Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 108-108)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
في " يَسْتَخفُون " : وجهان : أظهرُهُمَا : أنها مَستأنفة لمجرد الإخْبَار بأنهم يَطْلُبون التستُّر من الله - تعالى - بجهلهم . والثاني : أنها في مَحَلِّ نَصبٍ صفة لـ " مَنْ " { لا يحبُّ مَنْ كان خَواناً } وجُمِع الضَّمِير اعتباراً بمعناها إن جعلت " مَنْ " نكرةً موصوفة ، أو في مَحَلِّ نصب على الحَالِ مِنْ " مَنْ " إن جَعَلْتَها مَوصُولة ، وجُمِعَ الضميرُ باعتبار مَعْنَاها أيضاً . والاستخفاء الاستتار ، يقال استَخْفَيْت من فُلان : أي : توارَيْتُ منه واسْتَتْرتُ ؛ قال الله - تعالى - : { وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِٱلْلَّيْلِ } [ الرعد : 10 ] أي : مُسْتَتر ، ومعنى الآيَة : يَسْتَتِرُون من النَّاسِ ، ولا يَسْتَتِرُونَ من اللَّه . قال ابن عبَّاسٍ : يَسْتَحْيُون من النَّاس ، ولا يَسْتَحيون من اللَّه . قال الواحِدِي : هذا مَعْنًى وليس بِتَفْسير ؛ وذلك أنَّ الاستحْيَاء من النَّاس هو نفس الاسْتِخْفَاء ، فَلَيْس الأمْر كذلك . قوله : " وَهُو مَعَهُم " جملة حالية إمَّا من اللَّه - تعالى - ، أو من المُسْتَخْفِينَ ، وقوله : " معهم " أي : بالعِلْم ، والقُدْرَة ، والرُؤيَة ، وكَفَى هذا زاجراً للإنْسَان ، و " إذْ " منصوبٌ [ بالعامل - في ] الظَّرْفِ - الوَاقِعِ خبراً ، وهو " مَعَهُم " ومعنى : يُبَيِّتُون : يَتَقَوَّلون ، ويُؤلِّفُون ، ويضمرون في أذْهَانِهِم ، والتبييتُ : تدبير الفِعْل لَيْلاً ، والذي لا يَرْضَاه اللَّه من القَوْل ؛ هو أنَّ طعمة قال : أرمي اليَهُودي بأنَّه هو الَّذِي سرق الدِّرْع ، وأحْلِفُ أنِّي لمْ أسْرِقْها ، ويَقْبَل الرَّسُول يميني ؛ [ لأني ] على دِينهِ ، ولا يَقْبَل يَمين اليَهُودِي . فإن قيل : لِمَ سَمَّى التَّبْييت قولاً ، وهو مَعْنى في النَّفْسِ ؟ . فالجواب : أن الكلام الحَقِيقي هو المَعْنَى القَائِم بالنَّفْسِ ، وعلى هذا فلا إشْكَال ، ومن أنْكَر كلام النَّفْس ، قال : إن طعمة وأصْحَابه أجْمَعُوا في اللَّيْل ، ورَتَّبُوا كيْفِيَّة الحِيلة والمَكْر ؛ فسمَّى الله - تعالى - كلامَهُم ذلك بالقَوْل المُبَيَّت الذي لا يَرْضَاه ، ثم قال : { وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً } والمُراد به : الوَعِيد ؛ لأنهم وإن كانُوا يُخْفُون كَيْفيَّة المكر والخداع عن النَّاس ، فإنها ظَاهِرَة في عِلْم اللَّه ؛ لأنَّه - تعالى - مُحِيطٌ بجميع المَعْلُومات لا يَخْفَى عليه منها شيء .