Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 167-169)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله - تعالى - : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } الآية والجمهورُ على " وَصَدُّوا " مبنيًّا للفاعل ، وقرأ عكرمة وابن هُرْمُزٍ : " وَصُدُّوا " مبنيًّا للمفعول ، وهما واضحتانِ ، وقد قرئ بهما في المتواترِ في قوله : { وَصُدُّواْ } [ الرعد : 33 ] في الرعْد ، و { وَصُدَّ عَنِ ٱلسَّبِيلِ } [ غافر : 37 ] في غافر . والمراد كَفَرُوا بقوْلِهِم : لو كان رَسُولاً ، لأتى بِكِتَابٍ دَفْعَةً واحِدَةً من السَّماءِ ؛ كما أنْزِلَت التوراة على مُوسَى ؛ وقولهم : إنَّ الله - تعالى - ذكر في التَّوْرَاةِ ؛ أنَّ شَريعَة موسى لا تُبَدَّلُ ولا تُنْسَخُ إلى يَوْمِ القيامَةِ ، وقولهم : إنَّ الأنْبِيَاء لا يَكُونُون إلاَّ مِنْ وَلَد هَارُونَ وَدَاوُد ، وصَدِّهم عن سَبيلِ اللَّهِ : بِكِتْمَان نَعْت مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم . { قَدْ ضَلُّواْ ضَلاَلاً بَعِيداً } ، إلا أنَّ أشدَّ النَّاس ضلالاً من كَان يَعْتَقِدُ في نَفْسِهِ أنَّه مُحِقٌّ ، ثم يَتَوَسَّلُ بذلك الضَّلال إلى اكْتِسَابِ المالِ والجَاهِ ، ثم يَبْذُلَ جَهْدَهُ في إلْقَاءِ غيره في مِثْلِ ذلِك الضَّلالِ ، فهذا قَدْ بَلَغَ في الضَّلاَلِ إلى أقْصَى الغَايَاتِ . ولمَّا وصف الله ضلالهُم ، ذكر وعيدَهُم ؛ فقال : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ } بِكِتْمَان نَعْتِ مُحمَّد [ صلى الله عليه وسلم ] ، وظلموا أتْبَاعَهُم بإلْقَاءِ الشُّبُهَاتِ { لَّمْ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ } ، وقد تقدَّم الكلامُ على قوله " لِيَغْفِر لَهُم " وأن الفِعْلَ مع هَذِهِ اللاَّم أبْلَغُ مِنْهُ دُونَهَا . واعلم أنَّا إن حَمَلْنَا قوله : " إِنَّ الذينَ " على المَعْهُود السَّابِقِ لم يَحْتَجْ إلى إضْمَارِ شَرْطٍ في هذا الوَعِيد على أقْوَامٍ علِمَ اللَّهُ منْهُمْ أنَّهُم يمُوتُون على الكُفْرِ . وإنْ حَمَلْنَاهُ على الاسْتِغْرَاقِ ، أضَمَرْنَا فيه شَرْطَ عَدَم التَّوْبَةِ . قوله سبحانه : { وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ } في هذا الاسْتِثْنَاء قولان : أحدهما : أنه اسْتِثْنَاء مُتَّصِلٌ ، لأن [ المُرَادَ ] بالطَّرِيق الأوَّلِ : العُمُوم ، فالثَّانِي من جِنْسِهِ . والثاني : أنه مُنْقَطِعٌ إن أُريد بالطَّرِيق شَيْءٌ مَخْصُوصٌ ؛ وهو العمل الصَّالِحُ الذي يَتَوَصَّلُون به إلى الجَنَّة ، وانْتَصَب " خَالِدِين " على الحَالِ ، والعَامِلُ فيه مَعْنَى " لا يهديهم اللَّه " ؛ لأنه بِمَنْزِلَةِ : يُعَاقِبهُم خَالِدِين ، وانْتَصَب " أبَداً " على الظَّرْفِ ، { وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } أي : لا يتعذَّر عليْه شيءٌ .