو ذي كرم لأنه يأتي كثيراً من غير حساب أو مُكْرِم مثل نَقِيصٍ للمُنْقِص . قوله : { هَـٰذَا خَلْقُ ٱللَّهِ } يعني هذا الذي ذكرت مما يُعَايِنُونَ خلق الله { فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ } من آلهتكم التي تعبدونها وتقدم " ماذا " الاستفهام في البقرة . { بَلِ ٱلظَّالِمُونَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } أي بين ، أو مبين للعاقل أنه ضلال ، والمراد بالظالمين المشركين الواضعين العبادة في غير موضعها .