Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 175-175)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فالمُراد : أنهم امتنعُوا به من زَيْغِ الشَّيْطَانِ ، { فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مَّنْهُ وَفَضْلٍ } . فصل قال ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنهما - : المراد بالرَّحْمَةِ الجَنَّة ، وبالفَضْلِ : ما يَتَفَضَّل به عليْهِم بمَا لا عَين رَأتْ ، ولا أذُن سَمِعَتْ ، [ ولا خَطَرَ على قَلْبِ بَشر ] . { وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } . قوله عزَّ وجَّل : { صِرَاطاً } : مفعولٌ ثان لـ " يَهْدِي " ؛ لأنه يتعدَّى لاثنين ؛ كما تقدم تحريره ، وقال جماعةٌ منهم مَكِّيٌّ : إنه مفعولٌ بفعْلٍ محذوف دلَّ عليه " يَهْدِيهم " ، والتقدير : " يُعَرِّفُهُمْ " . وقال أبو البقاء قريباً من هذا إلا أنه لم يُضْمِرْ فعلاً ، بل جعله منصوباً بـ " يَهْدِي " على المعنى ؛ لأنَّ المعنى يُعرِّفُهُم ، قال مكيٌّ في الوجه الثاني : " ويجوز أن يكون مفعولاً ثانياً لـ " يَهْدِي " ، أي : يَهْدِيهِم صِرَاطاً مستقيماً إلى ثوابه وجزائه " قال شهاب الدين : ولم أدْرِ لِمَ خَصَّصُوا هذا الموضِعَ دُونَ الذي في الفاتِحَةِ [ الآية : 3 ] ، واحتاجوا إلى تقدير فعل ، أو تضمينه معنى " يُعَرِّفُهُمْ " ؟ وأجاز أبو عليٍّ أن يكون منصوباً على الحال من محذوف ؛ فإنه قال : " الهاءُ في " إليه " راجعةٌ إلى ما تقدَّم من اسم الله ، والمعنى : ويَهْديهم إلى صراطه ، فإذا جعلنا " صِرَاطاً مُسْتَقِيماً " نصباً على الحال ، كانت الحالُ من هذا المحْذُوفِ " . انتهى ، فتحصَّل في نصبه أربعةُ أوجه : أحدها : أنه مفعول بـ " يَهْدِي " من غير تضمين معنى فعل آخر . الثاني : أنه على تضمين معنى " يُعَرِّفُهُمْ " . الثالث : أنه منصوبٌ بمحذوفٍ . الرابع : أنه نصبٌ على الحال ، وعلى هذا التقدير الذي قدَّره الفارسيُّ تقْرُبُ من الحالِ المؤكِّدة ، وليس كقولك : " تَبَسَّمَ ضَاحِكاً " ؛ لمخالفتِها لصاحبها بزيادة الصفةِ ، وإن وافقته لفظاً ، والهاءُ في " إلَيْهِ " : إمَّا عائدةٌ على " الله " بتقدير حذفِ مضافٍ ؛ كما تقدَّم من نحو : " ثوابِ " أو " صِرَاطه " ، وإمَّا على الفضلِ والرحمة ؛ لأنهما في معنى شيء واحد ، وإما عائدةٌ على الفضل ؛ لأنه يُراد به طريقُ الجنان .