Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 112-112)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قيل : المراد بالخَطِيئَةِ : سَرِقَةُ الدِّرْع ، وبالإثْمِ : يَمينه الكَاذِبَة . وقيل : الخَطِيئَةُ : الصَّغيرة ، والإثْم : الكَبِيرة . وقيل : الخَطِيئَة : ما لا يَنْبَغِي فِعْلُه سواءً كان بالعَمْد أو بالخَطَأ ، والإثْم : ما يَحْصُل بسبب العَمْد ؛ لقوله في الَّتِي قَبْلَها : { وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىٰ نَفْسِهِ } [ النساء : 111 ] فبيَّن أن الإثْم ما يَسْتَحِقُّ به العُقُوبَة . وقيل : هُما بمَعْنَى وَاحِد ، كرر لاخْتِلاَف اللَّفْظ تَأكِيداً . وقال الطَّبَرِيّ : الخَطِيئَة تكون عن عَمْد ، وعَنْ غَيْر عمد ، والإثْم لا يكون إلا عن عَمْد ، وقيل : الخَطِيئَة مَا لَمْ يُتَعَمَّد خاصَّة ؛ كالقَتْل الخَطَأ . قوله : { ثُمَّ يَرْمِ بِهِ } : في هذه الهَاءِ أقوالٌ : أحدُها : أنها تعود على " إثماً " لأنه الأقْرب ، والمتعاطفان بـ " أو " : يجُوز أن يعودَ الضَّمير على المَعْطُوف كهذه الآية ، وعلى المعطوف عليه ؛ كقوله : { وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا } [ الجمعة : 11 ] . والثاني : أنها تعودُ على الكَسْبِ المدْلُول عليه بالفعل ، نحو : { ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ } [ المائدة : 8 ] أي العدل . الثالث : أنها تعودُ على أحد المذكُورَيْن الدَّالِّ عليه العَطْفُ بـ " أو " فإنه في قُوَّة " ثم يَرْمِ بأحَدِ المذكُورَيْن " . الرابع : أنَّ في الكَلاَم حَذْفاً ، والأصْل : " ومن يكسب خطيئة ثم يرم بها " ؛ وهذا كما قيل في قوله : { وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا } [ التوبة : 34 ] أي : يَكْنزِون الذَّهب ، ولا ينفقونه . الخامس : أن يعُود على معنى الخَطِيئة ، فكأنَّه قال : ومن يَكْسِب ذَنْباً ثم يَرْم بِهِ ، وقيل : جَعَل الخَطِيئَة والإثْم كالشَّيْء الوَاحِد ، و " أو " هنا لتَفْصِيل المُبْهَمِ ، وتقدَّم له نَظَائرُ . وقرأ مُعاذُ بن جَبَل : " يَكسِّبْ " بِكسْر الكاف وتَشْدِيد السِّين ، وأصْلُها : يَكْتَسِبْ ، فأدغمت تَاءُ الافْتعال في السِّين ، وكُسِرت الكافُ إتباعاً ، وهذا شَبيهٌ بـ " يَخِطِّف " [ البقرة : 20 ] ، وقد تقدَّم تَوْجِيههُ في البقرة ، وقرأ الزهري : " خَطِيَّة " بالتَّشديدِ ، وهو قياسُ تَخْفِيفها . وقوله : { يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً } أي : يقْذِفُ بما جَنَى " بَريئاً " منه كما نُسِبَتِ السَّرِقَة إلى اليَهُودِي . [ قوله ] : { فَقَدِ ٱحْتَمَلَ بُهْتَاناً } البهتان : هو البهْت ، وهو الكَذِب الَّذي يتحيَّر في عِظمهِ ؛ لأنَّهُ إذا قيل للإنْسَان ، بُهت وتَحَيَّر . رَوَى مُسْلِمٌ ، عن أبِي هُرَيْرة ، " قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم : تَدْرُون ما الغيبة ؟ قالُوا : الله ورسُولُه أعْلَم ، قال : " ذِكْرُكَ أخَاكَ بما يَكْرَهُ " . قيل : أفَرَأيْت إن كَانَ في أخي ما أقول ؟ قال : " إن كان فيه ما تَقُول ، فَقَدِ اغْتَبْتَهُ ، وإن لم يَكُن فِيهِ ، فقد بَهَتَّهُ " " ؛ فرمْيُ البَرِيءِ بَهْتٌ له ، يقال : بَهَتَهُ بَهْتاً وَبُهْتَاناً ، إذا قَالَ عَنْه ما لم يَقُل ، وهو بَهَّاتٌ ، والمَفْعُول له : مَبْهُوتٌ ، ويُقَال : بَهِتَ الرَّجُل بالكَسْر ، إذا دُهشَ وتَحَيَّر ، وبَهُتَ بالضَّمِّ مثله ، وأفْصَحُ منها : بُهِتَ ؛ كقوله - تعالى - : { فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ } [ البقرة : 258 ] لأنَّه يُقَال : رَجُل مَبْهُوتٌ ، ولا يُقَال : باهِت ، ولا بَهِيتٌ ؛ قال الكسائي ، و " إثْماً مُبِيناً " أي : ذَنباً بَيِّناً .