Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 58-58)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

[ الضَّمير في " اتَّخَذُوها " يجُوزُ ] أن يعودُ على الصَّلاة وهو الظَّاهِر ، ويجُوز أن يَعُود على المَصْدَرِ المفهُوم من الفِعْل ، أي : اتَّخَذُوا المُنَاداة ، ذكره الزَّمَخْشَرِي ، وفيه بُعْدٌ ؛ إذ لا حاجة مع التَّصْريح بما يَصْلُح أن يَعُود عليه الضَّمِير ، بخلافِ قوله تعالى : { ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ } [ المائدة : 8 ] . فصل قال الكلبي : كان مُنَادِي رسول الله - صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم - ، إذا نَادَى إلى الصَّلاة وقام المُسْلِمُون إليها ، قالت اليَهُود : قاموا لا قَامُوا ، وصلُّوا لا صلُّوا على طريق الاسْتهْزَاء وضَحِكوا ، فأنْزَل اللَّه هذه الآية الشَّرِيفة ، وقال السُّدِّي : نزلت في رَجُلٍ من النَّصَارى بالمدِينة ، كان إذا سَمِعَ المُؤذِّن يقول : أشْهَدُ أن محمَّداً رسُول الله - قال : حُرق الكَاذِبُ ، فدخل [ خادمه ] ذاتَ لَيْلَة بنارٍ وهو وأهْله نِيَام فتطايَرَتْ منها شَرارة ، فاحْتَرَق البَيْتُ وأهْلُه . وقال آخَرُون : إن الكُفَّار لما سَمِعُوا الأذَان حَسَدُوا المُسْلِمين ، فَدَخلُوا على رسُول الله - صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم - وقالُوا : يا محمَّد : لقد ابتدَعْتَ شَيْئاً لم يُسْمَع به فيما مَضَى من الأمَمِ ، فإن كنت تَدَّعي النُّبُوة فقد خَالَفْت فيما أحْدَثَت الأنبياء قَبْلَك ، ولو كان فيه خَيْراً لكان أولى النَّاس به الأنبياء ، فمن أين لك صياحٌ كصياحِ العير ، فما أقبح من صوت ، وما أسْمَج من أمْر ، فأنْزَل الله هذه الآية ، ونزل : { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ } [ فصلت : 33 ] قالوا : دلَّت هذه الآيةُ على ثُبُوت الأذَان بِنَصِّ الكِتَاب لا بالْمَنام وحْدَه . قال القُرْطُبِي : قال العُلَمُاء - رضي الله عنهم - ولم يكن الأذَانُ بمكَّة قَبْل الهِجْرة ، وإنما كانوا يُنَادُون " الصَّلاة جَامِعَة " ، فلما هَاجَر النَّبِيُّ - صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم - ، وصُرفت القِبْلَة إلى الكَعْبَة أمِرَ بالأذَان ، وبقي " الصَّلاة جَامِعَة " للأمر ، وكانَ النبي - صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم - قَدْ أهمَّه أمر الأذانِ حتى أُرِيَهُ عبد الله بن زَيْد ، وعُمر بن الخطاب وأبُو بكر الصِّدِّيق - رضي الله عنهم - وقد كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم - سمع الأذَان ليلة الإسْرَاء إلى السَّمَاء ، وأما رُؤيا عبد اللَّه بن زَيْد وعمر - رضي الله عنهما - فمشهورة ، وأمر النَّبِيُّ - صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم - بلالاً فأذَّن بالصَّلاة أذانَ اليَوْم ، وزَادَ بلالٌ في الصُّبْح " الصَّلاة خَيْرٌ من النَّوْمِ " ، فأقرَّها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم - ، وليست فيما رَآه الأنْصَاري ، ذكره ابن سعْد عن بن عمر - رضي الله عنهما - ، ثمَّ ذكر الدَّارَقُطْنِيُّ ؛ أن الصِّدِّيق - رضي الله عنه - أري الأذان ، وأنَّه أخبر النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم - ، وأنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم - أمر بِلالاً بالأذَانِ قَبْل أن يُخْبِرَه عَبد الله بن زَيْد ، ذكره الدَّارقُطْنِي في كتاب " المدبج " لَهُ في حَدِيث النَّبِي - صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم - عن أبِي بَكْر الصِّدِّيق - رضي الله عنه . قوله تعالى : " ذَلِكَ بأنَّهُم " مُبْتَدأ وخبر ، أي : ذَلِك الاسْتِهْزَاء مُسْتِقِرٌّ ؛ بسبب عدم عَقْلِهِم .