Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 104-104)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول } أي في تحليل الحَرْثِ والأنعامِ ، وبيان الشرائع والأحكام ، قالُوا : حَسْبُنَا ما وجدنَا عليه آباءَنَا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون وهذا رد على أصحاب التقليد . قوله تعالى : { حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَآ } " حَسْبُنَا " مبتدأ ، وقد تقدَّم أنه في الأصلِ مصدرٌ ، والمرادُ به اسمُ الفاعل ، أي : كَافِينَا ، وتفسيرُ ابن عطية له بـ " كَفَانَا " تفسيرُ معنًى ، لا إعراب ، و " مَا وَجَدْنَا " هو الخبر ، و " مَا " ظاهرُها أنها موصولة اسميةٌ ، ويجوز أن تكون نكرةً موصوفةً ، أي : كَافِينَا الذي وجدنا ، و " وَجَد " يجوز أن يكون بمعنى المُصَادفة ، فـ " عَلَيْهِ " يجوز فيه وجهان : أحدهما : أنه متعلق بـ " وَجَدْنَا " وأنه متعدٍّ لواحد . والثاني : أنه حال من " آباءَنَا " ، أي : وجدناهم مُسْتَقِرينَ عليه ، ويجوز أن يكون بمعنى العلْمِ ، فيتعدَّى لاثنين ثانيهما " عَلَيْهِ " . وقوله : { أَوَلَوْ كَانَ } قد تقدَّم إعراب هذا في البقرة [ الآية 170 ] ، وأنَّ " لَوْ " هنا معناها الشرط ، وأنَّ الواوَ للحال ، وتقدَّم تفسيرُ ذلك كلِّه ؛ فأغنى عن إعادته ، إلاَّ أنَّ ابن عطيَّة قال هنا : " ألِفُ التوقيفَ دخلَتْ على واو العَطْف " قال شهاب الدين : تسميةُ هذه الهَمْزةِ للتوقيفِ فيه غرابةٌ في الاصطلاحِ ، وجعلَ الزمخشريُّ هذه الواو للحالِ ، وابنُ عطيَّة جعلها عاطفةً ، وتقدَّم الجمعُ بين كلامهما في البقرة ، واختلافُ الألفاظِ في هاتين الآيتينِ - أعْنِي آيةَ البقرةِ ، وآية المائِدَة - مِنْ نَحْو قوله هناك : " اتَّبِعُوا " وهنا " تَعَالَوْا " وهناك " ألْفَيْنَا " وهنا " وَجَدْنَا " من باب التفنُّن في البلاغة . واعلم : أنَّ الاقْتِدَاء إنَّما يَجُوزُ بالعالِمِ المُهْتَدِي ، وهو الذي قولُهُ مَبْنِيٌّ على الحُجَّةِ والدَّليل ، فإن لمْ يكُنْ كذلِكَ لم يَكُنْ عالماً مهتدياً ، فلا يَجُوزُ الاقْتِدَاءُ به .