Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 39-39)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : " وماذا عليهم " . قد تقدم الكلام على نَظِيرتِها ، و " ماذا عليهم " استفهام بمعنى الإنكار . قال القرطبي : " ما " : في موضع رفع بالابتداء ، و " ذا " خبره ، و " ذا " بمعنى الَّذِي ، وهذا يحتمل أن يكُون الكلام قد تَمَّ هنا ، ويجوز أن يكونُ " وماذا " اسماً واحداً ، ويكون المَعنى أي : وأيُّ شيء عليهم في الإيمانِ باللَّهِ ، أو ماذا عَلَيْهم من الوَبَال والعَذَابِ يَوْم القِيَامَة . ثم استأنف بقوله : { لَوْ آمَنُواْ } ويكُون جَوَابُهَا مَحْذُوفاً ، أي : حصلت لهم السَّعَادة ، ويحتمل أن يَكُون [ تمام ] الكَلاَم بـ " لو " ومَا بَعْدَها ، وذلك على جَعْل " لو " مصدريَّة عند من يُثْبِتُ لها ذلك ، أي : وماذا عليهم في الإيمان ، ولا جَواب لها حينئذٍ ، وأجاز ابن عطيَّة أن يَكُون { وَمَاذَا عَلَيْهِمْ } جواباُ لـ " لَوْ " ، فإن أراد من جهة المَعْنَى فمُسلَّمٌ وإن أرادَ من جهة الصِّنَاعة فَفَاسِدٌ ؛ لأن الجواب الصِّنَاعي لا يتَقدّم عند البَصْرِيِّين ، وأيضاً فالاستفهام لا يُجَاب بـ " لو " ، وأجاز أبُو البَقَاء في " لو " أن تكُون بمعنى " إن " الشَّرطيّة ؛ كما جاء في قوله : { وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ } [ البقرة : 221 ] أي : وأيُّ شيءٍ عليهم إن آمَنُوا . قال الجبائي : ولو كانوا غَيْرَ قَادِرين ، لم يجز أن يقُول اللَّه ذلِك ؛ كما لا يُقالُ لمن هُو في النَّار مُعَذَّب : ماذا عليهم لَوْ خَرَجُوا مِنْها ، وصَارُوا إلى الجَنَّة ، وكما لا يُقال للجَائِع الذي لا يَقْدِر على الطَّعام : ماذا عَلَيْه لو أكَل . [ وقال الكعبي ] لا يجوز أن يَمْنَعه القُدْرة ، ثم يَقُول : ماذا عَلَيْه لو آمَنَ ، كما [ لا ] يقال لمن بِه مَرَضٌ : ماذا عليه لَوْ كَانَ صَحِيحاً ، ولا يُقَال للمرأة : ماذا عليها لو كَانَت رَجُلاً ، وللقَبيح : ماذا عَلَيْه لو كان جَمِيلاً كما لا يَحْسُن هذا القَوْل من العَاقِل ، كذلك لا يَحْسُن من اللَّه - تعالى - . وقال القَاضِي عبد الجَبَّار : لا يُجوز أن يأمر العاقل وكيله بالتَّصَرُّف في الصَّفَقَة ، ويَحْبِسهُ بحيث لا يتمكَّنُ من مُفارقة الحَبْسِ ، ثم يقولُ لَهُ : مَاذَا عليك لو تصَرَّفْت ، وإذا كان من يَذكر مثل هذا الكلام [ سفيهاً ] دل ذلك على أنَّه على اللَّه - تعالى - غير جَائِزٍ واعلم أن مِمَّا تمسَّك به المُعْتَزِلة من المَدْح والذَّمِّ والثَّواب والعِقَاب ، معارضتهم بمسْألة العِلْم والدَّاعِي . قال ابن الخَطِيب : قد يَحْسُن منه ما من غيره ؛ لأن المُلْك مُلْكُه . ثم قال : { وَكَانَ ٱللَّهُ بِهِم عَلِيماً } أي : عليم ببواطنِ الأمُور كما هو عَليمٌ بِظَاهِرِها ، وهذا كالرَّدْع للمكلَّف عن القَبَائح من أفْعال القُلُوبِ ؛ مثل النِّفاق والرِّيَاء والسُّمْعَة .