Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 37-37)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

في : { ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ } سَبْعَة أوجه : أحدها : أن يكُون مَنْصُوباً بدلاً مِنْ " مَنْ " ، وجُمِعَ حَمْلاً على المَعْنَى . الثاني : أنه نَصْب على البَدَل من { مُخْتَالاً } وجُمِعَ أيضاً لما تقَدَّم . الثالث : أنه نُصِبَ على الذَّمِّ . قال القرطبِي : ويجوز أن يكُون مَنْصُوباً بإضْمَار " أعْنِي " ، وقالَ : ولا يجوز أن يكون صِفَة ؛ لأن " مَنْ " و " ما " لا يوصفان ولا يُوصَفُ بهما . الرابع : أنه مُبْتَدأ وفي خَبَره قولان : أحدُهُما : محذوف فَقَدَّرهُ بعضُهم : " مبغضون " لدلالة { إن الله لا يحب } [ وبعضهم : ] " معذبون " ؛ لقوله : { وأعتدنا للكافرين عذاباً } . وقدَّره الزمخشري " أحقَّاء بكل مَلاَمَة " ، وقدره أبو البَقَاء : أُولَئِكَ أوْلِيَاؤُهُم الشَّيْطَان . والثاني : أن قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } [ النساء : 40 ] ويكون قوله : [ { وَٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَـآءَ ٱلنَّاسِ } ] [ النساء : 38 ] عطفاً على المُبْتدأ والعَائِد مَحْذُوفٌ ، والتقدير : الذين يَبْخَلُون ، والَّذين يُنْفِقُون أموالهم ، [ رئاء النَّاسِ ] { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } [ النساء : 40 ] ، [ أو مثقال ذرة ] لَهُم ، وإليه ذَهَب الزَّجَّاج وهذا متكَلَّف جدًّا ؛ لكثرة الفَواصِل ولقَلَقِ المَعْنَى أيضاً . الخامس : أنه خبر مُبْتَدأ مُضْمَر ، أي : هم الذين . السادس : أنه بَدَلٌ من الضَّميرِ المستكن في { فَخُوراً } ذكره أبو البَقَاء ، وهو قلق . السابع : أنه صِفَة لـ " مَنْ " ؛ كأنه قيل : لا يُحِبُّ المختالَ الفَخْور البَخِيل . وفي البخل أرْبَع لُغاتٍ : فتح الخَاءِ والبَاء مثل الكَرَم ، وبها قرأ حَمْزَةُ والكسائي ، وبِضمِّهَا ذكره المُبرِّد ، وبها قرأ الحَسَنُ وعِيسَى بن عُمَر ، وبفتح البَاءِ وسُكُون الخَاء ، وبها قرأ قتادةُ وابن الزبير ، وبضم الباء وسكون الخاء ، وبها قرأ الجمهور . والبُخْلُ والبَخَلُ ؛ كالحُزْنِ والحَزَن ، والعُرْبِ والعَرَبِ . قوله : { بِٱلْبُخْلِ } فيه وجْهَان : أحدهما : أنه مُتَعلِّق بـ " يَأمُرُونَ " ، فالبَاء للتَّعْدِية على حَدّ أمرتك بِكَذَا . والثَّاني : أنها باء الحاليّة والمأمور مَحْذُوف ، والتَّقْدير : ويأمرون النَّاسَ بشكرهم مع التباسِهِم بالبُخْل ، فيكون في المعنَى ؛ لقول الشَّاعر : [ البسيط ] @ 1795 - أجْمَعْتَ أمْرَيْنِ ضَاعَ الحَزْمُ بَيْنَهُمَا تِيهَ المُلُوكِ وأفْعَالَ المَمَالِيكِ @@ فصل قال الواحدي : البُخْلُ في كلامِ العَرَب عبارة عن مَنْع الإحْسَان ، وفي الشَّرِيعَةِ عبارة عن مَنْعِ الوَاجِبِ . قال ابن عبَّاس : نزلت في اليَهُود ، بخلوا بِبَيَان صِفَة محمَّد صلى الله عليه وسلم وكَتمُوها . وقال سعيد بن جبير : هَذَا في كِتْمَان العِلْمِ . وقال ابن عبَّاسٍ وابن زيد : نَزَلَتْ في كردم بن يزيد ، وحُيَيٍّ بن أخْطَب ، ورِفَاعة بن التَّابُوت وأسَامة بن حَبِيبٍ ، ونَافِع بن أبِي نافع ، وبحري بن عمرو ، وكانُوا يأتُون رجالاً من الأنْصَارِ يُخَالِطُونَهُم ، فيقولون : لا تُنْفِقُوا أموالكُم ، فإنّا نَخْشَى عليكم الفَقْرَ ولا تَدْرُون مَا يَكُون ، فأنزل هذه الآية . وقيل : إنها عَامَّة في البُخْلِ بالعِلْم والدِّين والمَالِ : لأن البخل مَذْمُومٌ واللفظ عامٌّ . قال القرطبي : والمراد بهذه الآيَةِ في قَوْل ابن عبَّاس وغيره : اليَهُود ؛ لأنهم جمَعُوا بين الاختيال والتَّفاخر ، والبخل بالمَالِ ، وكِتْمَان ما أنْزَل اللَّه في التَّوْرَاة من صِفَةِ محمَّد صلى الله عليه وسلم ، وقيل المراد : المُنَافِقُون الذي كان إنْفاقهم وإيمانهم تقية . قوله : { وَيَكْتُمُونَ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } يعني المال ، وقيل : يَبْخَلُون بالصَّدَقَة ، وقوله : { مِن فَضْلِهِ } ، يجوز أن يتعلَّق بـ { آتَاهُمُ } أو بمَحْذُوف على أنه حالٌ من " مَا " ، أو من العَائِد عَلَيْها . قال تعالى { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً } فصَّل الله - تعالى - تَوعُّدَ المؤمنين البَاخِلين من تَوَعُّد الكَافِرِين ، بأن جعل الأوَّل عدم المَحبَّة ، والثَّاني عذاباً مُهِيناً .