Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 28-28)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
في هذه الجملة احتمالان : أصحُّهما : أنَّهَا مستأنفةٌ لا محلَّ لها من الإعراب . والثَّاني : أنَّهَا حال من قوله { وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ } [ النساء : 27 ] العامل فيها يريد أي : واللَّهُ يريد أن يتوبَ عليكم يريد أن يخفف عنكم ، وفي هذا الإعراب نَظَرٌ من وجهين : أحدهما : أنَّهُ يؤدِّي إلى الفصل بين الحال ، وبين عاملها بجملة معطوفة على جملة العامل في الحال ضمير تلك الجملة المعطوف عليها ، والجملةُ المعطوفة وهي { وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ } [ النساء : 27 ] جملة أجنبيّة من الحال وعاملها . والثَّاني : أنَّ الفعل الذي وقع حالاً رفع الاسم الظَّاهر فوقع الرَّبط بالظاهرِ ؛ لأن { يُرِيدُ } رفع اسم الله ، وكان من حقِّه أن يرفع ضميره ، والرَّبْطُ بالظَّاهِرِ إنَّمَا وقع بالجملة الواقعة خبراً أو وصلة ، أمَّا الواقعة حالاً وصفة فلا ، إلا أن يَردَ به سماع ، ويصير هذا الإعراب نظير : " بكر يخرج يضربُ بكر خالداً " ولم يذكر مفعول التخفيف فهو محذوف ، فقيل تقديره : يخفف عنكم تكليف النظر ، وإزال الحيرة ، وقيل : إثم ما يرتكبون ، وقيل : عام في جميع أحكام الشرع وقد سهل علينا كما قال تعالى { وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَٱلأَغْلاَلَ ٱلَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ } [ الأعراف : 157 ] وقال عليه السلام : " بعثت بالحنفية السمحة " وقال { يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ } [ البقرة : 185 ] وقال { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } [ الحج : 78 ] وقال مجاهد ومقاتل : المراد به [ إباحة ] نكاح الأمة عند الضرورة . قوله تعالى : { وَخُلِقَ ٱلإِنسَانُ ضَعِيفاً } والمعنى أنه لضعفه خفف تكليف ، والأقرب أن يحمل هذا الضعف على كثرة الدواعي إلى اتباع الشهوة واللذة لا على ضعيف الخلقة [ لأن ضعيف الخلقة ] لو قوى الله داعيته إلى الطاعة كان في حكم القوي والقوي في الخلقة إذا كان ضعيف الدواعي إلى الطاعة صار في حكم الضعيف ، فالتأثير في هذا الباب لضعف الداعية وقوتها لا لضعف البدن . قال طاوس والكلبي وغيرهما : في أمر النساء لا يصبر عنهن . وقال ابن كيسان : خلق الله الإنسان ضعيفاً أي بأن تستميله شهوته . وقال الحسن : المراد ضعيف الخلقة وهو أنه [ خلقه ] من ماء مهين . وقال تعالى { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ } [ الروم : 54 ] . فصل وفي نصب ضعيفاً أربعة أوجه : أظهرها : أنه حال من الإنسان وهي حال مؤكدة . والثاني : - كأنه تمييز قالوا : لأنه يصلح لدخول " مِنْ " وهذا غلط . الثالث : - أنه على حذف حرف الجرِ ، والأصل : خلق من شيء ضعيف ، أي : من ماء مهين ، أو من نطفة ، فلما حُذِفَ الموصوف وحرف الجر وَصَلَ الفعل إليه بنفسه فنصبه . الرابع : - وإليه أشار ابن عطية ، أنه منصوب على أنه مفعول ثانٍ بـ " خلق " قالوا : ويصح أن يكون خلق بمعنى " جُعِلَ " فيكسبها ذلك قوة التعدي إلى المفعولين فيكون قوله " ضعيفاً " مفعولاً ثانياً ، وهذا الذي ذكره غريب لم نرهم نَصُّوا على أن خلق يكون كـ " جعل " فيتعدى لاثنين مع حصرهم الأفعال المتعدية للاثنين ، ورأيناها يقولون : إن " جَعَلَ " إذا كان بمعنى " خَلَقَ " تعدت لواحد . فصل روي عن ابن عباس أنه قال : ثماني آيات في سورة النساء خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت قوله تعالى { يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ } [ النساء : 26 ] { وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ } [ بالنساء : 27 ] { يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ } و { إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ } [ النساء : 31 ] { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ } [ النساء : 48 ] { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } [ النساء : 40 ] ، { وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ } [ النساء : 110 ] و { مَّا يَفْعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمْ } [ النساء : 147 ] .