Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 56, Ayat: 83-96)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ } . ترتيب الآية الكريمة : فلولا ترجعونها - أي النَّفس - إذا بلغت الحلقوم إن كنتم غير مدينين . و " لولا " الثانية مكررة للتوكيد قاله الزمخشري . قال شهاب الدين : فيكون التقدير : فلولا فلولا ترجعونها من باب التوكيد اللفظي ، ويكون " إذا بلغت " ظرفاً لـ " تَرْجعُونها " مقدماً عليه ؛ إذ لا مانع منه ، أي فلولا ترجعون النَّفس في وقت بلوغها الحُلْقُوم . وقوله : { وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ } . جملة حالية من فاعل " بلغت " . والتنوين في " حينئذٍ " عوض من الجملة المضاف إليها أي : إذا بلغت الحلقوم ، خلافاً للأخفش ، حيث زعم أن التنوين للصَّرف ، والكسر للإعراب . وقد مضى تحقيقه . وقرأ العامة : بفتح نون " حينئذ " لأنه منصوب على الظرف ، ناصبه " تنظرون " وعيسى : بكسرها . وهي مشكلة لا تبعد عن الغلط عليه ، وخرجت على الإتباع لحركة الهمزة . ولا عرف في ذلك ، فليس بأبعد من قرأ : " الحَمْدِ لله " بكسر الدال لتلازم المتضايفين ، ولكثرة دروهما على الخصوص . فصل في تحرير معنى الآية قال المفسرون : معنى الآية فهلا إذا بلغت النفس ، أو الروح الحلقوم ، ولم يتقدم لها ذكر ؛ لأن ذلك معروف . قال حاتم : [ الطويل ] @ 4714 - أمَاويُّ ما يُغْنِي الثَّرَاءُ عن الفَتَى إذَا حَشْرَجَتْ يَوْماً وضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ @@ وفي الحديث : " إنَّ مَلَكَ المَوْتِ لهُ أعْوانٌ يَقْطعُونَ العُرُوق ، ويَجْمَعُونَ الرُّوح شَيْئاً فَشَيْئاً حتَّى ينتهي بها إلى الحُلْقُومِ ، فيتوفَّاها ملكُ الموتِ " . { وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ } أمري وسلطاني . وقيل : تنظرون إلى الميت لا تقدرون له على شيء . قال ابن عباس : يريد من حضر من أهل الميِّت ينتظرون متى تخرج نفسه . ثم قيل : هو رد عليهم في قولهم لإخوانهم : { لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ } [ آل عمران : 156 ] ، فهلاَّ ردوا روح الواحد منهم إذا بلغت الحُلْقُوم . وقيل : المعنى فهلاَّ إذا بلغت نفس أحدكم الحُلْقُوم عند النَّزْع ، وأنتم حضور أمسكتم روحه في جسده مع حرصكم على امتداد عمره ، وحبكم لبقائه ، وهذا رد لقولهم : { نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ ٱلدَّهْرُ } [ الجاثية : 24 ] . قوله : { وَنَحْنُ أَقْرَبُ } . يجوز أن يكون حالاً ، أي : تنظرون في هذه الحال التي تخفى عنكم . وأن تكون مستأنفة ، فيكون اعتراضاً ، والاستدراك ظاهر . والبصر يجوز أن يكون من البَصِيْرَة ، والمعنى : ونحنُ أقرب إليه منكم بالقدرة والعلم والرُّؤية . قال عامر بن عبد قيس : ما نظرت إلى شيء إلاَّ رأيت الله - تعالى - أقرب إليَّ منه . وأن يكون من البصر ، أي لا تنظرون أعوان ملك الموت ، والمعنى : أن رسلنا الذين يتولون قبض روحه أقرب إليه منكم لكن لا ترونهم . قوله : { فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ } . " إن كنتم " شرط ، جوابه محذوف عند البصريين لدلالة " فلولا " عليه ، أو مقدم عند من يرى ذلك كما تقدم تقريره . والمعنى : فهلا كنتم غير محاسبين ، ولا مجزيين بأعمالكم ، ومنه قوله تعالى : { أَإِنَّا لَمَدِينُونَ } [ الصافات : 53 ] ، أي : مجزيّون أو محاسبون . وقد تقدم . وقيل : غير مملوكين ، ولا مقهورين . قال الفراء وغيره : دِنْتُه ، ملكته . قال الحطيئة : [ الوافر ] @ 4715 - لَقَدْ دُيِّنْتِ أمْرَ بَنِيكِ حَتَّى تَرَكْتِهِمُ أدَقَّ مِنَ الطَّحِينِ @@ يعني : مُلِّكْتِ . ودانه : أي أذله واستعبده ، يقال : دنْتُه فدان . ومنه دانت له البلاد والعباد ، وقد تقدم في " الفاتحة " عند قوله " يوم الدِّين " . قوله : { تَرْجِعُونَهَآ } . قال أبو البقاء : " تَرْجعُونَها " جواب " لولا " الأولى ، وأغنى ذلك عن جواب الثانية . وقيل : بعكس ذلك . وقال الزمخشري : " إنّ " لولا " الثانية تكرير " . انتهى . قال شهاب الدين : وتسمية مثل هذا جواباً ليس بصحيح ألبتة ؛ لأن هذه تحضيضية لا جواب لها ، إنما الجواب للامتناعية لوجود ، نحو : { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } [ النور : 21 ] . وقال ابن عطية : وقوله : " ترجعونها " سدّ مسدّ الأجوبة والبيانات التي تقتضيها التحضيضيات ، وإذا في قوله " فَلوْلاَ إذَا " ، وإن المتكررة ، وحمل بعض القول بعضاً إيجازاً واختصاراً . انتهى . فجعل " إذا " شرطية ، وقوله بالأجوبة يعني لـ " إذا " ، ولـ " إن " في قوله : { إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ } ، { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } . والبيانات : يعني الأفعال التي حضض عليها ، وهي عبارة قلقة . قال أبو حيان : " و " إذا " ليست شرطاً ، بل ظرفاً يعمل فيها " ترجعونها " المحذوف بعد " فلولا " لدلالة " ترجعونها " في التحضيض الثاني عليه ، فجاء التحضيض الأول مقيداً بوقت بلوغ الحلقوم ، وجاء التَّحضيض الثاني معلقاً على انتفاء مربوبيتهم ، وهم لا يقدرون على رجوعها ، إذ مربوبيتهم موجودة فهم مقهُورون ، لا قدرة لهم " . انتهى . فجعل " ترجعونها " المذكور لـ " لولا " الثانية ، وهو دال على محذوف بعد الأولى ، وهو أحد الأقوال التي نقلها أبو البقاء فيما تقدم . وقوله : { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } . شرط آخر ، وليس هذا من اعتراض الشرط على الشرط نحو : " إن ركبت إن لبست فأنت طالق " حتى يجيء فيه ما تقدم في هذه المسألة ؛ لأن المراد هنا : إن وجد الشرطان كيف كانا فهل رجعتم بنفس الميت ؟ . [ وقال القرطبي : { ترجعونها إن كنتم صادقين } يرجع الروح إلى الجسد إن كنتم صادقين ، أي : ولن ترجعونها فبطل ] زعمكم أنكم غير مملوكين ، ولا محاسبين ، و " تَرْجعُونها " جواب لقوله تعالى : { فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ } ، ولقوله : { فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ } وأجيبا بجواب واحد . قاله الفرَّاء ، وربما أعادت العرب الحرفين ومعناهما واحد ، ومنه قوله تعالى : { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } [ البقرة : 38 ] ، أجيبا بجواب واحد ، وهما شرطان . والمعنى : إن كان الأمر كما تقولون : إنه لا بعث ، ولا حساب ، ولا إله يجازي ، فهلاَّ تردون نفس من يعزّ عليكم إذا بلغت الحلقوم ؟ وإذا لم يمكنكم ذلك فاعلموا أن الأمر إلى غيركم وهو الله عز وجل . قاله البغوي . وقيل : حذف أحدهما لدلالة الآخر عليه . وقيل : فيها تقديم وتأخير ، مجازها : " فلولا وهلا إن كنتم غير مدينين ترجعونها تردّون نفس الميت إلى جسده إذا بلغت الحلقوم " . ثم ذكر طبقات الخلق عند الموت وبين درجاتهم ، فقال : { فَأَمَّآ إِن كَانَ } . قد تقدَّم الكلام في " أمَّا " أول الكتاب . وهنا أمر زائد ، وهو وقوع شرط آخر بعدها . واختلف النحاة في الجواب المذكور بعدها ، هل هو لـ " أما " أو لـ " أن " وجواب الأخرى محذوف لدلالة المنطوق عليه والجواب لهما معاً ؟ ثلاثة أقوال : الأول : لسيبويه . والثاني : للفارسي في أحد قوليه ، وله قول آخر لسيبويه . والثالث : للأخفش . وهذا كما تقدم في الجواب بعد الشرطين المتواردين . وقال مكي : " ومعنى " أما " عند أبي إسحاق الخروج من شيء إلى شيء ، أي : دع ما كُنَّا فيه ، وخذ في غيره " . وعلى هذا فيكون الجواب لـ " إن " فقط ، لأن " أما " ليست شرطاً ، ورجح بعضهم أن الجواب لـ " أمَّا " لأن " إن " كثر حذف جوابها منفردة فادعاء ذلك مع شرط آخر أولى . قوله : { فَأَمَّآ إِن كَانَ } . الضمير في " كان " و " كان " و " كان " للمتوفى ، لدلالة " فلَوْلاَ ترجعونها " ، والمراد بالمقربين : السابقين لقوله تعالى { وَٱلسَّابِقُونَ ٱلسَّابِقُونَ أُوْلَـٰئِكَ ٱلْمُقَرَّبُونَ } [ الواقعة : 10 ] . قوله : { فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ } . قرأ العامة : " فَرَوْحٌ " بفتح الراء . وقرأ ابن عباس ، وعائشة ، والحسن ، وقتادة ، ونصر بن عاصم ، والجحدري ورويس وزيد عن يعقوب وجماعة : بضم الراء . وتروى عن النبي صلى الله عليه وسلم . فمن قرأ بالفتح ، فمعناه : فله روح ، وهو الرَّاحة . وهو قول مجاهد . وقال سعيد بن جبير : فرج . وقال الضحاك : مغفرة ورحمة " وريحان " : استراحة . وقال مجاهد وسعيد بن جبير : رزق . قال مقاتل : [ هو الرزق بلغة ] " حِمْير " . يقال : خرجنا نطلب ريحان الله ، أي : رِزْقَه . وقيل : هو الريحان الذي يشم . قال أبو العالية : لا يفارق أحد من المقربين الدنيا حتى يُؤتى بغُصْنٍ من ريحان الجنة فيشمه ثم تقبض روحه . وقال أبو بكر الورَّاق : الرَّوح : النَّجاة من النار والرَّيحان : دخول دار القرار . وقد تقدَّم الكلام على " رَيْحَان " وكيفية تعريفه في السورة قبلها . وقوله : " فَرَوْحٌ " مبتدأ ، خبره مقدر قبله ، أي : فله روح ، ويجوز أن يقدر بعده لاعتماده على فاء الجزاء . قوله : { وأما إن كان من أصحاب اليمين ، فسلامٌ لك من أصحاب اليمين } . " فسلام لك " مبتدأ وخبر . و " من أصحاب " . قال الزمخشري : " فسلام لك يا صاحب اليمين من إخوانك أصحاب اليمين ، أي : يسلمون عليك " . وقال ابن جرير : " فسلام لك أنت من أصحاب اليمين " . وهذا يحتمل أن يكون كقول الزمخشري ، ويكون " أنت " تأكيداً للكاف في لك ، ويحتمل أن يكون أراد أن " أنت " مبتدأ ، و " من أصحاب " خبره ، ويؤيد هذا ما حكاه قوم من أن المعنى فيقال لهم : سلام عليكم لك إنك من أصحاب اليمين . وأول هذه الأقوال هو الواضح البين ؛ ولذلك لم يعرج أبو القاسم على غيره . فصل في المقصود بهذا السلام قال القرطبي : { فَسَلاَمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } أي : لست ترى منهم إلاَّ ما تحب من السلامة فلا تهتمّ ، فإنهم يسلمون من عذاب الله . وقيل : المعنى : سلام لك منهم ، أي : أنت سالم من الاهتمام لهم ، والمعنى واحد . وقيل : إن أصحاب اليمين يدعون لك يا محمد بأن يصلي الله عليك ويسلم . وقيل : معناه : سلمت أيها العبدُ ممَّا تكره ، فإنك من أصحاب اليمين فحذف إنك . وقيل : إنه يُحَيَّا بالسلام إكراماً . فعلى هذا في محل السلام ثلاثة أقاويل : أحدها : عند قبض روحه في الدنيا يسلم عليه ملك الموت . قاله الضحاك . قال ابن مسعود : إذا جاء ملك الموت لقبض روح المؤمن ، قال : ربك يقرئك السلام . الثاني : عند مساءلته في القبر يسلّم عليه منكر ونكير . الثالث : عند بعثه في القيامة يسلم عليه الملك قبل وصوله إليها . قال القرطبي : " ويحتمل أن يسلم عليه في المواطن الثلاثة ، ويكون ذلك إكراماً بعد إكرام " . قوله : { وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُكَذِّبِينَ } بالبعث " الضَّالين " عن الهدى ، وطريق الحق { فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ } كما قال : { ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا ٱلضِّآلُّونَ ٱلْمُكَذِّبُونَ لآكِلُونَ } [ الواقعة : 51 - 52 ] إلى أن قال : { ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِّنْ حَمِيمٍ } [ الصافات : 67 ] . قوله : { وَتَصْلِيَةُ } . قرأ أبو عمرو في رواية اللؤلؤي عنه ، وأحمد بن موسى ، والمنقري : بجر التاء عطفاً على " حميم " ، أي : ونزل من تصلية جحيم . والمعنى : إدخال في النَّار . وقيل : إقامة في الجحيم ، ومقاساة لأنواع عذابها . يقال : أصلاه النَّار وصلاه ، أي : جعله يصلاها . والمصدر هنا أضيف إلى المفعول ، كما يقال : لفلان إعطاء مال ، أي : يعطي المال . قوله : { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ حَقُّ ٱلْيَقِينِ } . أي : هذا الذي قصصناه محضُ اليقين وخالصه . وجاز إضافة الحق إلى اليقين ، وهما واحد لاختلاف لفظهما ، وذلك من باب إضافة المترادفين على سبيل المبالغةِ . قال المبرد : هو كقولك : عين اليقين وحق اليقين . فهو من باب إضافة الشيء إلى نفسه عند الكوفيين ، وإن كانوا فعلوا ذلك في اللفظ الواحد ، فقالوا : صواب الصواب ، ونفس النفس مبالغة ، فلأن يفعلوا عند اختلاف اللفظ أولى . وعند البصريين بمعنى : حق الأمر اليقين ، أو الخبر اليقين . وقيل : هو توكيد ، كقولك : حق الحق ، وصواب الصواب . قاله ابن عطية . وقيل : أصل اليقين أن يكون نعتاً للحق فأضيف المنعوت إلى النَّعت على الاتِّساع والمجاز ، كقوله تعالى : { وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ } [ النحل : 30 ] . قال ابن الخطيب : " هذه الإضافة كقولك : ثوب كتان ، وباب ساجٍ بمعنى ثوب من كتان ، وباب من ساجٍ ، أي : لهو الحق من اليقين " . ويحتمل أن يكون المعنى : أنه الحق الذي يستحقه اليقين ، كقوله عليه الصلاة والسلام : " أمِرْتُ أن أقَاتِلَ النَّاس حتَّى يقُولُوا : لا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ ، فإذا قالُوهَا عَصَمُوا منِّي دمَاءَهُمْ وأمْوالهُمْ إلاَّ بحقِّهَا " . فالضمير يرجع إلى الكلمة ، أي : إلا بحق الكلمة ، ومن حق الكلمة أداء الزكاة والصلاة ، فكذلك حق اليقين ، بالاعتراف ، أي : بحق اليقين . والمعنى : أنه يعترف بما قال الله - تعالى - في سورة " الواقعة " ، وفي حق الأزواج الثلاثة ، وعلى هذا المعنى إن اليقين لا يحق إلاَّ إذا صدق بما قاله ، فالتصديق حق اليقين الذي يستحقه . قوله : { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ } . أي : نزّه الله - تعالى - عن السُّوء . و " الباء " يجوز أن تكون للحال ، أي : فسبِّح ملتبساً باسم ربِّك على سبيل التبرك كقوله : { وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ } [ البقرة : 30 ] ، وأن تكون للتعدية على أن " سبح " يتعدى بنفسه تارةً ، كقوله : { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ } [ من سورة الأعلى : 1 ] وبحرف الجر تارة كهذه الآية . وقال القرطبي : " والباء زائدة ، أي : سبح اسم ربك " . وادعاء زيادتها خلاف الأصل . و " العظيم " يجوز أن يكون صفة للاسم ، وأن يكون صفة لـ " ربك " ؛ لأن كلاًّ منهما مجرور ، وقد وصف كل منهما في قوله : { تَبَارَكَ ٱسْمُ رَبِّكَ ذِي ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ } [ الرحمن : 78 ] و " ذي الجَلالِ " . ولتقارب المتضايفين ظهر الفرق في الوصف . فصل في تحرير معنى الآية قيل : معنى " فسبح " أي فصل بذكر ربك وبأمره . وقيل : فاذكر اسم ربك العظيم وسبحه . " وعن عقبة بن عامر قال : لمَّا نزلت : { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ } قال النبي عليه الصلاة والسلام : " اجْعَلُوها في رُكُوعِكُمْ " . ولما نزلت : { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ } قال النبي صلى الله عليه وسلم : " اجْعَلُوها في سُجُودِكُمْ " " . أخرجه أبو داود . وروى أبو طيبة عن عبد الله بن مسعود قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم [ يقول ] : " مَنْ قَرَأ سُورَة الواقِعَة في كل ليلة لم تُصِبْهُ فاقةٌ أبَداً " وكان أبو هريرةٍ لا يدعُها أبداً . وعن مسروق قال : " منْ أرَاد أن يتعلم نبأ الأولين والآخرين ، ونبأ أهل الجنة ، ونبأ الدنيا ، ونبأ الآخرة ، فليقرأ سورة الواقعة " . والله تعالى أعلم .