Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 47, Ayat: 7-9)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ } أي إن تنصروا دينَه وتَنْصُروا رَسُولَهُ يَنْصُرْكُمْ على عدوكم . وقيل : إنْ تنصُرُوا حِزْبَ اللهِ وفَرِيقَهُ . قوله : " ويُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ " قرأ العامة ويثبت مشدداً . وروي عن عاصم تخفيفه من أثْبَتَ . والمعنى : ويُثَّبِّتْ أقْدَامَكُمْ عند القتال . قوله : { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } يجوز أن يكون مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره : فَتَعِسُوا وأُتْعِسُوا ، بدليل قوله : { فَتَعْساً لَّهُمْ } وقوله : " فتعساً " منصوب بالخبر . ودخلت الفاء تشبيهاً للمبتدأ بالشرط . وقدر الزمخشري الفعل الناصب لـ " تعساً " فقال : لأن المعنى يقال تعساً أي فقَضَى تَعْساً لَهُمْ . قال أبو حيان : وإضمار ما هو من لفظِ المصدر أولى . والثاني : أنه منصوب بفعل مقدر يفسره " فَتَعْساً لَهُمْ " ، كما تقول : زَيْدٌ جَدَعاً لَهُ . كذا قال أبو حيان تابعاً للزمخشري . وهذا لا يجوز لأن " لهم " لا يتعلق بـ " تَعْساً " ، إنما هو متعلق بمحذوف لأنه بيان أي أعني عنهم . وتقدم تحقيق هذا . فإن عيَّنا إضماراً من حيثُ مُطْلَقُ الدَّلالة لا من جهة الاشتغال فمُسَلَّم ، ولكن تأباه عبارتُهُما وهي قولهما : منصوب بفعل مضمر يفسره " فتعساً لهم " . و " أَضَلَّ " عاطف على ذلك الفعل المقدر أي أتْعَسَهُمْ وأَضَلَّ أعمالهم والتَّعْسُ ضدّ السَّعْدِ ، يقال : تَعَسَ الرَّجُل بالفتح تَعْساً ، وأَتْعَسَهُ اللهُ ، قال مُجَمَّعٌ : @ 4465ـ تَقُولُ وَقَدْ أَفردْتُهَا عَنْ خَليلِهَا تَعَسْتَ كَمَا أَتْعَسْتَنِي يَا مُجَمَّعُ @@ وقيل : تعس بالكسر عن أبي الهَيْثَم وشَمِرٍ وغيرهما . وعن أبي عبيدة : تَعسهُ واتْعَسَهُ مُتَعَدِّيَانِ ، فهُما مَّما اتُّفِقَ فِيهِما فَعَلَ وأَفْعَلَ . وقيل : التعس ضد الانتعاش ، قال الزمخشري ( رحمه الله تعالى ) : وتعساً له نقيض لَعَا لَهُ يعني أن كلمة " لَعَا " بمعنى انْتَعَشَ قال الأعشى : @ 4466ـ بِذَاتِ لَوْث عَفْرَنَاةٍ إذَا عَثَرَتْ فَالتَّعْسُ أَدْنَى لَهَا مِنْ أَنْ أَقُولَ لعَا @@ وقيل : التعْسُ الهَلاَك . وقيل التعس الجَرُّ على الوجه ، والنّكْسُ الجر على الرأس . فصل قال ابن عباس : صَمْتاً لهم ، أي بُعْداً لهم . وقال أبو العالية : سُقُوطاً لهم . وقال ابن زيد : شقاءً لهم وقال الفراء : هو نصب على المصدر على سبيل الدعاء . وقيل : في الدنيا العَثْرَةُ ، وفي الآخرة التَّردِّي في النار . ويقال للعاثر : تَعْساً إذا لم يريدوا قيامه وضده لمَا إذا أرادوا قيامه . وأضل أعمالهم ؛ لأنها كانت في طاعة الشيطان ، وهذا زِيَادَةٌ في تقوية قُلُوبِهِمْ ؛ لأنه تعالى قال : لَكُم الثباتُ ولهم الزوالُ والتَّعَثُّر . قوله : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ } يجوز أن يكون " ذلك " مبتدأ ، والخبر الجار بعده ، أو خبر مبتدأ مضمر ، أي الأمر ذلك بسبب أنهم كرهوا . أو منصوب بإضمار فعل أي فَعَلَ بهم ذَلِكَ بسبب أنهم كرهوا فالجار في الوجْهَيْنِ الأخيرين منصوب المحل والمعنى : ذلك التعس والإضلال بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم والمراد أنهم كرهوا القرآن ، أو كرهوا ما أنزل الله من بيان التوحيد فلم يعرفوا العَمَل الصَّالِحَ بل أشركوا ، والشرك يحبط العمل ، قال تعالى : { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } [ الزمر : 65 ] وقيل : كرهوا ما أنزل الله من بيان أمر الآخرة فلم يعملوا لها والدنيا وما فيها وما لها باطل ، فأحبط الله أعمالهم .